التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقترح بحث مقدم إلى المؤتمر الوطني الثاني حول الترجمة والاستشراق


جامعة الجزائر 2 أبو القاسم سعد الله
المؤتمر الوطني الثاني حول الترجمة والاستشراق
26 و27 أبريل 2016م

معايير الاستشراق في الترجمة من اللغة العربية
مازن صلاح مطبقاني
مركز المدينة المنورة للدراسات الأوروبية والأمريكية


      مقدمة
انطلق الغرب في بداية نهضته يترجم من اللغة العربية واللغات الإسلامية الأخرى كل ما يقع تحت يديه في مختلف العلوم والفنون بهدف التعلم من إنجازات الحضارة الإسلامية فترجم أمهات الكتب في الطب والهندسة والعلوم بعامة كما قام بترجمة أمهات الكتب في التاريخ والتفسير والعلوم الإسلامية ولكن هذه الحركة لم تستمر بعد أن نهض الغرب وتقلد زعامة العالم فخبت بريق الترجمة في الغالب
وتوجه الغرب المعاصر إلى ترجمة الآداب والعلوم الأخرى التي تدعم توجاته وأهدافه ففي مجال الأدب مثلاً لا تهتم الجامعات الغربية أو الاستشراق إلّا بكتابات أمثال نجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وغيرهم أما الكتاب الذين يهتمون بالهُوُية الإسلامية من أمثال أحمد علي باكثير أو نجيب الكيلاني أو عبد الرحمن العشماوي أو محمد الصادق الرافعي فلا ينالون أدنى اهتمام
        أما في القضايا الفكرية مثل علم الاجتماع والتاريخ والسياسة فلهم اهتمامات خاصة، ففي مجال المرأة يترجمون كتابات نوال السعداوي وفاطمة المرنيسي وحنان الشيخ ويتركون كتباً جادة مثل كتابات الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله المرأة بين الفقه والقانون أو كتاب أبي الأعلى المودودي الحجاب وغيرهما وكذلك في التاريخ والسياسة فيهتمون بدعاة القومية والبعث والشيوعية ويهملون الكتاب الإسلاميين وإن تمت ترجمة بعض كتابات سيد قطب أو غيره من كبار الإسلاميين فتوزيعها محدود وهي لدوائر السياسة المغلقة
     والجامعات الغربية لا تهتم إلّا بالكتاب المتغربين من أمثال البياتي وصلاح فضل والطيب صالح وجابر عصفور وتركي الحمد ، ومشعل  السديري ، وأحمد عبد المعطي حجازي، فهل هؤلاء وأمثـالهم يستحقون كل هذا الاهتمام ؟ ولكن قديماً قيل (إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة **وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم)
        ويسعى الباحث إلى الاهتمام بالمعايير الغربية الاستشراقية التي تحكم مسألة اهتمامهم بالترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية وسبب اختيار كتب ومؤلفات وإهمال أخرى وكيف يمكننا أن نصل إليهم لمناقشة هذه المعايير لعلهم يهتمون بنماذج أخرى من المؤلفين والباحثين العرب والمسلمين
        وسوف يتضمن هذا البحث مبحثين أساسيين هما
أولاً: الترجمة عند الغربيين من اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية  قديماً
ثانياً: الترجمة حديثاً  العزوف عموماً أو الانتقائية


المبحث الأول:
الترجمة عند الغربيين من اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية  قديماً
        حاولت أن أتجول بين عناوين ما ترجمه المستشرقون من التراث الإسلامي في شتى المجالات من ترجمات القرآن الكريم وعلومه وعلم الحديث والفقه والتفسير وعلوم العربية والشعر والأدب في صدر الإسلام وفي الجاهلية من ترجمة المعلقات وشرحها أو شروحها إلى مختلف العلوم الإجتماعية كالتاريخ لفترات التاريخ الإسلامي المختلفة وكذلك ما قاموا به من ترجمات في العلوم الطبيعية من رياضيات وفيزياء وكيمياء وطب وعلوم الفلك إلى الترجمات الأدبية وبخاصة ترجمة ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وحي ابن يقظان ورسالة الغفران وطوق الحمام والعقد الفريد إلى غيرها من أمهات الكتب الإسلامية مما يعجز الإنسان عن إحصائه والإلمام به.
        وهذه الترجمات تستحق بحثاً مستقلاً لأنها تدل على دأب وصبر ومثابرة دون الحكم على صحة العمل ودقته وإيجابياته وسلبياته ولكنها حقيقة تثير الإعجاب بنشاط المستشرقين الأوائل الذين بذل كثير منهم الغالي والرخيص في سبيل الوصول إلى المعرفة الحقيقية بتراث الإسلام والمسلمين ويكفي مثلاً مراجعة بضع صفحات من موسوعة عبد الرحمن بدوي (رحمه الله) المستشرقون، أو موسوعة المستشرقون لنجيب العقيقي، أو لمن ترجم لهم خير الدين الزركلي في موسوعة الأعلام لنعرف مقدار الجهد الذي بذله المستشرقون في قراءة تراث الأمة الإسلامية.
       








تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...