قليلاً ما يفكر بك الآخرون إلّا إذا
كانوا في حالة اضطرارية، وإذا قدّمت لهم فكرة فأنت بحاجة لتشرحها لهم بنفسك لأن
كثيراً من الناس لا يقتنع بالأفكار المكتوبة على الورق مهما كان الجهد المبذول في
كتابتها، وفي الأسطر القليلة الآتية أقدم فكرة برنامج كنت قد اقترحته على قناة
فضائية (ما) فهو مهم لأنه يُطلع الأمة على قضايا حسّاسة وهي كيف تقدم الدراسات
العربية والإسلامية في الغرب كما تسعى إلى تحقيق مشاركة حقيقية وفعّالة للمسلمين
فيما يخصهم من قضايا فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية.
وعنوان هذا البرنامج هو (الدراسات
العربية والإسلامية في الغرب، مراكز دراسات الشرق ومعاهدها ومراكز البحوث
والدراسات الإستراتيجية) والسبب في أهمية هذا البرنامج أن الغرب ولئن كان قد تخلّى
عن الاستشراق) فإنه لم يتخلّ عن المسمّى الذي انتقل إلى عشرات التخصصات في
الجامعات ومراكز البحوث في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا. وقد خصصت ندوة
أصيلة في العامين الماضيين ندوتها السنوية لبحث إنشاء معهد لدراسة الولايات
المتحدة الأمريكية في أصيلة، وقد تقرر إنشاء المعهد وبدأت التبرعات تنهال على
الهيئة التي ستقوم على تنفيذ الفكرة (لم ينشأ المعهد بعد)
فهذا المعهد الوحيد بهذا الاسم يقابله عشرات
المعاهد في الغرب حول العالم الإسلامي. ولذلك فإن الطريقة العملية لإقناع العالم
الإسلامي بضرورة دراسة الغرب وجعله ذاتاً مدروسة والتخلص من عقد النقص المتجذرة في
العالم الإسلامي هو في إجراء استطلاع حول الدراسات العربية والإسلامية في المعاهد
والأقسام العلمية في الجامعات الغربية. وفي هذه الزيارات الاستطلاعية للمعاهد
والأقسام والمراكز يمكننا أن نجري الحوارات مع رؤساء الأقسام والمعاهد والمراكز
وكذلك مع بعض أعضاء هيئة التدريس، ومع الطب. وهذا البرنامج سوف يخدمنا من الناحية
الإعلامية بإظهار مدى اهتمام العالم بالعالم الإسلامي الأمر الذي يستتبع أن نتوجه
نحن لدراسته، كما أنه يتيح لنا الفرصة للتعرف على هذه المعاهد من الداخل،
وإمكاناتها العلمية والمادية.
ويمكننا أن نبدأ مثل بالعواصم الكبرى مثل
واشنطن ولندن وباريس وبون ثم ننتقل إلى المدن الأصغر أو يتم تسجيل حلقات البرنامج
ثم يتم التنويع في عرض هذه الحلقات.
ويمكن للبرنامج أن يحقق أكثر من هدف وهو
أن نبدأ بحديث موجز عن أهمية معرفة الذات من خلال القرآن والسنة، وما جاء في
القرآن والسنة من التوجيه لمعرفة الآخر ويؤكد أن الغرب حرص على معرفة الشعوب
الأخرى معرفة دقيقة مبنية على الدراسات العلمية الدقيقة، ويمكن للبرنامج أن يحقق
أيضاً دعوة الغربيين إلى أن يرسلوا باحثيهم لدراسة العالم الإسلامي في الجامعات
الإسلامية أو أن يكون هناك إشراف مشترك بحيث يستفيد الباحث الغربي من الإقامة في
العالم الإسلامي وأن يتم اختيار أستاذة من الدعاة الثقاة للمشاركة في هذا
البرنامج.
ويمكن أن نضيف إلى البرنامج أيضاً
المعاهد الإسلامية في الغرب مثل معهد العلوم الإسلامية والعربية في واشنطن التابع
لجامعة الإمام، والجامعة العربية الإسلامية (المعهد العالمي للفكر الإسلامي) وغيرها
من المراكز مثل أكاديميات الملك فهد فهذه تحقق لنا بعض التسهيلات بإذن الله.
والبرنامج لن يكلف الكثير في إعداده
وتصويره فإن الإعداد لجيد لهذا البرنامج يمكن أن تجعله بعدة حلقات في مدينة واحدة
بإمكانات محدودة لا تتجاوز مقدم البرنامج ومخرجه وعدد قليل من الفنيين. ولمعظم
القنوات الفضائية العربية أو الشبكات الكبرى فروع في العواصم الأوروبية وكم سارعت
هذه القنوات في تغطية حفلات الغناء وغيرها من المهرجانات الفنية في هذه العواصم
العالمية. فلو كانت القناة الفضائية أو الشبكات تغطي مهرجاناً للسينما فإنها في
الوقت نفسه تستطيع أن تزور الجامعات في المناطق القريبة.
إننا بحاجة إلى أن نعرف العالم ونعرف ماذا
يقدم في الدول الغربية من دراسات حول العالم الإسلامي وأن يكون لنا وجود حقيقي في
هذه المراكز ولعل برنامجاً مثل هذا البرنامج يساعد في توجيه الجامعات العربية
الإسلامية للاهتمام أكثر بالدراسات الأوروبية والأمريكية من منظور إسلامي فنحن أمة
الشهادة والأمة الوسط فكيف لنا أن نشهد على غيرنا دون معرفة حقيقية؟
تعليقات
إرسال تعليق