الحوار مع الآخرين

 


                           المسلمون عدد 387 في 3 محرم 1413هـ

            لفت انتباهي عنوان ضخم ((مانشيت عريض» في صفحة دين ودنيا بجريدة المدينة المنورة عدد ٩١٦٨ في ١٤١٢/١٢/٢٠هـ هو: «حملات العداء الغربي للإسلام.. الى متى؟)) وكان استطلاعا أجراه ماجد محمد، عرض من خلاله أراء عدد من علماء مصر. أسرعت الى قراءة الموضوع بشوق كبير أبحث عن إجابات لعلامة الاستفهام، فوجدت حديثا عاما عن العداء الذى يكنه الغرب الصليبي للإسلام منذ الحروب الصليبية.. أما الواقع المعاصر وما تشنه الصحافة الغربية عموما من حرب على الاسلام والمسلمين فلم يتحدث العلماء الأفاضل عنه.

      ان هذه الحملات ضد الاسلام والمسلمين ليست وليدة اليوم، ولكنها اشتدت وزادت حدة بعد سقوط الشيوعية. وقد تولى كبرها عدد من الكتاب الصهاينة في المجتمعات الغربية. كما تحمس لها بعض الامريكيين والأوروبيين الذين كانوا لا يرون أن يموت ابناؤهم من أجل البترول، أو انهم يخالفون ساستهم في اطماعهم الاستعمارية الجديدة المغلفة بدعوى النظام العالمي الجديد. ومن الغريب ان من أوائل من نبه الى هذه الحملة العدائية ضد الاسلام قسيس أمريكي يعمل رئيسا لمكتب «الاهتمامات النصرانية الاسلامية)) التابع لمعهد هارتفورد اللاهوتي الذى يصدر مجلة العالم الإسلامي التي أسسها القس زويمر عام ١٩١١م. لقد وزع هذا القسيس نشرة صغيرة عام ١٩٩٠ لا تتجاوز نصف صفحة يحذر فيها الأمريكان من اتخاذ الاسلام عدوا للأمة الأمريكية بعد سقوط الشيوعية. وطالب بنى قومه بالنظر الى العلاقات مع الاسلام بموضوعية، ونبه الى خطورة توجيه الاتهام للإسلام والمسلمين حينما يحدث الاضطراب في أية منطقة من العالم. وضرب المثل بأحد الكتاب المتعصبين ضد الاسلام والمسلمين وهو الكاتب (شارلز كروت هامر) وبين زيف ادعاءات هذا الكاتب. وقد عرضت في صحيفة المسلمون لأفكار هذا القس في مقال بعنوان (لماذا يخوفون الغرب بالإسلام؟) نشر في العدد رقم ((٣٠٧)) في ١٤١١/٦/٤هـ.

     وقد ظهرت في الأسابيع الماضية عدة مقالات تتناول ظاهرة العداء هذه وتحاول استجلاء أسبابها وتقترح وسائل لمواجهتها ومن هذه المقالات..

«حقيقة ما يقال عن خطر ((القنبلة الاسلامية)) بقلم على ابراهيم في الشرق

الأوسط العدد 4950 في 16 ذو الحجة 1412هـ

«كفى تجنيا على الاسلام» بقلم سالم المراياتي في مجلة المجلة العدد ٦٤٥

«رؤيتان امريكيتان للصحوة الاسلامية» بقلم الدكتور عبد القادر طاش بتاريخ 19/12/1412هـ في الشرق الأوسطـ.

