التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لو كان لنا تقويم محايد للجامعات

      دعيت قبل مدة من قبل المجلس الثقافي البريطاني في الرياض لحضور محاضرة عن تقويم الجامعات السعودية بالتعاون مع جهات بريطانية، وكان مما ذكره المحاضر أن وزارة التعليم العالي قد أنشأت هيئة أو إدارة لتقويم الجامعات وأن رئيسها الأعلى (انظروا غرامنا بالألقاب الرنّانة) هو وزير التعليم العالي (ولم ينس المحاضر أن يقول معالي..) فسألته في نهاية المحاضرة كيف يكون وزير التعليم العالي هو رئيس الهيئة، فيكون هو المقوِّم والمقوَّم؟ إن تقويم الجامعات في كل دول العالم تقوم به جهات غير حكومية ومستقلة وخاصة. إن هذا بداية الفشل.
      وفي هذه الرحلة (برنامج الزائر الدولي للقادة حول التعليم العام والتعليم الديني) التقينا بشخصيات أمريكية تحدثت عن تقويم التعليم العالي واعتماد الجامعات في أمريكا، وكان اللقاء الأول في جامعة لويفيل بولاية كنتكي والثاني في مدينة بوسطن حيث التقينا بثلاث سيدات في مكتب خاص لتقويم الجامعات الأمريكيةوهذه الهيئة مستقلة وغير حكومية وغير ربحية وتحصل على التمويل من التبرعات ومما تدفعه الجامعات من رسوم للحصول على الاعتماد، ولا تظنوا أنهم إن دفعوا الرسوم كان التقويم في صالحهم، لا فإن هذه الجهة ترسل عدداً من الأشخاص من رؤساء جامعات وعمداء وأساتذة لهم باع في التعليم العالي وبعد الحصول على تدريب معين في عملية التعليم يقومون بالاطلاع على أوضاع تلك الجامعات ثم يقومون بزيارة ميدانية مدتها أربعة أيام لا يتقاضون فيها فلساً أحمر ولا أصفر غير تكاليف السفر والإقامة فيقابلون الأساتذة والطلاب والمسؤولين في تلك الجامعة ويطلعون على مجريات الأمور ويكتبون تقريرهم بعد نهاية الرحلة.
      والمطلوب من الجامعات أن تقوم بكتابة تقرير من مائة صفحة عن أوضاعها كل خمس سنوات، أما اللجنة يكون عملها كل عشر سنوات ولكنهم قد يحتاجون أحياناً للمتابعة أو السفر خلال العشر سنوات إذا جد جديد في تلك السنوات العشر أو بعد أن يطلعوا على تقرير الجامعة الذي تقوم نفسها فيه وهو تقرير الجودة كما يسمى.

     وأمريكا قد قسمت إلى عدة مقاطعات تتولى تقويم الجامعات في تلك المقاطعة كما تقوم بعض هذه المكاتب الإقليمية تقويم الجامعات الأمريكية في الخارج للحصول على الاعتماد الأكاديمي. وهناك ورش عمل مستمرة للاطلاع والتدريب على آخر المستجدات في عملية التقويم
 وفي أحد اللقاءات قلت لهم هل سمعتم أن الأستاذ يكون موجوداً أثناء تقويم الطلاب لهم، فتقول الأستاذة للطلاب لا شك أنكم ستكتبون عني كلاماً جيداً، ألست أستاذة جيدة، وربما أغرتهم بالعلامات أو غير ذلك، فقالوا إن مثل هذا الأمر لا يحدث في جامعاتنا، وهذه خيانة للأمانة من قبل الأستاذ.
     وهناك تفاصيل كثيرة في مسألة الاعتماد الأكاديمي سأذكرها إن شاء الله في تقرير أكتبه بعد أن يستقر بي المقام في الرياض أو المغرب أو بريطانيا إن شاء الله.

        وأعود إلى جامعاتنا فهل يمكن أن تنشا في المملكة مؤسسة غير ربحية ومستقلة تقوم بتقويم جامعاتنا تطلع على كل صغيرة وكبيرة في الجامعات من تعاميم مدراء الجامعات إلى المناهج (الملفقة) لأنه لا يوجد لدينا كتاب جامعي للمواد المختلفة وتطلع على ما يقدمه الأساتذة من معرفة أو على اختبارات الطلاب أو غير ذلك، هل يمكن أن تطلع تلك اللجنة على ما يحصل عليه مدير الجامعة وكبار أعوانه من ميزانية الجامعة تخسف بالبحث العلمي لأن سفرات مدير الجامعة تستهلك ثلاثة أرباع ميزانية البحث العلمي؟

وقريباً من هذه المؤسسة استمعت إلى تقرير في الإذاعة الأمريكية العامة NPR أن الكونجرس الأمريكي (مجلس ممثلي الشعب الأمريكي) لديه لجنة لمراقبة الجامعات الحكومية التي تنفق عليها الولايات والحكومة الفيدرالية فتبحث في نفقات الجامعات ورواتب الأساتذة والرسوم التي يدفعها الطلاب وتقدم نقدها للجامعات وأعتقد أن على الجامعات أن تأخذ به.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...