الصحوة الأمريكية والروسية
قد
يعجب البعض أن يكتب كاتب عن صحوة أمريكية أو روسية أو أوروبية مبرراً عجبه بأن
أمريكا أو روسياً أو أوروبا لم يكونوا في غفلة أو غفوة حتى يستيقظوا وينهضوا فهم
قد نهضوا منذ مئات السنين. أما نحن فقد كنا في تأخر ولا زال بعضنا يعتقد رغم
الخطوات الكبيرة التي قطعناها في مجال البناء والتقدم أننا كذلك. فالآخرون يدرسون
صحوتنا ونهضتنا وتقدمنا ونحن نتلقى ما يكتبون عنّا بالاندهاش والإعجاب.
أما
أن نكون نحن الذين نكتب عن صحوتهم ويقظتهم فأمر يدعو إلى العجب. ولكن ليزول العجب
أوضح أن الصحوة التي أقصد ليست صحوة للنمو والنهوض العمراني والمدني والحضاري
ولكنها الصحوة من سيطرة اليهود أو الصحوة للبحث عن المصالح الحقيقية لأمريكا
وروسيا وأوروبا.
والصحوة
الأمريكية والأوروبية ليست جديدة ولكنها كانت صحوة ثم تبعتها غفوة طويلة ثم بدأ
المارد الأمريكي يستيقظ من جديد. فقد أورد صاحب كتاب اليهودي العالمي (الذي أمر
بإعداده هنري فورد-مؤسس شركة فورد-أن بينجامين فرانكلين قد حذر الأمريكيين من
السيطرة اليهودية وما سيؤول إليه أمر الأمريكيين من مجرد أجراء وخدم عند اليهود
وبدقة أكبر عند المال اليهودي. وطالب بأن لا يمكنوا من البقاء في أمريكا. ولكن لم
يستمع الأمريكيين إلى النصيحة.
ولكن
الشعوب مهما طالت غفلتها لا بد أن تستيقظ يوماً ما. وقد ظهرت بوادر الصحوة في كتاب
بول فيندلي (من يجرؤ على الكلام) وكتاب (الخداع المتعمد). وتأكدت الصحوة في كتاب
بول دوغلاس (الرابطة الحميمة) الذي يؤكد فيه على أن العلاقات بين الولايات المتحدة
وإسرائيل تجاوزت ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الولايات المتحدة وأي دولة.
وظهرت مثل هذه الصحوة في مقالة دنكن كلارك الذي نشر في مجلة (السياسة الخارجية ع
99صيف 1995) حول نقل إسرائيل للأسلحة الأمريكية إلى دول أخرى دون استئذان الولايات
المتحدة الأمر الذي حدا بالأستاذ جهاد الخازن في مقالته اليومية من تحذير الكاتب
من أن يتهم باللاسامية ومعاداة اليهود.
وقد
أدرك اليهود بوادر هذه الصحوة فقد أوردت صحيفة المدينة المنورة (18جمادى
الأولى 1419 تقريراً إخبارياً بعنوان: (الأمريكيون يتساءلون لماذا يحكمنا اليهود؟!)
جاء فيه عن سعي اليهود الحثيث للسيطرة على مقاليد الأمور في الولايات المتحدة
والتبجح حين يصلون إلى السلطة حتى إنّ بعض المثقفين اليهود لا يستبعد ظهور هتلر
أمريكي " ما دامت ردة الفعل على السيطرة اليهودية تتفاعل أكثر وأكثر"
وأشار التقرير إلى ظهور جماعات مسيحية تسعى إلى الحد من السيطرة اليهودية.
كما
أن روسيا تشهد صحوة مشابهة وبخاصة في هذه الأيام التي تتعرض فيها لهزات اقتصادية
كبرى فقد نشرت صحيفة الحياة تقريراً بعنوان (يهود روسيا سيطروا على السلطة للمرة الأولى،
لكنهم قد يضيعونها!) (1جمادى الثانية 1419) وإن كان العنوان غير دقيق تماماً
فالسيطرة اليهودية بدأت منذ بداية الثورة البلشفية وفيما بعدها حتى كانت روسيا من
أشد المتحمسين لقيام إسرائيل وبخاصة في مجلس الأمن؛ فقد استخدمت المقاعد المخصصة
للجمهوريات التابعة لها في مجلس الأمن لفرض القرارات المناصرة لليهود وبخاصة قرار
التقسيم حيث كان مندوب أوكرانيا (إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق) يترأس
مجلس الأمن وكان عنيفاً في تأييده لإسرائيل حتى إنه أساء الأدب في التعامل مع بعض
المندوبين العرب.
وجاء في التقرير بعض المعلومات عن سيطرة اليهود
الاقتصادية والسياسية في روسيا ويشير أيضاً إلى ظهور بوادر تذمر من تعاظم الدور
اليهودي وسلبيته في حل المشكلات الروسية المستعصية. وكان بسّام كمال قد نشر
تقريراً في وقت سابق (عكاظ 24محرم 1419) تحدث فيه عن ظهور صحوة معادية للصهيونية
في روسيا يقودها محافظ إقليم كراسنادار نيقولاي كوندار أورد فيه تفاصيل عن وعي هذا
الزعيم بدور اليهود الصهاينة في الحياة السياسية الروسية منذ انطلاقة الثورة
الشيوعية. وأشار نيقولاي في أكثر من مناسبة لدور اليهود في إثارة الصراعات
الداخلية في الشيشان وفي داغستان وغيرهما وذكر أيضاً سيطرتهم على الإعلام ليحكموا
سيطرتهم على البلاد ثقافياً وفكرياً أيضاً مع سيطرتهم على المال والسياسة.
