ولكن كوسوفا لا بواكي لها

 


المقالة (٣٣٦) المدينة المنورة العدد (١٢٨٢٤)٥ صفر ١٤١٩هـ (٣٠مايو 1998م)

       قبل سنوات بدأت مشكلة البوسنة والهرسك فكانت مجاز ومذابح وحشية سجل التاريخ أمثالها كثيرا لأوروبا (المتحضرة) فيما بين الاوروبيين انفسهم او مع شعوب اخرى. فقي اوروبا قامت حروب طاحنة منذ اقدم العصور وبخاصة عندما كانت بعض البلاد الاوروبية تعرف بالتخلف والتوحش، فكان انتشار النصرانية في شمال اوروبا عن طريق القوة والحروب. وقامت في اوروبا حربان(عالميتان) دمرت فيهما المدن وقتل الملابين. والقت الولايات المتحدة الامريكية القنابل الذرية على المدينتين اليابانيتين ولما بدأت مجازر الصرب في البوسنة تسابق الاعلام الدولي في نقل جرائم الصرب في وسائله المختلفة. وتوالت الاجتماعات، والمؤتمرات والندوات التهديدات. وكان الامر مؤامرة دنيئة اشتركت فيها معظم الشعوب الأوروبية والغربية عموما وبخاصة التي تشترك مع الصرب ي المعتقد الارثوذكسي كالروس واليونان.

      ولابد ان نعترف بان قلة من الغربيين تنادوا الى وقف المجازر الوحشية ضد المسلمين في البوسنة وكان من هؤلاء بعض المسؤولين الامريكيين الذين قدموا استقالاتهم احتجاجا على سياسة بلادهم المتخاذلة مما يحصل في البوسنة. وهناك بعض الافراد العاديين من الأوروبيين الذين قدموا خدمات رائعة للمسلمين في البوسنة ومازلت اذكر احد جنود قوات الأمم المتحدة البريطانيين الذي انتقد ما يحصل في البوسنة وذكر انه بصدد مساعدة للسلمين، ومن الطريف ان اذاعة لندن لم تذع كلامه مرة اخرى، وربما افتعل له قادته مشكلة لإعادته الى بلاده، ولا بد ان نذكر كذلك دور للمسلمين الاوروبيين فقد ادوا دورا مباركا. وقد كانت الاذاعة السعودية تجرى لقاء مع الاستاذ فؤاد سزكين (الفائز بجائزة الملك فيصل) فذكر ان زوجته تعمل بلا كلل لجمع التبرعات ودعم جهود البوسنيين في المقاومة.

     وشاء الله عز وجل ان ينقذ للسلمين في البوسنة والهرسك بما وفر لهم من قيادة

عظيمة شهدت بها دول العالم اجمع تمثلت في الرئيس المناضل (حقا) علي عزت بيجوفيتش واخوانه الذين جاهدوا معه للوقوف في وجه الصرب الغاشمين. ولعل من ابرز الادلة على جهاد هذا الرجل ان منحته الملكة العربية السعودية جائزة الملك فيصل لخدمة الاسلام، كما قيض الله عز وجل من ابناء الامة الاسلامية من يقف مع البوسنة والهرسك وفي مقدمتهم ابناء هذه البلاد الطيبة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين واخوانه الكرام الذين تسابقوا الى التبرع بالمال الوفير وبجهودهم الباركة لجمع التبرعات لشعب البوسنة. وما تزال المملكة ممثلة في الهيئة العليا لمساعدة البوسنة برئاسة سمو الامير سلمان بن عبد العزيز تعمل الكثير من اجل إخواننا في البوسنة بالإضافة الى مشروعاتها في كثير من البلاد الاسلامية التي تحتاج الى الدعم والمساعدة، وشاركت دول إسلامية كثيرة في دعم جهود الشعب البوسني وقد نزار بعض الزعماء المسلمين سراييفو ومن هؤلاء رئيس وزراء ماليزيا

     وبعد ان فشلت مخططات الصرب الظالمين في البوسنة وبدأ شعب البوسنة يستعيد انفاسه ويكون دولته التفت الصرب الى سكان اقليم كوسوفا الذي اغتصبوه من البانيا من خلال الاتفاقيات الاوروبية عام ١٩١٢م وبعد الحرب العالمية الثانية ومن خلال المد الشيوعي الذي اعطى اقليم كوسوفا للصرب. وبدا الصرب يمنعون السلمين الالبان في إقليم كوسوفا من ابسط حقوقهم التي يتشدق الغرب بانه وضع مواثيقها في القرن العشرين، لقد منعوهم حقوقهم المدنية المتمثلة في التمسك بدينهم ومعتقدهم ولغتهم مع ان هذا الغرب اول من يناقض نفسه ويدنس هذه الحقوق ويخاصه اذا تعلق الامر بالمسلمين.

