بسم الله الرحمن
الرحيم
لا
بد قبل الحديث عن منهج لويس أن نعرّف به فالمستشرق برنارد لويس مستشرق بريطاني ولد
في لندن في 16 مايو 1916 وقد بلغ الثمانين منذ سنتين واحتفل به مركز موشيه ديان
لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بندوة دامت يومين.
تلقى
تعليمه في لندن حتى حصل على البكالوريوس في الآداب من قسم التاريخ بجامعة لندن ثم
التحق بجامعة باريس معهد الدراسات السامية وحصل منها على دبلوم الدراسات السامية
ثم عاد إلى جامعة لندن لينال درجة الدكتوراه عن رسالته في أصول الإسماعيلية وأشرف
عليه المستشرق هاملتون جب.
التحق بالجيش البريطاني في أثناء الحرب
العالمية الثانية وأعيرت خدماته إلى وزارة الخارجية ثم عاد إلى الجامعة ليدرس حتى
وصل إلى منصب رئيس قسم التاريخ بمدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن من
1957 حتى عام 1974حيث انتقل بعدها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليحصل على
الجنسية الأمريكية عام 1982. عمل أستاذاً زائراً في العديد من الجامعات الأمريكية
وحضر الكثير من الندوات والمؤتمرات حول الدراسات العربية والإسلامية. كما قدم
المشورة للكونجرس الأمريكي عام 1974وكان ذلك قبل حصوله على الجنسية الأمريكية.وقد
قامت وزارة الخارجية الإسرائيلية بنشر شهادته أو محاضرته في الكونجرس بعد إلقائها
بأسبوعين.
له العديد من المؤلفات من أشهرها :
1- العرب في التاريخ
2-الإسلام في التاريخ
3-اللغة السياسية في
الإسلام
4- الحشاشون أول فرقة
ثورية في الإسلام
5-الساميون
واللاساميون
6-الغرب والشرق
الأوسط.بالإضافة إلى عدد كبير من البحوث التي نشرت في الدوريات المتخصصة ومنها على
سبيل المثال في مجال هذا البحث :
1- الديمقراطية
في الشرق الأوسط ن نشرت في مجلة شؤون الشرق الأوسط.
2- عودة الإسلام ، نشرت في مجلة تعليقات ونشرت
مترجمة في مجلة الدعوة المصرية (النمسا)
3- الدولة
والفرد في المجتمع الإسلامي. بحث ألقي في ندوة في فرنسا ونشر مترجماً في مجلة
الثقافة الجزائرية.
4- الحضارة
الغربية: نظرة من الشرق. محاضرة توماس جيفرسون التاسعة عشرة .
وكتب
كثيراً في الصحف والمجلات الغربية وبخاصة مجلة ذا نيو ريبابليك The
New Republic
وأتلانتك الشهري Atlantic Monthly وكومنتري Commentary اليهودية
وغيرها.
أوصى
لويس بأن تعطى مكتبته – وهي مكتبة كبيرة- لمركز موشيه ديان بعد وفاته. ويقضي لويس شهرين
سنوياً في تل أبيب.([i])
إن لويس متخصص في التاريخ الإسلامي وبخاصة
الدولة العباسية ولكنه اهتم بالإسلام عموماً وإن كان قد تحول إلى دراسة القضايا
المعاصرة في العالم الإسلامي عندما ظهر في الغرب اهتمامُ بالقضايا المعاصرة. ومن
أبرز ما يهم الغرب في العالم الإسلامي الفكر السياسي. ولا يمكن أن يتم فهم الفكر
السياسي المعاصر وبخاصة إلى الجماعات الإسلامية التي يطلق عليها الغرب خطأً
"الأصولية الإسلامية" إلاّ بدراسة الفكر السياسي كما جاء في الكتاب
والسنة وكما جاء في اجتهادات علماء الإسلام وفقهاؤه.
لقد اهتم الإسلام بالسياسة منذ بداية تكون الجماعة
الإسلامية الأولى في دار الأرقم بن أبي الأرقم حيث كانت تعمل تحت قيادة الرسول صلى
الله عليه وسلم ، وهو الذي أذن لمجموعة من المسلمين الذين عانوا الاضطهاد بالهجرة
إلى الحبشة في السنة الخامسة وبعدها. ولا يمكن أن تقوم جماعة بمثل هذا العمل لو لم
يكن لديها تنظيم معين. ثم اتضحت بعض أبعاد الجماعة الإسلامية في بيعة العقبة
الأولى ثم الثانية. وكانت الثانية قد أوضحت بعض الأفكار السياسية المهمة ومما ورد
في بيعة العقبة الثانية:" بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع
والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر وأن لا ننازع الأمر أهله وعلى أثرة منّا
وأن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم."
وبعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم
أخذت الجماعة الإسلامية وضع الفكر السياسي الإسلامي موضع التطبيق وذلك في الصحيفة
التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المسلمين والكفار من أهل المدينة ثم بين
المسلمين واليهود في المدينة. وفي هذه الأثناء كانت آيات القرآن الكريم تتوالى في
النزول توضح معالم المنهج الإسلامي في السياسة وفي الاقتصاد وفي شؤون الحياة كلها.
ويكفي تدليلاً على أهمية السياسة والفكر
السياسي في الإسلام أن قصة موسى عليه السلام مع فرعون وردت أكثر من سبعين مرة في
القرآن الكريم وكانت في غالبها في سياقات سياسية. فمن قال إن الإسلام لا يهتم
بالسياسة فما عليه إلاّ أن يطلع على هذه القصص وتفسيرها ليعرف كم هو مهم أن يعيش
الناس تحت ظل حكومة تعاملهم بالعدل وترعى شؤونهم وتساوي بينهم ولا تأكل أموالهم.
ألم يذكر القرآن الكريم عن فرعون قوله ( ونادى فرعون في قومه أليس لي ملك مصر وهذه
الأنهار تجري من تحتي)([ii])
وذكر طغيان فرعون في قوله ( ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد).([iii])
ولويس في اهتمامه بالفكر السياسي الإسلامي
لا ينطلق من كونه باحثاً متخصصاً في الفقه أو الفكر السياسي أو القانون ولكنه كتب
بطريقة المؤرخ لذي يرى بعض أحداث التاريخ الإسلامي فيبحث في كتب الأحكام السلطانية
والفقه ما ينطبق عليها، أو يجد فكرة في أحد كتب الفقه فيروح يبحث لها عن شواهد
واستدلالات في أحداث التاريخ ، وأحياناً يكون لديه فكرة جاهزة عن المنهج الإسلامي
في الحكم فيبحث في كتب التاريخ والفقه ولا يتوانى عن الرجوع إلى كتب الأدب ليبرر
وجهة نظره.
أما هذا البحث فينقسم إلى ثلاثة محاور :
المحور الأول:
المشروعية في الفكر السياسي الإسلامي عند لويس
المحور الثاني :
العلاقات بين الفرد والدولة ف الفكر السياسي الإسلامي
المحور الثالث: لويس
والحركات الإسلامية المعاصرة
تعليقات
إرسال تعليق