ديفيد باتستون David Batstone
ترجمة وتقديم
مازن مطبقاني
المحتويات
المقدمة: العثور على الرق في حديقتك الخلفية
1- نور يشع في الظلام الجنسي: كامبوديا وتايلند
2- كسر القيود للعمال السخرة في جنوب آسيا.
3- انقاذ الجنود الأطفال
4- السيطرة على دعاة الجنس: أوروبا
5- إيواء الأطفال الضائعين: البيرو
6- انشاء سكة حديد قطارات الأنفاق : الولايات المتحدة
الأمريكية
الخاتمة: القضاء على تجارة الرقيق
ملاحظات
تنويه
المقدمة
العثور على الرقيق في منزلي
هزيمة تجارة البشر دعوة
أخلاقية في زماننا
كونداليزا رايس
وزيرة خارجية أمريكا
يوجد
اليوم في العالم سبعة وعشرون مليون رقيق([1])
من البنات والأولاد والرجال يجبرون على الكدح في مغازل السجاد في نيبال يبيعون
أجسادهم في أكشاك في روما ويكسرون الصخور في مقالع الصخور في باكستان ويحاربون في
أدغال أفريقيا.
اذهب بعيداً عن المظاهر الزائفة في أي مدينة رئيسية في
العالم اليوم ولا بد أنك ستجد التجارة في البشر تزداد قوة ويمكنك أن تجد الرقيق
حتى في حديقة منزلك الخلفية.
تناولت
الطعام ولعدة سنوات مع زوجي بانتظام في مطعم هندي قرب منزلنا في منطقة خليج سان
فرانسسكو ومن غير المعلوم لدينا أن الأشخاص الذين يعملون في المطعم الهندي يطبخون الكاري ويجلبونه لطاولتنا ويغسلون
الأطباق كانوا رقيقاً.
ولولا
حادث مأساوي لما انكشف لنا دائرة التجارة بالبشر وهو أن وجدت شابة رفيقتها ذات
السبع عشرة سنة في الغرفة (شانتي) وأختها ذات الخمس عشرة سنة (لاليثا) فاقدتي
الوعي في شقة في بيركلي. وكان السبب التسمم بأول أكسيد الكربون المنبعث من مروحة
تدفئة مسدودة، واتصلت زميلتهم بالسكن
بصاحب البناية (لاكيريدي ردي Reddy) صاحب المطاعم التي كانت الفتيات يعملن به.
وقد امتلك ردي عدة مطاعم وأكثر من ألف وحدة سكنية في شمال كاليفورنيا.
وعندما
وصل ردي إلى شقة الفتيات امتنع عن اصطحابهم إلى المستشفى وبدلاً من ذلك قام هو
وعدد من أتباعه بحمل الفتيات في سجادة تنطوي ووضعهن في شاحنة كانت تنتظر وعندما
حاول ردي وأصدقاؤه أن يجبروا رفيقتهن على الركوب في الشاحنة رفضت بعنف وصادف أن
إحدى القاطنات في المنطقة كانت تمر بسيارتها في تلك اللحظة ورأت منظر الفوضى حيث
رأت بساطاً يحوي أجسادا تظهر منه الأقدام ورجال يحاولون إجبار فتاة على ركوب شاحنة
فأبطأت السير لإمعان النظر وأصابها الرعب من منظر رجال يحاولون إجبار فتاة شابة
لتركب في الشاحنة، فقفزت من سيارتها وحاولت بكل قوتها أن تمنع الرجال ونتيجة لعدم قدرتها أوقفت سيارة
أخرى كانت تمر وناشدته الاتصال ب 911 وأن يخبرهم بأن هناك حالة اختطاف تتم، ووصلت
الشرطة لتقوم باعتقال محاولي الاختطاف.
لم تستعد
تشانتي براتباتي الوعي وقد أعلنت وفاتها في مستشفى محلى، وأظهرت التحقيقات فيما
بعد أن رِدي وعدد من عائلته استخدموا تأشيرات مزيفة لإدخال مئات من الكبار
والأطفال إلى الولايات المتحدة من الهند. وقد استطاعوا ضمان تلك التأشيرات
بالادعاء إن هؤلاء الأشخاص محترفين ومؤهلين تأهيلاً عاليا حيث سيعملون في شركة
لتقنية المعلومات. وفي الحقيقة انتهى بهم المطاف للعمل نادلات وطباخات وغاسلات
صحون في مطاعم باساند أو في مصالح أخرى يملكها ردي. لقد أجبر العمال على العمل
ساعات طويلة بالحد الأدنى من الأجر وأعادوا إليه جزءاً من المال كأجرة للمكان الذي
كانوا يسكنون فيه. وهددهم ردي بتسليمهم للسلطات بصفتهم غير شرعيين إذا ما حاولوا
الهروب.
