التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة كتاب لم يُنشر ولا أدري متى يُنشر

                                              
قدمت مجموعة من مقالاتي إلى صديق قبل عدة سنوات ليقوم بدراستها وتصنيفها وفقاً لموضوعاتها، فجاءني بعد أيام ببعض الأرقام الإحصائية ومنها أنني لم أهتم بتناول موضوع المرأة حيث لم يحظ هذا الموضوع إلاّ بنسبة محددة من المقالات. تعجبت كثيراً من ذلك؛ لأنني اعتقدت أنني مهتم بقضايا المرأة وبخاصة أنه من الموضوعات التي يهتم بها الباحثون الغربيون كثيراً. ولكن كما يقولون " لغة الأرقام لا تكذب"
وربما بدأت بعد تلك الملاحظة أهتم بموضوع المرأة فلما استطعت أن أتفرغ قليلاً لمراجعة مقالاتي التي تراكمت على مدى عشر سنوات من الكتابة المتواصلة وست سنوات من الكتابة المحترفة وجدت أن لدي عدداً طيباً من المقالات حول المرأة.
وبمراجعة هذه المقالات وجدت أنه من الممكن تقسيمها إلى عدة فصول أو أبـواب. وأول هذه الأبواب أو الفصول موقف الإسلام من المرأة. فمن ذلك مقالة بعنوان: "أجرنا من أجرت يا أم هانئ " وفيها أوضح كيف أن المرأة المسلمة تستطيع أن تجير على الدولة، وقد جاء في الحديث الشريف (يجير على المسلمين أدناهم.) وقد أجارت قبلها السيدة زينب ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم زوجها العاص بن الربيع. وانظر إلى الثقة العظيمة حين قال لها (أكـرمي مثواه ولا يصل إليك بشيء فإنه مشرك) فيا لعظمة الإسلام كيف أنه لم يأمرها بالتفصيل كيف تتعامل معه أو لم يجعل عليهما رقيباً، ولكن اكتفى بهذه الكلمات القليلة.
وسيكون الفصل الثاني حول نظرة الغربيين إلى المرأة المسلمة فبالإضافة إلى القراءة في كتاباتهم فقد لقيت عدداً من المستشرقين والباحثين والباحثات الغربيات في قضايا المرأة واطلعت على فكرهم في هذا المجال.
وأذكر في هذه المقدمة لقائي في جامعة جورج تاون الأمريكية في واشنطن العاصمـة مع رئيسة معهد الدراسات العربية المعاصرة البروفيسور باربرا ستوواسر فقدمت لي كتـاباً حول المرأة في الإسلام، وكانت تظن أنها تعرف المرأة في الإسلام أفضل من مسلم يؤمن بعظمـة هذا الدين ويعتز به ويفخر. فقلت لها سأقدم لك صورتين من تعامل الإسلام مع المرأة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم: الأولى أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل نساءه وهو صائم - وهو أملك لإربه- فهذه القبلة في وسط عبادة روحية تدل على عمق المحبة وصـدق العاطفة والوفاء، وليست كقبلة رجالكم في الشوارع فإنها قبلة في الغالب غريزية حيوانية شهوانية فأيهما أكثر تكـريماً للمرأة؟ أما الصورة الثانية فإنه صلى الله عليه وسلم يقوم باستخدام السواك أول ما يدخـل بيته يريد أن يكون في أطيب رائحة -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم- بينما لا يستخـدم رجـالكم معجون الأسنان إلاّ في الصباح أو بعد الطعام أو حين الخروج لموعد غرامي، فأيهما أكثر تقديراً للمرأة؟ وهنا لم تتمالك المرأة نفسها من سؤال مرافقي هل هذا الشخص من السعودية حقاً؟
وبعد أن عدت إلى المملكة من تلك الرحلة وجدت أمثلة كثيرة على عظمة هذا الدين لو أحسنا العمل به ثم دعوة الناس إليه. وقد كتبت بعضها في مقالاتي ولعلي أكتب عن صور أخرى فيما بعد إن شاء الله.
 وسوف يخصص فصل من فصول الكتاب لموضوع الزواج مثنى وثلاث ورباع، فهذه من القضايا الخطيرة التي تكاد تهدد المجتمع في عفته واستقراره النفسي. لقد حاربنا الغرب في هذا الجانب محاربة عنيفة لا هوادة فيها حتى خضعنا خضوعاً ذليلاً لهذا التأثير. وبالأمس سأل أحدهم الشيخ يوسف القرضاوي في أحد برامج قناة الجزيرة عما يعمل إذا كانت زوجته مريضة ويريد الزواج بأخرى ولكن القانون في بلده (العربي المسلم) لا يسمح بالتعدد، فذكر الشيخ القرضاوي قصة رجل في تلك البلاد تزوج بالثانية فلما وصل أمره إلى السلطات قالوا له ألا تعلم أن القانون يمنع التعدد فكيف تتزوج امرأة ثانية، فقال لهم ومن قال لهم إن هذه زوجة ثانية، إنها عشيقة وخليلة. فسكتوا عنه.
المقالات كتبت في أوقات مختلفة ولعدة صحف ومجلات ولذلك جاءت متباينة المستوى في الأسلوب والكتابة وعمق المعالجة ولكنها تعبر عن وجهة نظر تسعى إلى أن نعود إلى الإسلام من جديد في هذه القضية وغيرها من قضايا الأمة الإسلامية. فإن أحسنت فتوفيق من الله وفضل ومنّة، وإن أخطأت أو قصّرت فمن نفسي والشيطان. والحمد لله رب العالمين.
                                                       
مازن مطبقاني
                                        المدينة المنورة في 8جمادى الأولى 1419هـ

                   الموافق 27سبتمبر 1998م.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...