التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كتاب جديد -عبد الحميد بن باديس (1307-1358هـ) (1889-1940م) مفكر الإصلاح وزعيم القومية الجزائرية





رسالة دكتواره مقدمة من أندري ديرليك

لمعهد العلوم الإسلامية بجامعة ما قيل

بكندا ، مارس 1971

تقديم وترجمة

مازن مطبقاني



        على الرغم من أن هذه الرسالة القيمة قد أنجزت عام 1971 من باحث جاد في جامعة مقيل McGill وفي أقدم معاهد الدراسات الإسلامية فيها، لكنها لم تر النور في صورة كتاب سواء باللغة الإنجليزية أو باللغة العربية. وإنما لا تزال باقية في صورة فيلم مصغّر(microfilm) وقد رجعت إلى هذه الدراسة في بحثي عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية عام 1405هـ(1985)، كما كانت مرجعاً مهماً في كتابي عبد الحميد بن باديس: العالم الربّاني والزعيم السياسي، 1409هـ/1989م). وهي رسالة ثرية في معرفة صاحبها بالمنطقة وبتاريخها حيث أنجزت في وقت مبكر بعد استعادة الاستقلال وبدقة عام 1971م ولا بد أنه انطلق في بحثه قبل ذلك بأعوام. وقد تعرف إلى شخصيات جزائرية وتونسية  مهمة في المجال العلمي قدموا له كثيراً من الاقتراحات والآراء وقد ذكر من هؤلاء الشيخ محمد الفاضل بن عاشور وعثمان كعك، ومحمد الصالح رمضان ومحمد توفيق المدني وعبد الحق بن باديس. كما أن معرفته باللغة العربية سمحت له بالاطلاع على الصحف التي أصدرها الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله ومنها الشهاب والمنتقد.

        بدأ الدكتور أندريه ديرلك رسالته بمقدمة ضافية تناول فيها التعريف بعدد من المصطلحات التي وردت في الرسالة، ثم تحدث عن أهمية التغيير ومعنى الإصلاح الإسلامي وذكر في هذا المجال وجهات النظر القديمة والحديثه وأهداف الدراسة ومصادرها.

        أما في الفصل الثاني فتناول المشهد الجزائري في القرن التاسع عشر استهله بالحديث عن حقيقة القبليّة ثم الحديث عن أهمية الطرق الصوفية. أمّا الشخصيات التي لعبت دوراً في السياسة في هذا الوقت فبدأ بالحديث عن أحفاد الدايات. وخصص جزءاً مهماً للحديث عن الأمير عبد القادر الجزائري رحمه الله ودولته  فتحدث عن أهمية سلطنة عبد القادر ومعارضة التيجانية، ثم تحدث عن سياسة الجنرال بيجو والمخزن الفرنسي وسياسة بيجو الدينية. واهتم بتأسيس ما أُطلق عليه الجزائر الفرنسي ابتداءً بالحملة الجزائرية غير الهادفة لعام 1830 وما قامت به فرنسا من عمل تحضري والدور الجديد للكنيسة في الجزائر. واهتم بصفة خاصة بالأسس الاقتصادية للجزائر الفرنسية، ومحاولات الإدماج والرفض التي جوبهت به

        أما الفصل الرابع فكان حول عواقب التأثير الفرنسي على مسلمي الجزائر والذي تمثّل في تفكيك الطبقة البورجوازية في الجزائر، وتناول رسالة سكان مدينة قسنطينة للحاكم العام الفرنسي. وتحدث عن الشيخ حمدان الونيسي وبداية النهوض ومعنى التغيير بالنسية للمسلمين في الجزائر.

        وخصص الفصل الخامس للحديث عن الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله فبدأ بفقرة أسماها سنوات التكوين 1889-1925 ومهد لذلك بالحديث عن عائلة ابن باديس وذكر أنها عائلة مجيدة، ولكنه تحدث عن هذه العائلة كانت في وقت ما في خدمة فرنسا. تحدث بعد ذلك عن سنوات الغربة والدراسة في جامع الزيتونة وفصل في عن التعليم في الزيتونة.

