التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كتاب أغضب هوليوود عن سوء السينيما الأمريكية


                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                   

من الأقوال التي اشتهرت (الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها) وفي الغرب كثير مما يمكن أن نتعلمه وإن كنّا نحن أساتذة العالم في هذا المضمار لو أدركنا الكنوز التي نملكها. وهذا الأمر هو النقد الذاتي. فقد وجه القرآن الكريم إلى هذا الأمر حين أقسم الله عز وجل بالنفس اللوامة، وجاءت الأحاديث الكثيرة التي تدعو إلى محاسبة النفس ولكن لمّا كنّا نعيش في هذا العالم والزمن الذي صار ما يصدر عن الغرب ينتشر في كل مكان فإنه صدر قبل عدة سنوات كتاب قيّم بعنوان  هوليوود وأمريكا للناقد السينمائي (اليهودي) مايكال ميدفيد Michael Medvid  تناول فيه بالدراسة والتحليل إنتاج هوليود السينمائي وموقف الجمهور الأمريكي من هذا الإنتاج. وقد قدّمت مجلة الشرق الأوسط الأسبوعية تعريفاً بالكتاب مما دعاني للبحث عن هذا الكتاب في أكثر من مكتبة في منطقة لوس أنجلوس وفي نيويورك .وتعجبت كيف أن صحافتنا العربية الإسلامية أغفلت الحديث عن هذا الكتاب للتحذير من هوليوود وإنتاجها مع احتفائهم بكثير مما يصدر في الغرب.

هذا الكتاب دراسة علمية ميدانية بذل فيها المؤلف ومعاونوه جهوداً كبيرة في جمع البيانات وتحليل الإحصائيات والأرقام وقدموا كتاباً يعد بحق بحثاً علمياً موثقاً وقد عجبت أننا نقرأ الكثير عن عيوب الغرب ومثالبه وسلبياته ولكن عندما يظهر بعض الومضات المضيئة مثل هذا الكتاب نكاد لا نلتفت إليه.

يتألف هذا الكتاب من ستة أبواب جاءت في ثمان وستين وثلاثمائة صفحة بدأها بعنوان مثير وهو (مصنع السموم) وكان الباب الثاني بعنوان (الهجوم على الدين) وتناول الباب الثالث(الاعتداء على الأسرة ) وكان الباب الرابع بعنوان: (تمجيد القبح) وكان الباب الخامس بعنوان: (التأثير الذي لا مفر منه) وكان الباب السابع بعنوان (تحت الخط الأحمر).

وما أن صدر الكتاب عام 1992 حتى تناوله الكتّاب والنقاد بالاهتمام والكتابة عنه فوصفه أحدهم بأنه كتاب:"مدهش ثري بالمعلومات ومهم وممتع للقراءة ويتناول الحرب الثقافية ويصيب هدفه بقوة" ويوصف الكتاب بأنه: "كتاب خطير يظهر كيف أن صناعة الترفيه خانت الجمهور" وقد ذكر المؤلف في مقدمته أن هدف الكتاب أن يوضح بجلاء أن تأثير هوليوود في المجتمع الأمريكي وبالتالي في المجتمعات الأخرى خفي وهادئ وتدريجي وليس عنيفاً أو واضح جلي ولذلك يركز المراقبون المدققون على مسألة التأثير التراكمي وليس على بعض الأمثلة المعزولة." ويقول المؤلف أيضاً في مقدمة :" لا يمكن أن نعد فيلماً واحداً تهديداً خطيراً على حضارتنا ولكن التأثير التراكمي لهذه المواد (الذي يعادي الأمريكي العادي ثلاثين ساعة أسبوعياً) يقوم بدور مهم في تشكيل مفاهيم المجتمع وقيمه."

وتحت عنوان "مرض في الروح" تناول المؤلف غربة هوليوود وانقضاء شهر العسل بينها وبين المجتمع الأمريكي وغربتها وعزلتها فيقول بأن قادة صناعة السينما يرفضون الاعتراف بازدياد موجة العزلة والعداء بينهم وبين المجتمع الأمريكي. وزيادة على ذلك يرفضون أن يكون من حق أن مجموعة أمريكية أن تعترض على إنتاجهم ويصمونها بشتى الألقاب من التطرف الديني وغيره. ويضيف بان هوليوود تتجاهل اهتمامات الغالبية العظمى من الشعب الأمريكي من الرسالة التدميرية التي تظهر في أفلام اليوم وفي التلفزيون وفي الموسيقى الرائجة..

وأتوقف عند باب (الاعتداء على العائلة الأمريكية) حيث جعل الفصل الأول بعنوان (الفوضى الجنسية) وبدأه بالحديث عن أن غالبية الشعب الأمريكي تتطلع إلى قيم أسرية عالية وأنهم يهتمون بأسرهم وذلك من خلال دراسات ميدانية وإحصائيات ولكن هوليوود بأفلامها المختلفة تدعو إلى الرذيلة واقد انتشرت موجة من الأفلام تقدم الأولاد والبنات قبل سن العشرين في سباق محموم لممارسة كل أنواع الرذيلة .

وكذلك الموسيقى الشائعة أصبحت تدعو إلى الانحراف والانحلال وجاء بمجموعة أمثلة من كلمات الأغاني الشائعة وما فيها من عبارات فاحشة ويزعمون أن هذه الأغاني نالت المرتبات الأولى في سباق الأغاني.

وتناول المؤلف في فصل تالٍ الهجوم على الأسرة وأنها أصبحت مؤسسة قديمة قائمة على ظلم الرجل واضطهاده للمرأة وأنه لا بد من القضاء على هذه المؤسسة وقدم المؤلف عدداً من الأمثلة على أفلام تحمل هذه الدعوة.كما أشار إلى انتشار الخيانة الزوجية. وهذا ما تقوم به الأفلام المكسيكية المدبلجة أو الأفلام الأمريكية المدبلجة مثل فيلم (الجريء والجميلة)

إن هذا الكتاب يستحق أن يترجم إلى العربية بتصرف ليوضح ما تقدمه هوليوود إلى العالم من فساد ودمار. والعجيب أن تأتي هذه الانتقادات لهوليوود من ناقد سينمائي يهودي يعمل في صحيفة نيويورك بوست. فهل نبدأ فعلاً بأن نقدم للعالم سينما تدعو إلى الأخلاق والفضيلة؟ والله الموفق.




تعليقات

  1. جزاك الله خيرا وجعله ما قدمته في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون.ارجوك ان تبعث هذه الرسالة لي على الواتس اب لأساعدك في نشرها لكل احبابي واصحابي للعبرة لكل من يعتبر.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...