لقد كانت بالتأكيد لحظة تاريخية عام 1833م عندما أصدر
البرلمان البريطاني مرسوم إلغاء الرق والذي أعطى الحرية لكل من كان رقيقاً في
الإمبراطورية الإنجليزية، وشبيه بذلك التعديل الثالث عشر في دستور الولايات
المتحدة الذي أقر عام 1865 في نهاية الحرب الأهلية متجاوزاً أي غموض حول الوضع
القانوني للرق في أمريكا: فلا الرق ولا الخدمة الإجبارية ستبقى في الولايات
المتحدة أو في أي مكان يخضع لها.
إن تأسيس
قوانين تجرّم تجارة الرقق كانت تعني تقدماً في مسألة حرية البشر، ومع ذلك فإن الرق
استمر لعقود بعد ذلك فقد أعطى الإلغاء محاربي الرق أداة فعّالة لإدانة المتمسكين
بالرق بسلوكهم غير الإنساني، وبالتالي انتشرت قوانين الإلغاء لدى معظم الأمم في
العالم.
وفي زماننا
الحاضر ازدهرت سوق سوداء في البشر مرة أخرى إنها تجارة يشترك فيها الأشرار
ومجموعات دولية متطورة. وإن النساء لدى الجهات المنفذة للقانون ولدى المسؤولين
الحكوميين تلعب دوراً رئيساً في نجاحه وليست مقصورة على منطقة معينة من العالم حيث
لا تحترم أي حدود. وهكذا فإن الرق الحديث لا يمكن
القضاء عليه بضربة واحدة مثلما أنجزه قلم إبراهام لنكولن عندما وقّع إعلان
تحرير الرقيق.
فالاتحاد الأوروبي
مثلاً لا يستطيع أن يوقف فيضان استرقاق 120 ألف امرأة وطفل كل سنة في دوله الأعضاء
في الاتحاد فمعظم هؤلاء يُؤخذون من أأفريقيا أو من جمهوريات الاتحاد السوفيتي
المنحل وينقلون من خلال الحدود المفتوحة وتسعون بالمائة يُجبرون على العمل في
صناعة الجنس المتغلغلة.([1])
وفي زمن متأخر كعام 2002 (قبل 16سنة الآن)
اعترفت رئيسة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة (رئيسة إيرلندا السابقة) ماري روبنسون
باتجاه إلى أن تعد تجارة الرقيق هجرة غير قانونية ومعاقبة النساء المتورطات فيها. وقد
أوضحت روبنسون "أن الدول المتلقية تتجه إلى أن تتخلص بسهولة في مسألة تجارة
الجنس لأنها تظهر نوعا ما مخفية أو غير مرئية ومسيطر عليها من المجرمين ونموذجاً
من الرق المعاصر"([2])
وأصبح الوزراء
الأوروبيون جادون بخصوص تجارة الرقيق عام 2002م
عندما ألزموا كل الدول الأعضاء بتطبيق قانون باليرمو وهو مبادرة للأمم المتحدة
تهدف لإنضاج معايير فعّالة ضد الاتجار عبر الحدود . وقامت معظم الدول الأوروبية
الغربية بالتالي بإيجاد مجتمعات طموحة لحملات تثقيف وأغدقوا الأموال على قوىى
الأمن لمحاربة الاتجار, ومع ذلك فإن المتجرين استطاعوا المحافظة على انسياب مستمر
لرقيق جنسي جديد إلى المنطقة، وكما اعترفت بنيتا فيريرو-والندر Benita Ferrero-Walnder وزير خارجية الاتحاد الأوروبي اعترف في مارس 2006
"على الرغم من الجهود لمواجهة هذا الاتجار فإن الحقيقة غير المريحة أن
الاتجار بالبشر أحياناً تجارة أكثر ربحاً من الاتجار بالسلاح"([3])
حقّاً هناك
رقيق أكثر مقيدين اليوم أكثر من الذين عانوا خلال أربعة قرون من تجارة الرقيق عبر
الأطلسي. وأثر ذلك أكثر وضوحاً من أي مكان آخر حيث الإحساس به أكثر وحشية مما هو
واقع على الأطفال من الدول المتخلفة ويفترس مالكو الرقيق أولئك الذين يفتقدون
القدرة على الدفاع عن أنفسهم والأطفال الذين يمكن بسهولة أن يكونوا الضحايا.
إن المليون
طفل المستغلين في الأعمال المنزلية وهذا عنوان في دراسة الأمم المتحدة لعام 2004
حول استغلال الأطفال دوليا لا يحتاج إلى كثير تفسير. لقد وجد استطلاع الأمم
المتحدة أن سبعمائة ألف طفل أُجبروا على العمل المنزلي في إندونيسيا وحدها
بالإضافة إلى رقم
مذهل في البرازيل (559,000) و(246,000) في باكستان
و(250,000) في هاييتي و (20,000) في كينيا. ويشير تقرير الأمم المتحدة أن الأطفال
يبقون في الخدمة مدة طويلة لأنه لا أحد يدرك استرقاقهم، "فهؤلاء الصغار عادة
غير مرئيين من قبل مجتمعاتهم ومحكومين بساعات طويلة دون أي مقابل أو مقابل قليل
وعادة يحرمون من الفرصة للعب أو الذهاب للمدرسة."([4])
وعلامة "غير
مرئي" تربط بوصف الرق الحديث تماماً كما أنني لم أشك في مطعمي الذي أصبح
موقعاً لحلقة الاتجار بالبشر. ومايشبه الرق ما يمر بنا على أساس أنه عادي دون أن
نعيه. قد نمر بموقع بناء ولا نفكر مرتين إذا ما كان العمال يعملون منتهكة حقوقهم،
أو ربما نقود سيارتنا عبر شوارع المدينة ليلاً ونرى بناتاً صغاراً يعرضن أجسادهن
في زاوية شارع المدينة ونتعجب كيف يخترن هذا النوع من الحياة.