        وفي الفصل السادس الذي خصصه للحديث عن الحياة العامة للشيخ عبد الحميد بن باديس في الفترة من 1925-1940 والتي تمثلت في المباحث التالية:

·       التربوي أو المعلّم

·       الصحافة الجزائرية الإسلامية

·       الدعوة إلى وحدة الجزائر

·       جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

·       الجدال حول الإسلام الصحيح

·       مؤتمر المسلمين الجزائريين العام

·       عبد الحميد بن باديس وفرنسا

·       تعقيب

أما الفصل السابع فكان حول الإصلاح الجزائري وتأثيرات الإبداع والتجديد على الجزائريين، ولكنه اهتم بالحديث عن أسباب الإنحلال في الجزائر وشروط النهوض في الجزائر وقسم الحديث عنا إلى ما يأتي

·       العودة إلى أصول الإسلام

·       تجديد العلوم الإسلامية

·       الأخلاق الإسلامية عند الجزائريين

·       علم اجتماع الإسلام

·       الإسلام والنصرانية في الجزائر.

     وخصص الفصل الثامن لقضية كبيرة وخطيرة وهي معنى القومية الجزائرية التي عنت أن الجزائر ليست فرنسا ولا يمكن أن تكون فرنسا ولا تريد أن تكون فرنسا، كما تناول رد فعل فرنسا تجاه الجزائر في مجال التحديث والعلمانية وعلاقة الجزائر بالشرق وحقيقة معنى القومية.

     وتضمنت الرسالة أو الكتاب عدة ملاحق مهمة تتجاوز المرحلة التي عاشها ابن باديس رحمه الله وهي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تلتحق بالثورة، كما تحدث عن ابن بلا رحمه الله ومسألة الدستور كما تحدث عن مرحلة بومدين رحمه الله وخصص فقرة للحديث عن موثوقية الإصلاح وحدوده في الجزائر وختم الحديث في الملاحق بفقرة بعنوان ما وراء إصلاح عبد الحميد بن باديس.

     وقد أعجبني في الدراسة سعة اطلاع الباحث واهتمامه في الجزائر في هذا الوقت المبكر وزيارتها وزيارة تونس والالتقاء بالعلماء في كلا البلدين وعمق معرفته بالتاريخ ولم يمنعه كونه كنديا وربما له أصول فرنسية أن يكون منصفاً في الحديث عن دوافع فرنسا من احتلال الجزائر ومهزلة المروحة أو حادثة المروحة وحقيقة علاقة الفرنسيين بالجزائر في ذلك الوقت.  وقد لفت انتباهي قوله في المقدمة أن المفاهيم الغربية مضللة إلى حد كبير حين يتم تطبيقها على الأوضاع غير الغربية. ومما يلفت الانتباه اعترافه بوحدة المسلمين الثقافية وارتباطهم بدين واحد من شواطئ الأطلسي حتى جزيرة مندناو في الفلبين وهذا يعني على حد قوله "أن الشخص المسلم كان يشترك في الإيمان والشعائر والمواقف والقيم مع أي إنسان يسكن الأراضي الإسلامية الواسعة فالروابط التي ربطت المسلمين فيما بينهم كانت تعتمد على الشريعة"

كما تستحق الرسالة الثناء أن صاحبها كان منصفاً في الحديث عن الشيخ عبد الحميد بن باديس وحركته ونشاطاته المختلفة وقد عقدت العزم على ترجمتها إلى اللغة العربية (الحمد لله أنجزت ترجمتها ونشرت في الجزائر برعاية الحكومة الجزائرية) والحقيقة أنها لن تحتاج إلى تعليقات أو توضيحات كثيرة. وأسأل الله العون والتوفيق، والحمد لله رب العالمين

       

       





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...