يسّروا سبل البحث العلمي



كانت الطريقة التقليدية التي يسلكها الباحثون لمعرفة الدراسات السابقة التي تمت في مجل بحثهم هي الرجوع إلى جرائد المصادر والمراجع الملحقة بكتب الفن الذي يدرسونه، وقد يجدون أحياناً كشافات لبعض الدوريات. أما كشّافات الرسائل العلمية في الجامعات العربية الإسلامية فعزيزة المنال عدا مرجعين اثنين أو ثلاثة بيد أنها لا تحصر جميع الرسائل
ومنذ سبع سنوات (أي حوالي 1406أو 1985) بدأ مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية يقدم خدمة للباحثين في مجال الدراسات السابقة، وكانت قواعد المعلومات لدية محدودة حينذاك حيث لم يكن مضى وقت طويل على بدء هذه الخدمة. وأذكر أنني طلبت تكشيفاً بالحاسوب عما كُتب عن الاستشراق الفرنسي أو الدراسات العربية الإسلامية في فرنسا فلم تزد عدد العناوين على بضع عشرات.
وشاء الله أن تستمر صلتي بالبحث العلمي وب "مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية" فوجدت من هذا المركز تعاوناً جيداً، ولمّا كنت لا أقنع بالمعلومات التي تتوفر لديهم في الحاسوب بل أطلب تزويدي ببعض المراجع فقد واجهت بعض العراقيل وإنني حين أذكرها هنا لا أقصد مطلقاً التقليل من شأن خدمات هذا المركز ولكن حرصاً على أن ترتقي خدماته ليصبح بحق منافساً لأي مركز معلومات في الدنيا بل حتى نتفوق على ما عند الغرب وبخاصة أن هذا المركز جزء من مشروع خيري كبير.
أما هذه العراقيل التي واجهتها فهي كما يأتي:
أولاً: كتبت مريم جميلة عرضاً لكتاب بعنوان: أتاتورك الخالد قام بتأليفه باحث أمريكي يهودي وقبرصي يوناني، وتضمن الكتاب دراسة ميدانية وثائقية لحياة مصطفى كمال وعلى الرغم من إعجاب المؤلفين بمصطفى كمال لكنهما فضحا كثيراً من تفاصيل حياة هذا الرئيس فأحببت أن أطلع على الكتاب فأرسلت إلى مركز الملك فيصل أطلبه فأفادوني بأن الكتاب غير موجود لديهم ولكنهم سيسعون للحصول عليه وتزويدي بنسخة منه، وقد مرت أكثر من أربع سنوات ولم يزودني المركز بالكتاب-وحصلت عليه بطريقتي الخاصة.
ثانياً: في أثناء بحثي عن الاستشراق الإنجليزي احتجت إلى تقريرين حول هذا الاستشراق أعدتهما لجنتان حكوميتان أصدرت الأولى تقريرها عام 1947 والثانية عام 1961 وطلبت التقريرين من المركز، ووعد خيراً لكني لم أثق بالوعد فحصلت على التقريرين عن طريق المكتبة البريطانية وبثمن مرتفع جداً وهنا أخبرت المركز بحصولي على التقريرين فطلب أن أزوده بصورة من كل منهما دون أن يسهم في تكاليف حصولي عليهما ولم أتأخر لسابق فضل للمركز عليّ.
وكانت ثالثة الأثافي حين بدأت في إعداد ببليوغرافيا الاستشراق والتنصير فبعثت طلباً لمعرفة ما لدى المركز حول هذا الموضوع لأفيد منه وتأخرت الإجابة قرابة شهر (لسفر الأمين العام) وزرت المركز وأمضيت أربعة أيام أراجع المركز يومياً وهم يقولون: عُد غداً. وفي اليوم الأخير قيل لي إن ما طلبت يزيد على مائتي عنوان ونظام المركز لا يسمح بأكثر من مائة عنوان حتى لا يقوم أي باحث بأخذ هذه المادة ونشرها باسمه. ولمّا سألت عن أسباب التأخير قيل لي أنت صديق المركز ولم نرد أن نصدمك من أول يوم. فقلت أما وضع اسمي على المادة التي أعددتم فهذا من الكذب الذي لا يرضاه لي ديني بل إن أبا سفيان استحيا أن يكذب وهو في جاهليته ثم هل أنا في حاجة إلى كتاب جديد فإن لي والحمد لله أكثر من خمسة كتب، أما الصدمة فإنني لو صدمت في اليوم الأول لوفرتم عليّ ثلاثة أيام من المراجعة.
إن نظام المركز في هذا الشأن جديد ولا أعتقد -فيما أعلم- أن المراكز الأخرى تأخذ به فقد زرت جامعة برنستون وطلبت ما لديهم عن التاريخ الإسلامي فأعطوني قائمة فيها (350) مادة وطلبت شيئاً عن الجزائر فحصلت على قائمة ب (290) مادة. ثم هب أن الباحث نشر القائمة كما هي أليس تحمله كلفة النشر والتوزيع خدمة لأهداف المركز الذي لا يتقاضى أجرة على هذه الخدمة؟؟
إن المركز صرح علمي مبارك يقدم الخدمات للباحثين ولا يُعلن عن نفسه إلّا القليل –وحبذا لو أعلن عن هذه الخدمات- ولا تقلل هذه العراقيل من جهود القائمين عليه من باحثين ومكتبيين وإداريين وعلى رأسهم الرجل الدمث الخلق اللطيف المعشر أخي الدكتور زيد الحسين. وكفى بالمرء فضلاً أن تعد معايبه. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه

ملاحظة بعدية: حصل الدكتور علي النملة على مثل تلك المادة (أخذها على دفعات كما قال لي) كما أفاد من المادة التي كنت أنشرها في ملحق ألوان من التراث في جريدة المدينة المنورة قبل صدور كتابه، وأعدها في كتاب وقام المركز بنشرها فتعجبت ولا زلت متعجباً. كما قام الدكتور قاسم السامرائي (وهو صديق للمركز) بالحصول على مادة قريبة من المادة التي طلبتها



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية