التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة دورة عن الاستشراق

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركً فيه ، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فتأتي هذه الدورة في وقت تشتد موجة النقاش حول قضية العولمة وقد تصارع الناس حولها واحتدم الجدال بينهم فمن قائل إن العولمة جاءت لتنهي دور الدول الإقليمية وتحارب الهويات المختلفة وإن الدول لم تعد تملك قرارها كما كانت في السابق فهناك صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية وهناك منظمات الأمم المتحدة وهناك الشركات المتعددة الجنسيات التي تصنع كل شيء من عود الثقاب حتى الطائرة والصاروخ
ويحتد النقاش حول العولمة وكل يوم يأتي بجديد فقد قرأت هذا اليوم (7ربيع الآخر 1421هـ)لمسؤول يمني كبير ينادي فيها بما أسماه الأقلمة مقابل العولمة. فيا قوم لماذا الاختلاف حول مصطلح صنعه الآخرون وأرادوا لنا أن تضيع أوقاتنا في الحديث عنه والبحث عن مغزاه. وهل الأمر حقيقي بأن تعريف العولمة أمر صعب وأن فهمها يحتاج إلى بحث علمي عميق ودقيق؟
لقد حضرت مؤتمراً في هولندا بعنوان ( المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين ) وكان أحد أهم محاور المؤتمر (الإسلام والعولمة) وكان الحديث هو الحديث عن الإسلام السياسي والحركات الإسلامية وموقف هذه الحركات من التحديث الأوروبي ومن الحضارة الغربية وموقف الحركات الإسلامية من الديموقراطية ومن المرأة ومن الأقليات. وكأن الأمر ليس واضحاً لدى الذين يعرفون الإسلام. وأضرب مثالاً بأن الحديث عن حقوق الأقليات ينسون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطى أهل الكتاب أو أهل الذمة عهد الله وعهده وأن من آذى ذمياً فقد خان الأمانة. وكان من آخر وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفاه الله فيه بأهل الذمة وكان من القضايا التي تناولتها خطبة حجة الوداع أهل الذمة. ولدينا عهد عمر رضي الله عنه لأهل الذمة فهل يعقل بعد ألف وأربعمائة سنة يأتي من يتساءل عن حقوق الأقليات في العالم الإسلامي.
إن العالم اليوم تضيع فيه حقوق الأكثريات (إن صح هذا التعبير) وليس الأقليات  فلماذا التباكي على حقوق الأقليات في العالم الإسلامي وموقف الحركات الإسلامية منها وهاهي الأقليات الإسلامية تضطهد في البوسنة وفي كشمير وفي كوسوفا وفي الفلبين وفي بورما وفي الهند وغيرها، فماذا صنع العالم لوقف المجازر ضد المسلمين؟
ونعود الآن إلى هذه الدورة فإن الغرب سعى منذ مئات السنين إلى الغزو الفكري وبذل من الجهود ما يتعجب المرء كيف يبقى للإسلام باقية في العالم ولكننا نؤمن بقول الله عز وجل عن إنفاق الكفار أموالهم في محاربة المسلمين ( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ) ، وقول الله عز وجل ( لن يضروكم إلاّ أذى). وقول الله عز وجل عن كيد الشيطان ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرها من خذلها) وقوله عليه الصلاة والسلام ( الخير فيّ وفي أمتي إلى أن تقوم الساعة)
نعم بذل الغرب ماله وجهده وفكره ليخرج المسلمين من دينهم ويجعلهم أتباعاً أذلة له وقد استطاع أن يصل إلى عدد من المسلمين وسعى إلى أن تكون السلطة والرأي والتوجيه بيد هؤلاء حتى إن وسائل الإعلام العربية الفضائية لا تكف عن استضافة أمثال هؤلاء كالسعداوي والمرنيسي ونصر حامد أبو زيد ومحمد سعيد العشماوي وكأن العالم الإسلام خلا من المفكرين الإسلاميين الذين يمكن أن يقدموا الإسلام للعالم. ولكن هذه القنوات لا تريد ذلك وإلاّ لما أنشئت ، والعتب ليس على هذه القنوات ولكن على العلماء المسلمين وقادة الرأي الذين يتأخرون عن المشاركة فيها وتعلم لعبة الإعلام.
وفي الوقت الذي كانت إذاعة لندن تتحدث عن أحد كتب محمد سعيد العشماوي أفردت مجلة تصدر في لندن أربعة أو خمسة صفحات للحوار معه بعد أن قدم الصحفي الذي أجرى الحوار آيات التبجيل والتقدير وأضفى على الضيف صفات العظمة والأهمية.
إن هذه الدورة تقدم بعض المعلومات السريعة عن الاستشراق ولكن المواجهة بيننا وبين الغرب تحتاج إلى الجهود الكبيرة المستعينة بالله سبحانه وتعالى وتحتاج إلى الإيمان بأن لهذا الدين العظيم رسالة يبج على أتباعه أن يبلغوها إلى العالم أجمع. وقد أكد القرآن الكريم على الرسول الكريم في أمر البلاغ فكيف نحن وهو الذي يؤيده الوحي وقد أُعد لهذه المهمة العظيمة.
وفي الختام أدعوكم لتعلم لغة الكمبيوتر وزيارة مركز المدينة لدراسة الاستشراق وعنوانه على الشبكة هو : www.madinacenter.com
أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم جميعاً وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 
                                                          وكتبه
                                                مازن بن صلاح مطبقاني
                               المدينة المنورة في 7ربيع الآخر 1421هـ
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...