والحقيقة
إن لمسألة الصحوة جانباً آخر وهو ما يسمى بنبض الشارع أو موقف العامة فإن أحد الكتاب
قد وصف الأمريكان بأنهم أمة من الغنم (A Nation of Sheep)
لسهولة انقيادهم لحكومتهم أو لإعلامهم أو للسيطرة الرأسمالية عليهم، وجاء آخر
وأعتقد أنه من أصل عربي فكتب كتاباً جعل عنوانه (أمة من الأسود ولكن مكبّلة) A Nation of Lions,
But Chained. وقد أدرك كثير من الأمريكيين سطوة النفوذ
اليهودي ومن ذلك أنني لقيت مجموعة من الشباب العاديين جداً فوجدتهم يتحدثون عن
النفوذ اليهودي وتذمرهم منه. كما لقيت امرأة تعمل في مكتبة إحدى الجامعات
الأمريكية الكبرى فأكدت لي النفوذ اليهودي وذكرت من اليهود هنري كيسنجر. وقد لاحظت
سيدة تعمل في مكتبة جامعية أخرى أن كتاب البروتوكولات قد سُرِق من المكتبة أو أخفي
فقامت بإحضار نسخة أخرى ووضعتها في المكتبة.
أما
عن الصحوة في أوروبا فإن الأستاذ أحمد أبو الفتح قد أوضح هذا الأمر في العديد من
مقالاته ومنها مقالته (الشرق الأوسط،12رجب 1419) الذي تناول فيه اللقاء الذي نشرته
مجلة دير شبيغل -الألمانية الواسعة الانتشار-مع الضابط النازي البالغ من العمر
87سنة وما قاله عن اليهود بأنهم "على أي حال لم يكونوا يستحقون الحياة"
وأشار أبو الفتح أيضاً إلى نشر بعض الصحف الأوروبية وبخاصة السويسرية لمقتطفات
واسعة من حديث هذا الضابط. ومن مظاهر الصحوة أن مثل هذا الضابط لم يقدم إلى
المحاكمة أو يستجوب من قبل أي جهة رسمية كما كان يحدث في الماضي لمن يتعرض لليهود
بأي كلام يسيء إليهم.
وقد
أدرك اليهود هذه الصحوة فقد نقل الأستاذ أبو الفتح عن صحيفة "ها آرتس"
الإسرائيلية مقتطفات من مقالة إلياهو سلفتر منها:" يهود روسيا يشعرون بأن
الماضي يعيد نفسه: منذ اندلعت الأزمة الاقتصادية الجديدة أصبحت (الصهيونية) مرة
أخرى شتيمة ونعتاً سيئاً حل محل شتيمة (يهودي) والآن يتحدثون مرة أخرى عن أن
(الرأسماليين اليهود) هم الذين تسببوا في كل المصائب التي انهالت على رأس الدولة،
ويجمع الشيوعيون والمينيون المتطرفون على أن اليهود هم سبب خراب الاقتصاد
الروسي."
ولعل
من مظاهر الصحوة الأمريكية سقوط السيناتور الأمريكي الفونسو دماتوا –كما
أشار أبو الفتح (الشرق الأوسط 19رجب 1419) بقوله:" فداماتو هذا هو الخادم
المخلص لليهود وإسرائيل وكان أشد الناس انحيازاً لطلبات اليهود الذين يريدون
الحصول على مبالغ ضخمة من بنوك 26دولة ومن شركات التأمين وهو الذي قاد الحملة ضد
البنوك السويسرية وهددها بالمقاطعة الأمريكية." وداماتو هذا كان رئيس لجنة
البنوك في الكونجرس الأمريكي.
ومن
مظاهر الصحوة الأوروبية ما ذكرته نقلته صحيفة الرياض (1جمادى الآخرة 1419) من
تصريح زعيم الحزب الجمهوري الألماني اليميني رولف شليلير الذي صرّح بأن ألمانيا لا
يمكن أن تظل خاضعة للابتزاز اليهودي إلى مالا نهاية. وجاء في الخبر تصريح هذا
الزعيم بأنه" من غير المعقول أن ترحب ألمانيا بكل قرار يصدر عن إسرائيل.
" وفي نهاية الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء الفرنسية من القدس المحتلة أن
الأفكار المعادية لليهود (والسامية) آخذة في الانتشار في ألمانيا.
ومن
مظاهر الصحوة أيضاً المقالة التي نشرتها صحيفة تربيين دي جنيف بقلم المدير السابق
لهيئة الأمم المتحدة بول برتود عن انتهاكات إسرائيل للحقوق العربية منذ عام 1947
وفيه يدين إسرائيل ويتهكم من مزاعمها بالحرص على أمنها فيصفها بالمرابي الذي
" يستولي بطرق غير مشروعة وبالقهر على أرض الغير ثم يطلب الأمان."
وهناك
جانب آخر للصحوة الأمريكية والأوروبية تتمثل في بعض الأمريكيين والأوروبيين الذي
أدركوا الخدعة الكبرى في اتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب.
تعليقات
إرسال تعليق