هذا هو
المحير:الرق في الحقيقة ليس خاف عدا خفاء عمل الرقيق في حالات استثنائية ففي
الحقيقة لا نتوقع أن جد الرقيق في وضع محترم. أن تعلم أن مالكي الرقيق يُجبرون
الأطفال على العمل في مزارع الكاكاو قد لا يدهشنا ولكننا ننظر إليه على أنه غير
مفكّر فيه حتى إنه عدا ذلك أن نفهم أن مواطناً يمكن أن أن يكون مالكاً للرقيق.
وترغب كيم
مستون لو أنها كانت خافية على مجتمعها في نيوإنجلاند ففي مدينة ريفية قرب ورشستر
في ولاية ما تشاسوتس استخدمها قس الكنيسة بصفتها رقيقة للجنس مدة خمس سنوات دون أن
يثير أي شكوك في المجتمع.
كان والدا
كيم من التبت لاجئين في معسكر للاجئين في جنوب الهند عندما كانت كيم في سنوات ما
قبل العشرين قدم زوج أختها أسرتها إلى راعي كنيسة كان زائراً من الولايات المتحدة
حيث عرض القس أن يحضر كيم إلى الولايات المتحدة لتحصل على تعليم رسمي وفرصة لحياة
أفضل. "لقد أخبر والداي أنه سيعاملني كابنته"([5])
حاول زوج
الأخت إقناع أسرة كيم أن تسمح لها بالذهاب وحتى إنه عرض أن يصحبها إلى دلهي حيث
يساعدها في الحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة وفي المحصلة قام الصهر
بتنظيم أموره المالية مع القس.
وفي سن
السادسة عشر بدأت كيم حياة مزدوجة في أمريكا وكان كل شيء يبدو طبيعياً للملاحظ
العابر ، كانت تذهب في النهار إلى مدرسة ثانوية وكانت عضوة في فريق رياضة الركض،
وتذهب إلى الكنيسة أيام الأحد، وكان للقس زوجة وابنة زوجته يعيشون معه في المنزل،
ولكن خلف الأبواب المغلقة عملت كيم خادمة تقوم بالعمال جميعها من طبخ وتنظيف
المنزل والكي وحتى العناية بحديقة الكنيسة. وبالإضافة إلى كل ذلك استغلها القسيس
جنسياً باستمرار على مدى خمس سنوات.
وهدّد القس
أسرة كيم القادمة من التبت بسجن الأسرة إذا ما أخبرت كيم زملاءها في المدرسة عن أي
شيء في حياتها الخاصة. وهكذا عانت بصمت ولا أحد في المجتمع فكّر في سؤالها عن
حياتها. إنهم افترضوا النية الحسنة، وظنوا خيراً بالقسيس وعائلته " كان خداعه
مخططاً بإتقان" كما قالت كيم "لقد كان القسيس أحد أعمدة المجتمع وكان
ينظر إليّ على أني الطفل المئكن من العالم الثالث كان مستفيداً من كرمه"
وأخيراً في
سن الواحد والعشرين هربت كيم من معذبها ، لقد خططت مبدئياً أن تهرب ولا تعود
مطلقاً. ومع ذلك تلقت أخباراً من أسرتها في الهند أن القسيس قام بتهريب اثنين من
أبناء عمومنها إلى الولايات المتحدة ليحلا محلها في منزله، واستجمعت كيم ششجاعتها
لتبلغ الشرطة المحلية ، فاعتقل القسيس وأُدين وأُلقي به في السجن. وتملك كيم الآن
متجراً في منطقة بوسطن وتتبرع بوقتها لمنع النساء الضعيفات من الوقوع في الاستغلال
الجنسي والرق.
إن عناصر
تجربة كيم شائعة بإزعاج في تجارة الرق الحديثة. لقد كانت فتاة صغيرة في بيئة
مهاجرة (مخيم المهاجرين) حيث تآمر تاجر رقيق (القسيس) مع شخص ما قريب لأسرتها (زوج
الأخت) لإخراجها من مجتمعها والسيطرة على حياتها. لقد تمّ تهريبها إلى دولة أخرى
حيث لم تكن تفهم ثقافة البلد الذي انتقلت إليه وقوانينه وكانت أسرتها تتضرر إذا لم
تتعاون، وقد استغلها مسترقها جنسياً واستخدمها عاملة. وحالما هربت خرج مسترقها
ووجد بنتين ليحلا محلها.
تعليقات
إرسال تعليق