للدكتور عبد القادر طاش - رحمه الله - رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز (بالإنجليزية) بالنيابة نشاطات صحيفة مباركة فقد زار الولايات المتحدة الأمريكية قبل عامين وأخرى مجموعة من اللقاءات الصحفية المهمة مع بعض المفكرين المسلمين وغير المسلمين حول العلاقة بين أمريكا والإسلام وأطلق على هذه اللقاءات، أمريكا… والإسلام تعايش أم تصادم. وكان من بين اللقاءات حديث مع الشيخ الدكتور جعفر شيخ إدريس فكان مما قاله الدكتور جعفر: ((لأننا لا ينبغي أن نستعدي الآخرين علينا، فحتى غير المسلمين يجب أن لا يصنّفوا في خانة الأعداء، وما دمنا غير قادرين على المواجهة فيجب أن لا نؤجج المشاعر ضدنا... فإن هذا الاستعداء عليهم أن يدفعهم إلى بذل جهد أكبر من أجل تعويق العمل الإسلامي ومحاصراته..))
ولو سلمنا جدلا مع الدكتور جعفر أنه ليس
في الغرب تيار عام ضد الإسلام وأننا نحن المسؤولون عن موجة العداء ضدنا.. فهل من
المنطق إغفال دور الإعلام الأمريكي بوسائله المختلفة في تأجيج العداء ضد الإسلام
والنشاطات الفكرية المنظمة المخططة والمدروسة للمستشرقين اليهود؟
لقد توقع الدكتور جعفر أن كلامه هذا لن
يعجب الكثيرين أو لن يوافقوا معه وهذا حق فقد كتب الأستاذ سالم المراياتي مدير
مجلس الشؤون الإسلامية في لوس أنجلوس مقالة في مجلة واشنطن ريبورت لشؤون الشرق
الأوسط في عددها لشهر يونيو (قبل شهرين فقط) 1994 أوضح فيه بعض الجهات التي تثير
العداء بمهارة ودقة. وقبل أن أستعرض ما جاء في مقالة الأستاذ سالم أحب أن أقدم
نموذجا لجهود المستشرقين اليهود الصهاينة في إثارة العداء للإسلام والمسلمين في
أمريكا.
دعي المستشرق برنارد لويس لإلقاء محاضرة
عامة في مكتبة الكونجرس يرعاها الوقف القومي للإنسانيات ويطلق على هذه المحاضرات (محاضرات
جيفرسون) وذلك يوم 9، مايو 1990م. ولأن برنارد لويس من العلماء الذين بلغوا مكانة
علمية مرموقة يجد طريقه مباشرة إلى الساسة المتنفذين دون نقاش أو تساؤل. وقد أكد
مكانة لويس هذه جون اسبوزيتو في معرض حديثه عن المستشرقين أو المتخصصين في قضايا
الشرق الأوسط الذين يثيرون العداء ضد الإسلام لقد ذكر لويس معاداة الحركات
الإسلامية للغرب وللحضارة الغربية ومعاداتهم للتحديث، وأنهم يرون أمريكا العدد
الأكبر لهم. وضخم مخاوف الغرب من موقف الإسلام من المرأة واضطهاده لها (في زعمه)
وموقف الإسلام من الأقليات الذين يعدون مواطنين من الدرجة الثانية.
لم يكتف لويس بإلقاء المحاضرة في واشنطن
بل راح يتجول في مدن أمريكا يعيد إلقاءها ثم نشرها بعنوان مثير جدا هو: "جذور الغيظ
الإسلامي" في مجلة اتلانتك الشهرية التي أبرزتها في علاف المجلة بصورة مثيرة (حية رقطاء فاغرة فاها)
أما ما جاء في مقالة الأستاذ سالم
المراياتي فقد بدأ ذلك باستطلاع أجرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز أوضح أن 29% من
الأمريكيين يرون أن الإسلام يمثل تهديدا لأمن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
ثم ذكر أن هذا الهوس المعادي للإسلام يرجع إلى أمرين تسببا فيه أولهما: سوء
استخدام المتطرفين للإسلام لتبرير عنفهم الذي يهدف إلى الشهرة والسبب الثاني سوء
تمثيل الإسلام والمسلمين على أنهم متعطشون للعنف.
تناول الأستاذ سالم السبب الثاني وضرب
المثال باليهودي المهاجر أمريكا يوسف بودانسكي (Yossef
Bodansky) في كتابه الهدف أمريكا وقد سار يوسف على مثال الكتب التي ظهرت في
ألمانيا لإثارة العداء ضد اليهود وضرب المثال بالكتيب المعنون انتصار
اليهود على ألمانيا وقد كان لدى المؤلف مبررا
لهذا الكتاب حين وجد اليهود مقبلين على السيطرة على الاقتصاد الألماني ويسعون
لتخريبه وبخاصة في ولايتي او مقاطعتي بروسيا ونمسا. ويزعم بودانسكي أن حسن الترابي
من السودان يسيطر على حركة إسلامية مسلحة تعمل داخل أمريكا. ويشير المراياتي في أن
بودانسكي يقوم بهذه البحوث على حساب دافع الضرائب الأمريكي لأنه يعمل تحت مظلة
لجنة حكومية لمقاومة الإرهاب والحروب غير التقليدية. ويكتب تقاريره التي يشير فيها
إلى أن ازدياد العنف لدى المسلمين إنما هو تركيز للجهاد الإسلامي ضد النظام العلمي
النصراني اليهودي. ولا تخرج آراء بودانسكي عن آراء قائد حزب الليكود الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو في كتابه مكان بين الأمم: إسرائيل والعلم ويقول نتنياهو في هذا الكتاب: إن الهدف الأساسي
للأصولية هو ضمان نصر علمي للإسلام وذلك بالانتصار على الملحدين عن طريق الجهاد.
ويذكر الأستاذ سالم غير هؤلاء من أمثال جوديت
ميلر وسيمون إرم وغيرهما فهل حقا يستعدى المسلمون الغرب ضدهم أم أن ثمة جهات معينة
هي التي تثير هذا العداء؟ أرجو أن تكون على يقظة مما يكيده الأعداء لهذه الأمة
والله الموفق.
تعليقات
إرسال تعليق