     لماذا لا يحصل الالبان في كوسوفا على حقهم في الاستقلال، نعم الاستقلال الكامل. لقد وقف العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية من اجل استقلال الجمهوريات السوفييتية السابقة لاتفيا واستونيا وليتوانيا مع ان سكان هذه الجمهوريات مجتمعة لا يزيد على ثمانية ملايين نسمة في حين ان عدد سكان كوسونا مع البانيا يتجاوز الخمسة ملايين- فلماذا يحرم خمسة ملايين من الوحدة والاستقلال ويمنح الاستقلال لهذه الجمهوريات ولجمهوريات اصغر مثل مقدونية وسلوفانيا مع انها تشترك مع الصرب في المعتق والجنس واللغة. وقد اقام الغرب الدنيا على ولاية التبت مع ان تركستان الشرقية أكبر واهم بكثير من التبت، وقد قامت هوليوود بإنتاج فيلم عن زعيم التبت.

     ليتنا نتنبه الى قضية كوسوفا من البداية قبل ان تزداد شهية الصرب لسفك الدماء فاتهم اذا ما بدلوا في مسلسل سفك الدماء والمجازر في كوسوفا فقد لا يتوقفون قبل ان نحل كارثة اشبه بكارثة البوسنة، فهل يتداعى المسلمون من الآن لوقف هذا المسلسل. فعليهم ان لا يقبلوا بقرارات الامم المتحدة التي لا تؤثر فانهم هددوا بقطع امدادات السلاح عن صريبا ان هي لم تتوصل الى انفاق مع سكان كوسوفا يضمن حقوقهم قبل موعد معين ومن قال ان الصرب بحاجة الى السلاح فكاني بهم يقولون ليقطع العالم السلاح فلدينا ما يكفينا ولدينا التمويل السري القادم من روسيا ومن اليونان

     الم يقطعوا السلاح عن البوسنة والهرسك والصرب في اثناء مجازر الصرب في البوسنة وجاءت القوات الدولية لتكمل مشاهد المسرحية. فهل توقف الصرب حقا؟ لقد منعوا السلاح عن الضحية والمعتدي مع ان المعتدي لديه السلاح.

فكان البوسنة كانوا كما قال الشاعر،

         القاه في اليم مكتوفا وقال له اياك اياك ان تبتل بالماء.

     اذا كان الغرب جادا. واشك في ذلك. فليس الامر متعلقا بمقاطعة الصرب في مسألة السلاح فقد قاطع العالم ليبيا لأنها لم تسلم اثنين متهمين بتفجير طائرتين قتل في الحادث ما لا يزيد على اربعمائة مسافر. فلماذا لا تكون المقاطعة شاملة فلا تطير الطائرات فوق صريبا ولا تهبط بها وتطرد كل بعثاتها الدبلوماسية وتقاطع اقتصاديا فان اعداد الذين قتلوا بجرائم الصرب لا تحتاج الى دليل او الى محاكمات فهي اوضح من الشمس في رابعة النهار. واكتفى بشهادة واحدة لوحشية الصرب في التعامل مع المسلمين في كوسوفا بما كتبه الناشط الامريكي لجمعيات حقوق الانسان بيتر ليبمان في مقالته التي نشرتها الشرق الاوسط (١ ذو الحجة ١٤١٨هـ) بعد ان مكث اربعة ايام في احد السجون في كوسوفا حيث شاهد الوحشية ومدى امتهان حقوق الانسان االذي يمارسه الصرب ضد الالبان وذكر امثلة كثيرة فليرجع اليها من شاء وكذلك مجلة المجتمع: ع (١٢٩٥) (١٠ ذو الحجة١٤١٨ه) فهل نفعل شيئاً قبل فوات الاوان؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية