التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة كتاب البحث العلمي والتعليم العالي بين الواقع والطموح

المقدمة
         أردت قبل سنوات أن أتعرف إلى الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية من أجل الترتيب لحضور مؤتمر دولي حول العولمة والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فوجدت أن مما تفخر به الصين أنها طورت البحوث الاجتماعية، وأن تلك الأكاديمية التي كانت عام 1947م لا يتجاوز مبناها أربعة أو خمسة طوابق أصبحت سنة 1997م تتجاوز العشرين طابقاً.
          لقد أدركت الصين أهمية البحث العلمي ليس في مجال الكيمياء والفيزياء، والرياضيات والتقنية، بل وجهت همّها لتطوير البحوث في المجال الاجتماعي، وفي يقيني أن الصين لو لم تنجح في بناء هُوُيّة الإنسان الصيني صاحب إرادة البناء والإبداع أولاً لما استطاعت أن تنجح في الصناعة والتقنية. إن الإنسان يأتي أولاً وهذا يعني التربية والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس وعلم الاجتماع.
         وأنفقت الصين في البحث العلمي والتعليم العالي، أما نحن في عالمنا العربي الإسلامي فلم يبلغ التعليم العالي أو البحث العلمي المكانة التي يستحقها، ولم تقدم له الميزانيات التي تجعله قادراً على أداء رسالته. ناهيك أن في التعليم العالي من الروتين والعراقيل والعقبات ما يجعله بعيداً عن تحقيق طموحات البلاد العربية الإسلامية في النهوض الحقيقي.
        وهذه مقالات كتبت على فترات مختلفة تناولت في الغالب قضايا التعليم العالي والبحث العلمي في المملكة العربية السعودية، وأحياناً هموم البحث العلمي في العالم العربي والإسلامي. وما زال هذا الموضوع بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة وبخاصة القبول في الدراسات العليا وتسجيل الرسائل الذي ما زال في معظم جامعاتنا بحاجة إلى أن يتخلص من الروتين والتعقيدات التي تجعل الطالب العاقل يبحث عن منحة في أي مكان من العالم.
          أرجو أن تجد أيها القارئ الكريم وأيها المسؤول ما يدفعك لأن تحدث تغييراً أو تطويراً أو إصلاحاً لنفوز بالأجر معاً، والله ولي التوفيق.


                                         مازن مطبقاني

                                    الرياض في 29رجب 1426هـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...