وحالة ردي
ليست غير عادية (شاذة). حسنا فهناك أكثر من مائة ألف مسترقين في هذه اللحظة في
الولايات المتحدة بالإضافة إلى 17,500ضحايا جدد يعبرون خلال أمريكا كل سنة. وأكثر
من ثلاثين ألف يعبرون الولايات المتحدة لمقاصد عالمية أخرى. وقد ترافع مدّعون
عامّون من الولايات المتحدة ضد نشاطات تجارة البشر في واحد وتسعين مدينة عبر
الولايات المتحدة تقريباً في كل ولاية من ولايات الدولة.([2])
وشبيه
بالعبيد الذين حلّوا بالشواطىء الأمريكية قبل مائتي سنة فعبيد اليوم ليسوا أحراراً
في التصرف بمصيرهم ، إنهم يُجبرون على أن يؤدوا العمل لصالح من يسترقونهم ، وإذا
ما حاولوا الهروب من قبضة أسيادهم فإنهم يخاطرون في مواجهة العنف الشخصي أو
الانتقام من أسرهم.
ولمعرفة
كم هي أزمة عالمية خطيرة الاتجار بالرقيق فقد كان واضحاً عندما وقف الرئيس
الأمريكي جورج دبليو بوش أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2003م وكما
كان متوقعاً خاطب الرئيس أولاً الاهتمامات الدولية حول تدخل أمريكا في العراق وحين
اقترب من نهاية خطابه حوّل اهتمامه إلى "أزمة إنسانية أخرى" ذات علاقة
بالعالم، "فكل سنة هناك 800,000 إلى 900,000 إنسان يباعون ويشترون ويجبرون
عبر حدود العالم " وأضاف " إن التجارة في البشر لأي هدف يجب أن لا يسمح
لها أن تزهر واستمر بالحديث مؤكداً أن هذه التجارة تستهدف الضعفاء من النساء
والأطفال وتشجع الجريمة المنظمة وهذا التنظيم يهدد الأمن العالمي"([3])
لم يبالغ
بوش في حديثه عن الأزمة، فالاتجار في البشر اليوم تنافس تجارة المخدرات وتجارة
السلاح غير الشرعية في قمة النشاط الإجرامي في الكرة الأرضية. وتحتل تجارة الرقيق
المركز الثالث على القائمة ولكن الفرق ينقص باستمرار، ويتوقع مكتب التحقيقات
الفيدرالي (FBI) أن تجارة الرقيق تدر 9,5 بليون دولار كل
سنة ([4])ويقدّر
مكتب العمل العالمي (ILO) أن الإيراد يقترب من 32 بليون دولار
سنوياً([5])
وأي الرقمين أقرب إلى الصواب فلا أحد يشك أن تجارة الرقيق تزدهر، وكما يقول باري
تانق ملحق الهجرة والضبط بخصوص الرباح فإنها على الطريق لتتفوق على تجارة المخدرات
والسلاح .وهذا الملحق يعمل مع وزارة الداخلية الأمريكية والأمن .([6])
وقد أوجد
الكونجرس بسبب إدراكه أن الاتجار بالبشر يكاد يخرج عن السيطرة منصباً رفيعاً في
وزارة الخارجية متخصص في محاربة صناعة الرق، وقد عيّن الرئيس بوش رجل الكونجرس
السابق جون ميللر في هذا المنصب في مارس عام 2003م وتم ترفيع منصبه إلى رتبة سفير.
ومهمة
مكتبه الأساسية مراقبة الاتجار في البشر وهذا تشجيع من الحكومة ودعم منها لمواجهة
تجارة الرقيق العالمية، ومن أجل ذلك الهدف فإن إحدى أدواتها الأساسية أن تعد بطاقة
تقرير يسمى تقرير الاتجار بالبشر TIPوينشر سنوياً منذ عام 2001م كما نص على ذلك الكونجرس
الأمريكي.
فليس هناك أمة تريد أن تُعرف بأنها ملجأ مالكي الرقيق
المتاجرين فيه. فتقرير الاجار في البشر لعام 2006م يثبت أن هناك أكثر من خمسين
دولة حول العالم تعمل كمصدر أو هدف أو معبر لتجارة الرقيق. وتخدم بعض الدول كقاعدة
للنشاطات الثلاث ([7])
ويوضح
البحث المستقصي الذي قامت به وزارة الخارجية الأمريكية أن تجارة الرقيق اليوم
أصابت كل دولة بما فيها الولايات المتحدة. إنه من أعضم الصراعات الأخلاقية في
زماننا كما يقول السفير ميللر "نحتاج إلى أن نرفع الاهتمام والالتزام لمواجهة
هذا الصراع الذي نادى به محاربو الرق في هذه البلاد المبني على اللون كما كان من
مائة وستين سنة.([8])
كثير من
الناس يشعرون بغضب عند سماعهم كلمة "رقيق" لوصف الممارسات الاستغلالية
اليوم. ومن المحفور بعمق في النفسية الغربية أن فكرة الرقيق قد انتهت في القرن
التاسع عشر، فليس من الغريب أن تقرأ تقريراً صحفياً يتحدث عن حالة"تشبه
الاستعباد" في منجم نحاس في بوليفيا مثلاً حيث يختطف العمال ويحبرون على
العمل بلا أجر ويمنعون من مغادرة المنجم. لذلك يشير الكاتب إلى حالة العمال بأنها
"تشبه الاسترقاق" لأن الكاتب يقبل الأسطورة بأن "الرق
الحقيقي" قد انتهى منذ أمد بعيد.
تعليقات
إرسال تعليق