التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بروتوكولات ليست مفبركة


                                بسم الله الرحمن الرحيم

            

يصر المستشرق الأمريكي الجنسية اليهودي الملّة البريطاني الأصل برنارد لويس على الدفاع عن بني قومه اليهود ودولتهم ومن ذلك الحديث عن البروتوكولات التي تنسب لليهود أو لمجموعة منهم (الحكماء) حتى إنه زعم في أحد كتبه أن رئيساً عربياً كان يوزع نسخاً من هذه البروتوكولات لكل ضيوفه. وهو في عرضه لهذه الرواية يصر على أن البروتوكولات إنما هي وثائق مزيفة.

وجاء مقال الدكتور عبد الواحد الحميد بعنوان (فبركة) (الرياض 14جمادى الآخرة1419) تناول فيه سعي اليهود الحثيث للسيطرة على العالم بإجباره على دفع التعويضات لليهود كما فعلوا في ألمانيا وفي سويسرا . وقد أورد الحميد المبلغ الذي استطاع اليهود الحصول عليه من ألمانيا وقد بلغ خمسة وسبعين مليار دولار. وليس هذا فحسب بل إنهم أجبروا البنوك السويسرية على دفع تعويضات أيضاً. وقد كتب في ذلك الدكتور سالم سحاب موضحاً السيطرة القوية والنفوذ اليهودي في أمريكا حتى أجبر السويسريين على الدفع.

وتساءل الدكتور الحميد محقاً لماذا اليهود وحدهم أصحاب الحق في الحصول على التعويضات لقاء ما يزعمون أنهم تعرضوا له من اضطهاد على أيدي الشعوب الأخرى، ولماذا لا يحق للبوسنيين أو الألبان أو الفلسطينيين أو الجزائريين أو المغاربة المطالبة بمثل هذه التعويضات؟ ويرى الدكتور الحميد أن الأمر لابد أن يكون مرتباً على نحو دقيق. ويذكر الحميد أن هناك ما يسمى بروتوكولات حكماء صهيون التى يزعم اليهود أنها مزيفة وإنما وضعت " لتشويه صورتهم وإبرازهم على أنهم يتآمرون على العالم"

ويخلص الحميد إلى أن ما يحدث في العالم " يكاد يكون تطبيقاً حرفياً لما جاءت به البروتوكولات!" ويضيف:"إن هذه البروتوكولات حتى وإن كانت مفبركة قد سبقت صعود اليهود إلى هذه القمة التي يحتلونها اليوم ..فهل أن من "فبركها" كان يرصد نوايا (نيّات) وخطط اليهود إلى هذه الدرجة من الدقة !؟ لقد نجح اليهود ليس فقط في تطبيق ما احتوت عليه البروتوكولات ولكنهم نجحوا في إقناع العالم أن هذه البروتوكولات مفبركة وأنه ليس لليهود علاقة بها . وهذا وحده يكفيني لكي أقتنع بأن هذه الوثائق حقيقية وليست مزورة."

والحقيقة أنه ليس الدكتور الحميد هو وحده الذي توصل إلى هذه النتيجة فقد سبقه كثيرون أصروا على حقيقتها ومنهم الزعيم العربي الذي كان يوزعها على ضيوفه. ومن المقتنعين كذلك الدكتور حسن ظاظا الخبير في الدراسات اليهودية فقد درس في الجامعة العبرية قبل قيام دولة يهود وواصل تخصصه في مجال الدراسات اليهودية . ومن مؤلفاته في الدراسات اليهودية:الشخصية الإسرائيلية الذي ناقش فيه مصداقية البروتوكولات ورجّح أن تكون من وضع "أحباء صهيون" حيث كانت تنبع من تفاعل بين الأفكار السياسية الثورية الحديثة والشخصية الإسرائيلية التقليدية الشاعرة بهذا الاضطهاد ، ويشير حسن ظاظا إلى كتاب أشد خطراً وأبلغ في المؤامرة وهو كتاب "مسالك إسرائيل".

وتناول الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي (رحمه الله) أيضاً الشخصية اليهودية والعقائد اليهودية في أحد كتبه فمما قاله  تعليقاً على نص توراتي يدعو اليهود إلى سفك دماء أعدائهم وتخريب بيوتهم بوحشية وقسوة "ولم يكن هناك تعبير آخر أو بلورة أخرى للدين اليهودي غير هذا والصهيونية ليست إلاّ بعثاً لهذا الدين وهذا الفكر وهذه النزعة العنصرية الحاقدة فهي لم تأت بشيء جديد في عالم الأيديولوجية التي ورثها عن السلف اليهودي عبر العصور."

وقد أوردت جريدة الحياة (1جمادى الثانية 1419) تقريراً لمراسلها في موسكو بعنوان "يهود روسيا سيطروا على السلطة للمرة الأولى ولكنهم قد يضيعونها" ويتناول المقال سيطرة اليهود على روسيا في المجالين المالي والسياسي ، وأما مسألة تضييع هذه السلطة فيأتي من سلبيتهم تجاه المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الروسي فإنهم يحتفظون بالمكاسب ولا يشاركون الأمة التي يعيشون وسطها في الأزمات مما يمكن أن يؤدي إلى كارثة تحل بهم كما حدث لهم في ألمانيا.

فمهما كان الحكم على البروتوكولات فإن الصحوة الأوروبية والأمريكية قادمة ضد أعدائهم الحقيقيين.
 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...