التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ندوة تعليم الدين في أمريكا


                                                              
      اتصلت بي قارئة من مكة المكرمة تريد أن تناقشني في الندوة التي نشرتها جريدة المدينة المنورة يوم الاثنين 21 شعبان 1420 حول تدريس الدين الإسلامي بخاصة والأديان بعامة في الجامعات الأمريكية. وكانت غاضبة أن ما نشر لم يكن مناسباً فهناك الكثير من الأمور التي مرت دون ردود شافية من الضيف الدكتور بروس لورانس رئيس قسم الأديان بجامعة ديوك بالولايات المتحدة الأمريكية. وعتب على المشاركين في الندوة أنهم لم يبذلوا الجهد اللازم في المناقشة.
      ولما كنت أحد حضور هذه الندوة فإنني أشاركها الرأي بأن هناك الكثير من الأمور التي لم تحسم في الندوة وهذا دور العلماء والقراء على حد سواء في إثارتها ومناقشتها. ومما يحمد للجريدة أنها نشرت الندوة كاملة (تقريباُ) ويشكر الأخ محمد خضر والأخ عصام مدير على جهودهما في نشر هذه الندوة.
      ولا شك أنا يجب أن نفتح قلوبنا للآخرين ونجادلهم بالتي هي أحسن كما هو الأمر القرآني الكريم. وإنني قبل أن تنشر هذه الندوة كنت قد بعثت ببعض الأفكار للأخ عصام مدير لعله يجد لها مكاناً ولكن مادة الندوة كانت كبيرة فلم يتسن له نشرها وها هي تساؤلاتي وأرجو أن تجيب على بعض تساؤلات الأخت القارئة من مكة، وما دامت متابعة جيدة لما ينشر فحبذا لو كتبت بعض أفكارها إلى الأخ المشرف على الصفحة الإسلامية، وهو لا شك يرحب بما يقدمه القراء من تفاعل مع ما ينشر في الجريدة. 
      تساءلت حين دعيت للاستماع لمحاضرة الدكتور بروس لورانس رئيس قسم الأديان بجامعة ديوك بالولايات المتحدة الأمريكية ما الهدف من هذه الدعوة؟ وتساءلت لماذا تقوم القنصلية الأمريكية بدعوة عدد من الأساتذة الجامعيين وقادة الفكر والرأي في المملكة لهذه المحاضرة ومناقشة الأستاذ الجامعي الأمريكي؟ وكان من هؤلاء مثلاً جوزيف كيششيان وأندريه نوشيه وبروس لورانس وغيرهم. وتساءلت هل تقوم السفارات العربية والإسلامية بأي نشاط يشبه هذا؟ أسئلتي كثيرة ولكن أين الإجابات؟
أعتقد أنني استمعت جيداً للمحاضر كما شاركت في الندوة التي عقدها القسم الإسلامي بصحيفة المدينة المنورة وكانت بمشاركة مباركة من عدد من الأخوة الذين سيرد ذكرهم في الندوة ولكني أود أن أقدم بعض الأفكار التي لم يتسن لي الحصول على إجابات شافية من المحاضر سواءً في المحاضرة أو في الندوة.
سألت المحاضر- عقب محاضرته في القنصلية (رجب 1420) - عن الكتب المنهجية التي يدرّسونها في أقسام الأديان في الجامعات الأمريكية وأشرت إلى أنني اطلعت على بعض المراجع في أقسام دراسات الشرق الأوسط في المكتبات الجامعية ومن خلال معرفة تفاصيل المواد التي تدرّس هناك فوجدت تلك الكتب هي الكتب الاستشراقية التي أكل عليها الزمن وشرب ومعظمها يطعن في الإسلام ويشوه صورته. فأسرع المحاضر وزوجه إلى التأكيد على أن أقسام الأديان تختلف كلياً عن أقسام دراسات الشرق الأوسط وقالوا في تلك الأقسام كلاماً قاسياً. ومهما كان الاختلاف بين النوعين فلا مبرر لاستمرار الكتب التي تشوه الإسلام وتمنع الكتب الإسلامية الجيدة.
 لم أقتنع لأن سؤالي التالي للمحاضر عن عدد الجامعات التي عمل بها فكان الجواب أنه عمل في قسمين أو ثلاثة وهذه الأقسام تعد بالمئات فلا بد من الدراسة الميدانية لهذه الأقسام وما يدرسه الطلاب فيها لتكون إجابته مقبولة ومنطقية وموضوعية.
المهم كانت الندوة ناجحة لأنها أكدت أن الإسلام أمر يهم الأمريكيين لأنه أسرع الأديان انتشاراً وإن الرجل في طريقه إلى الإسلام حسب تعبيره ولذلك فهم يسعون إلى أن يقدم الإسلام بطريقة مناسبة. ويهم الحكومة الأمريكية أن تقنعنا أن الإسلام ينال اهتماماً جيداً في جامعاتهم. ولكني أتطلع إلى أن يكون لنا دور أكبر في نشر الإسلام وتعليمه ونشر الكتب الإسلامية والتعاقد مع كبريات دور النشر الأمريكية لنشر ترجمات لكبار الكتاب المسلمين المعاصرين من أمثال كتابات الدكتور مصطفى السباعي والشيخ محمد الغزالي ومحمد متولي الشعراوي وكتب غيرهم.
أشكر جريدة المدينة المنورة على دعوتي للمشاركة كما أشكر للقنصلية الأمريكية على استضافة هذا الباحث المتميز في شؤون الأديان.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...