دورة معهد بروكنجز حول الشرق الأوسط-والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
27-29 أبريل 2010م
واشنطن
دي. سي
قبل أن أبدأ الحديث عن هذه الدورة أحب أن أقدم تعريفاً ببرنامج التعليم التنفيذي الذي أصبح عملية تعليمية بحثية مشتركة بين جامعة واشنطن بمدينة سينت لويس وهذه الشراكة قديمة وتم تجديدها ويقدم هذا القسم العديد من الدورات التي تتناول قضايا مختلفة في السياسة والاقتصاد ومعرفة السياسة الأمريكية وصناعة القرار وكثير من هذه الدورات تعطى في نهايتها شهادة، كما أن هذا القسم يقدم فرصة للعمل في المعهد بالتعاون مع الكونجرس الأمريكي حيث يستطيع الباحث أن يلتحق بمكتب أحد الممثلين السياسيين في واشنطن. وأود أن أقدم تعريفاً بمنظمي الدورة، فهما بيتر شوتل Peter Schoettle الذي يعمل مديراً لبرامج السياسات في مركز التعليم التنفيذي حيث يدير حلقات البحث والدورات للمؤسسات الحكومية والخاصة والسفارات الأجنبية حول قضايا عديدة بما في ذلك العملية السياسية في واشنطن العاصمة.
وقد عمل بيتر في السلك الدبلوماسي مدة
اثنتين وعشرين سنة ثم تقاعد حيث عمل في اليونان وبولندا واليابان. وشارك في العديد
من المفاوضات الدولية منها اتفاقية ستارت ومؤتمر نزع السلاح في أوروبا ومؤتمر قمة
السبعة في طوكيو وغيرها. وعمل في وزارة الخارجية في عدة مناصب منها المكتب الألماني
الروسي، وعضو في لجنة تخطيط السياسة في مكتب الوزير، وعمل مديراً للتدريب السياسي
في مهد الخدمات الخارجية. وقد كان
أستاذاً مساعداً في قسم العلوم السياسية بجامعة روتجرز Rutgers
University وقد خدم في الجيش الأمريكي في ألمانيا وحصل
على درجة الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة كولومبياColumbia
University بنيويورك.
أما المشارك الآخر في تنظيم الدورة فهو
آري وتيكن Ari Witkin
فهو حاصل على درجة الماجستير في الشؤون العامة من جامعة تكساس بمدينة أوستن ودرجة
البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا بمدينة سانت كروز. وقد عمل
اتكين مسؤولاً عن خدمات الشباب في مجتمع اليهود بمدينة أوستن في مركز المجتمع
اليهودي. وقد عاش بضع سنوات في إسرائيل (لاحظوا وجود أشخاص من إسرائيل في كبريات
المعاهد والمراكز في الولايات المتحدة بينما نغيب نحن عنها غياباً كاملاً، وقد
وجدت أمثلة لآري في مراكز ومعاهد أخرى)
الدورة
افتتح بيتر شوتل الدورة بطلب لكل
المشاركين بتقديم أنفسهم والجهة التي يعملون فيها وما يتأملون الحصول عليه من
الدورة ونصيحة يقدمونها إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وكما لاحظتم سابقاً أن
معظم المشاركين في الدورة ينتمون إلى جهات حكومية وخاصة في قطاع الاستخبارات
والأمن. أما النصائح فكثيرة، ولكن لفت انتباهي من طالب الرئيس الأمريكي بأن يترجم
الأقوال إلى أعمال، ومنهم من طلب منهم أن يكون أكثر حزماً في دعم قيام دولة
فلسطين، كما أن منهم من أشار إلى عدد السكان العرب من مسلمين ونصارى في إسرائيل
وأن أعدادهم سوف تتزايد في السنوات القادمة حتى يصبحوا أغلبية ويصدق على إسرائيل
–كما هو حالياً- أنها دولة عنصرية.
بدأت المحاضرات بمحاضرة لهشام ملحم
مدير مكتب صحيفة النهار البيروتية والمحلل السياسي في قناة العربية، وهشام ملحم
حصل على بكالوريوس في الفلسفة من جامعة فيلانوفا بولاية بنسلفانيا (وهي جامعة
كاثوليكية) ودرس في جامعة جورجتاون بواشنطن دي سي. (وهي جامعة كاثوليكية يسوعية)
وهو كما قال عن نفسه كان اشتراكياً يسارياً ثم انتمى إلى الرأسمالية الأمريكية،
ويحمل الجنسية الأمريكية. تحدث هشام ملحم تحت عنوان (ما بعد خطاب أوباما في
القاهرة: التحديات في التواصل مع الشرق الأوسط) وقد صب هشام جام غضبه على سياسة
الرئيس بوش وأنه لم يصوت له لا في المرة الأولى أو الثانية. وهشام ملحم معجب أشد
الإعجاب بالرئيس أوباما ويحمل القادة العرب والشعوب العربية عدم قيامها بما يجب
تجاه قضاياها. وقد أظهر هشام عدائه للحركات الإسلامية وبخاصة حماس وأنه يعاديها
تماماً وأنه لا يرى صحة مقولة إن الإسلام دين ودولة، بل إن الدولة الإسلامية لم
تتكون مطلقاً فبمجرد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم انفرط عقد الأمة وليس للأمة
الإسلامية وجود في التاريخ. وسخر من شعار (الإسلام هو الحل) وأن النصوص الإسلامية
من قرآن وسنة مرتبطة بالمرحلة التي ظهرت فيها. وقد كان موقف العديد من المشاركين
في الدورة أنه كان ضحل الأفكار والتحليلات ولم يحصل على أكثر من تقدير 2 من 5 في
تقويم المحاضرين.
أكبر أحمد: عالم باكستاني الأصل مقيم في أمريكا وقد عمل سفيراً لباكستان ويعمل حالياً أستاذ كرسي ابن خلدون للدراسات الإسلامية في الجامعة الأمريكية في واشنطن، كما عمل أستاذ كرسي دراسات الشرق الأوسط بالأكاديمية الأمريكية البحرية. وهو عضو غير متفرغ في معهد بروكنجز. كما أنه قدم برنامجاً ضخماً عن الإسلام في قناة البي بي سي. ويقوم منذ سنة بمشروع ضخم لدراسة المجتمعات الإسلامية في أمريكا.
وقد أكد في محاضرته على عدة قضايا من
أبرزها أن الحكومة الأمريكية ليس لها سياسة ثابتة محددة تجاه المسلمين في أمريكا،
وهؤلاء المسلمون يجدون عداءً مستحكماً من الإعلام وأن آراء معظم الأمريكان متأثرة
بالإعلام. كما أن المسلمين في أمريكا هم الوحيدون الذين يهاجمهم الإعلام ويهاجم
دينهم ولا ينتصر لهم أحد. وقد ذكر الدكتور
أحمد أنه لو تعرض الأمريكان من أصل أفريقي لأي إهانة في الإعلام لقامت الدنيا وما
قعدت وكذلك غيرهم من الطوائف في أمريكا أما المسلمون فلا يتأثر أحد ولا يعتذر أحد
لشتيمتهم وإهانتهم.
كما تحدث أكبر عن جولته مع عدد من
المساعدين لدراسة أوضاع المسلمين في أمريكا لصالح بعض الجهات الأمريكية، وفي نظري
قد يأتي بعض الخير من هذه الدراسة وإن كانت في نظري أقرب إلى الدراسة التجسسية
التي يطلق عليها دراسة أنثروبولوجية ذلك أن الذين يملون مثل هذه الدراسات لا تخفى
أهدافهم الحقيقية. وهو ما يقودني إلى أين دورنا نحن المسلمين في دراسة أوضاعنا حتى
وإن قام غيرنا بمثل هذه الدراسات.
وكان من الصور التي تحدث عنها أكبر أن
المسلمين في أمريكا يستقدمون أئمة من العالم الإسلامي يجهلون الحياة الأمريكية
والثقافة الأمريكية ويفتون الشباب دون معرفة بالواقع، كما أن الشباب قد يلجؤون إلى
الإنترنت فيتلقهم بعض المتطرفين.
وأشار أحمد إلى أن المسلمين سبقوا غيرهم
في التعايش والتسامح من خلال ذكر أحد أعلام التصوف وهو جلال الدين الرومي الذي
ادعى أنه لا يهمه أن يعبد الله في الكنيسة أو المسجد أو البيعة. وأشار إلى معارضته
لحماس، وكأن هذه المعارضة لحماس أو للحركات الإسلامية هي تذكرة القبول في الجامعات
الأمريكية أو في الغرب عموماً. وهذا يذكرني بلقاء جمعني مع رئيس قسم دراسات الشرق
الأدنى بجامعة برنستون هيث لوري Heath Lawry، ولما كنت قد احتججت على محاضر تركي اتهم حزب الرفاه (كان هذا عام
1995) بأن لهم أجندة سرية وأنهم يمارسون لعبة الديمقراطية ليصلوا إلى الحكم، ثم
يكون صوت واحد لرجل واحدة مرة واحدة. فسألته عن الدليل على مثل هذا الكلام أو إن
الاتهام لهذه الحركات جاهز. فقال لي رئيس القسم: مازن أنت على حق فنحن في الغرب قبلنا
العلمانيين والشيوعيين والبعثيين والملكية وكل نظام، ولكننا لم نستطع أن نستوعب
وصول حركة إسلامية إلى الحكم، فلماذا لا نتيح لهم الفرصة كغيرهم؟ وكنت أريد أن
أقول له لماذا لا تصرح أنت وأمثالك بمثل هذا الرأي أو تخافون على كراسيكم
ومناصبكم.؟
وأشار أكبر إلى تراجع أمريكا عن دعوتها
إلى الديمقراطية لأنها ستأتي بالإسلاميين وهو أمر لا يقبلون به أبداً. ولكن ما لا
يدركه الأمريكان أو غيرهم أن الشعوب الإسلامية حين تهب للحصول على حريتها وحقها في
المشاركة في القرار السياسي في بلدانها فلن تقف أمريكا ولا العالم كله في وجههم.
تعليقات
إرسال تعليق