• ((لماذا هم.. ولماذا نحن؟)) بقلم أحمد أبو الفتح في الشرق الأوسط يوم20/12/1412هـ

      وقد بذل كتّاب هذه المقالات جهودا طيبة في استعراض حملة العداء للإسلام في الغرب مركزين على تفنيد ما بها من المزاعم. على ان ما ينبغي ان نلتفت اليه هو ان في الغرب نظرة متزنة ومعتدلة لم يتناولها بالحديث سوى الدكتور عبد القادر طاش حيث أشار الى المحاضرة التي ألقاها مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط في مركز الميريديان الدولي في واشنطن والتي جاء فيها قوله «ان حكومة الولايات المتحدة لا تعتبر الإسلام انه (العقيدة) التالية (بعد الشيوعية) التي تجابه الغرب أو التي تهدد السلام العالمي.. وأضاف أن الامريكيين "يعترفون بالإسلام على أنه أحد أعظم أديان العالم". وذكر الدكتور طاش شخصيات أخرى اتسمت نظرتها للإسلام بالموضوعية والانصاف وذكر منهم (جون ان اسبوزيتو) الذى اشرف الدكتور اسماعيل الفاروقي يرحمه الله علي بحثه للدكتوراة لكن كيف نواجه هذه الحملات؟ أشار الدكتور طاش الى ضرورة الاهتمام بالتيار المتوازن المعتدل وبين ان ذلك لا يمكن ان يتم إلا بتعاضد جهود اسلامية منظمة معه وهى جهود مطلوبة لدعم الاتصال والحوار مع ممثلي هذا التيار وغيرهم، وكذلك اقامة النشاطات الفكرية والسياسية التي تبلور الرؤية المعتدلة ثم توفير القنوات الكفيلة بإيصالها الى صانعي السياسة الأمريكية».

       وطالب الاستاذ سالم المراياتي ان يكون للمسلمين الامريكيين نشاط في الدوائر السياسية الامريكية للرد على الحملات المغرضة وايضاح حقيقة الاسلام.  أما الأستاذ أحمد أبو الفتح فتساءل هل نمر على هذه الحملات دون مبالاة؟ واقترح بعض الوسائل التي يمكن من خلالها مواجهة الغرب وذكر منها اشعار الغرب بان مشكلاته الاجتماعية من تفكك الأسرة والقتل في الطرقات بسبب الخمر والشذوذ وغير ذلك ليس لها حل إلا بالإسلام. وهذا ذكرني بموقف الداعية أحمد ديدات – رحمه الله- الذى يدعو الى ان نواجه الغرب بسلبياته - التي يعرفها -ونعرض عليه الاسلام. أليس هذا هو المنهج القرآني الذى سخر من عبادة الكفار للأوثان وسخر من عقولهم التي قادتهم الى الممارسات الخاطئة من وأد البنات والخضوع للبشر والتطفيف في الكيل والميزان (صراع الشمال - الجنوب)).

     ان العمل لمواجهة هذه الحملات يتطلب تخطيطا دقيقا وجهودا كبيرة من المؤسسات الاسلامية ومن المفكرين الاسلاميين ولابد ان نبدأ سريعا بإعداد مراكز

البحوث في الجامعات لرصد كل ما يكتب في الغرب عن الاسلام والمسلمين فلا يكفى ان تتوفر المعلومات لدى أفراد محدودي العدد. وان هذا الأمر ممكن جدا بما

يتوفر في الغرب من وسائل المعلومات وقد استفادت بعض الدول من هذه الخدمات بمعرفه ما يكتب عنها هناك

    واذا ما حققنا نجاحا في عملية الرصد والمتابعة لابد من الدراسة والتحليل ثم

اعداد الردود، ولا شك اننا بحاجة الى الكتابة الموضوعية المنهجية وحتى لو كتبنا في

صحافتنا فان الغرب يتابع بدقة كل ما ينشر في العالم الإسلامي وينبغي ألا نكتفى

بما يكتب في البلاد الاسلامية، بل علينا ان نكتب باللغات الأوروبية وفى صحفهم

ما استطعنا الى ذلك سبيلا. وقد قرأت كتابات بأقلام اسلامية في بعض الصحف

الامريكية كريستيان ساينس مونيتور ولابد ان تستجيب هذه الصحف اذا ما

تلقت عددا كبيرا من الردود والتعليقات.

     ولا ننسى ان أبلغ رد على الحملات العدائية ضد الاسلام هو أن يعود المسلمون الى دينهم فيطبقوه في جميع مجالات الحياة، فان المسلمين الأوائل نشروا الإسلام بالقدوة قبل ان ينشروه بالكلمة

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية