April
9, 2011 at 12:45 PM
ما دامت زياراتي
قد تعددت للجزائر فإنها حفلت بلحظات جميلة رائعة كما حفلت بلحظات صعبة، وسأبدأ
باللحظات الجميلة، فقد خرجت من الفندق متوجهاً إلى مديرية الوثائق في قسنطينة
وسألت أحدهم في الطريق ، فقال أنا أوصلك إلى المكان، وهناك نسأل واستفسرنا فقيل
إن اسمها ليزآرشيفز Les Archives
فعرفنا المكان وكان الوقت باكراً فالساعة لم تصل الثامنة والنصف صباحاً، فذهبنا
لنشرب فنجاناً من القهوة، وعندما أردت أن أدفع قال لي ما يصحش،(لا يصح) قلت له:
نعم لا يصح، فقلت له ولكنك خدمتني كفاية ، قال نحن إخوة، وعرفت منه أنه لا عمل له
وقد كان في جيش التحرير سبع سنوات، ويقال لا بد لنا من حرب تحرير أخرى لنقضي على الفساد
والفرنسة.
فعندما وجدت هذا التعامل الجميل تذكرت أن
على الإنسان أن يفعل الخير كما قال الشاعر (من يفعل الخيـر لا يعـدم جوازيـهُ لا يذهبُ العرفُ بين الله والناس) كما
قال الشاعر زهير بن أبي سلمى: ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يُستغنَ عنه ويُذمَم
فحمدت
الله عز وجل أنني كنت أؤمن بتقديم ما أستطيع فوجدت أنني ألقى خيراً مما قدمت
والحمد لله.
والطريف أن المجاهد قال إنهم بحاجة إلى
سبع سنوات تحرير جديدة لمحاربة الفساد بينما اللوحات المضاءة ليلا تقول عكس ذلك أو
تبرئ الجبهة من أي فساد وفيما يأتي بعض هذه اللوحات:
-حزب
جبهة التحرير يؤكد على نزاهة وكفاءة والتزام مناضليه .
-الثورة
الاشتراكية صنعها المناضلون الاشتراكيون.
-جبهة
التحرير الوطني هي القوة المسيرة للمجتمع، المنظمات الجماهيرية امتداد طبيعي للحزب
-التضامن
العربي الإفريقي يدعم كفاح شعوب العالم الثالث.
-مساندة
فعّالة لحركات التحرر في العالم.
ولا بد أن أذكر أنني لقيت خدمات جلّى من
زملائي في الخطوط السعودية في فرعها في الجزائر حيث مساعدتي في العثور على حجز في
أحد الفنادق الجيدة بالتخفيض الذي يعطى حول العالم لموظفي الطيران، أو تمديد الحجز
لدى أحد الفنادق، وتسيير حجزي للعودة وكذلك مساعدتي في حمل أثقالي من الكتب
والمجلات فعلى الرغم من أنني حملت كثيراً من الكتب فلم أدفع غرامة الوزن الزائد.
ومن الجوانب الإيجابية أنني أدين لكثير من
الجزائريين بتزويدي بعدد هائل من الكتب والمجلات والقصاصات ولم يبخلوا عليّ مطلقاً
بمساعدة. كما وجدت لديهم الدعم المعنوي والتشجيع ومن التشجيع ما قاله لي الدكتور
أبو القاسم سعد الله ذات مرة:" لقد جمعت من المادة العلمية ما يكفي لأكثر من
ماجستير ولا يستطيع غيرك في نفس المدة التي قضيتها في الجزائر أن يجمع ما
جمعت." حتى إن أحد أصدقاء أخي عبد
الكريم رحمه الله وهو الدكتور أسامة محمد مشعل عندما نظر في الرسالة –وهو أستاذ جامعي- قال
لو كانت جامعاتنا تسمح بمنح الدكتوراه لباحث الماجستير لتميز بحثه لكانت رسالة
جمعية العلماء تستحق درجة الدكتوراه. وبرر ذلك أن رسالة الماجستير لا يتطلب في
إعدادها الرجوع إلى الوثائق أو المصادر الأصلية بكثافة، ولا تحتاج إلى مقابلات
شخصية وتاريخ شفوي، وهذه الرسالة تجاوزت كثيراً ما هو مطلوب. وهذا قيل أيضاً عن
رسالة صالح بوياصير رحمه الله بعنوان جهاد شعب فلسطين في خمسين عام.
وبالمناسبة فإن زميلاً لي من جامعة الإمام كان
يعد رسالة ماجستير عن الجمعية من الناحية الدعوية وقد زار الجزائر وحصل على
معلومات غزيرة لم يبخل بتزويدي بما أحتاجه منها، ولكن عملي في الخطوط السعودية
وعدم وجود القيود العلمية في الجامعات حيث كنت أحصل على الإجازات المستحقة في عملي
وما يوفره لي راتبي من بحبوحة في العيش لم يكن –وربما حتى الآن- يحلم بها موظفو
الجامعات وفرا لي الفرصة لزيارة الجزائر عدة مرات بالإضافة إلى معرفتي باللغة
الإنجليزية وحصولي على مراجع لم يكن ممكناً لزميلي الدكتور إسحق السعدي الحصول
عليها.
ومن اللحظات الجميلة في زياراتي للجزائر والتي
أحتاج أن أعود إليها مرة أخرى وهي زيارة الأماكن الأثرية في الجزائر العاصمة كمسجد
كتشاوة التي حولته فرنسا إلى كنيسة ثم عاد مسجداً بعد عودة الاستقلال، وكذلك
القصبة في العاصمة والمناطق الأثرية الأخرى، كما أن الجزائر تمتاز بطبيعتها
الخلابة من جبال خضراء وأنهار وبحيرات وغابات وسواحل رائعة. وفي قسنطينة توجد
الجسور البديعة المعلقة التي تربط الجبال مثل جسر سيدي مسيد وجسر سيدي راشد أعلى
جسر معلق في العالم كما تقول بعض المواقع في الإنترنت وقد مشيت فوقه وهو مخيف. كما
يوجد في الجزائر كثير من المناطق الأثرية من العهد الروماني. وقد ذكر لي وزير
السياحة السابق في سوريا الدكتور أحمد الحلواني أن مدينة عنابة فيها شواطئ بديعة
تلتصق الجبال الخضراء بالشواطئ الرائعة التي كان الرئيس هواري بومدين يهرب إليها
حين كان يريد أن يستجم أو يبتعد عن ضغوط الحياة.
ومن أجمل ما يمكن أن يحمله الزائر من
الجزائر التمور ذات الطعم اللذيذ وعلى الرغم من أنني أنتمي للمدينة المنورة ذات
التمور المميزة لكن لا بد من الإشادة بدقلة نور وبخاصة التمور التي تنتج في مدينة
طولقة، إحدى دوائر ولاية بسكرة، هي واحة كبيرة مترامية الأطراف، ذات نخيل كثير،
تقع جنوب الجزائر، حيث تبعد عن الجزائر العاصمة مسافة 363كلم وعن مدينة بسكرة مقر
الولاية 37 كلم، شهيرة بجودة تمورها.
وقد لفت انتباهي أن الحكومة الجزائرية بنت عدداً
كبيراً مما يسمونه المركبات السياحية حيث تقدم للجمهور فرصة التنزه بأسعار معقولة
حيث إن هذه المركبات بنيت من قبل الحكومة ولم تترك للاستغلال الرأسمالي الجشع.
وكان من متاعب السفر في الجزائر الاضطرار إلى صعود عدد لا نهاية له من
الدرج أو كما يقول المصريون سلالم، فأحد المواعيد كان في الطابق الخامس وبدون مصعد
كان علي أن أصعد مائة درجة إن كان بين كل طابق وطابق عشرون درجة. إما الصعود إلى
المكتبة المركزية في قصر الحكومة فيتطلب صعود مائة وسبع درجات والمسافة من الفندق
إلى ما قبل قصر الحكومة أكثر من تسعين درجة ثم هناك دروج هنا وهناك.
تعليقات
إرسال تعليق