المدارس والجامعات الأجنبية في البلاد الإسلامي بقلم عبد الله فراج الشريف


ضيف العدد


تقديم :
نشرت هذه المقالة القيمة في جريدة المدينة المنورة في محرم عام 1419 م وبالرغم من مرور كل هذا الوقت فإن الجامعات والمدارس الأجنبية لا يزال لها دور كبيرة ومهمة خطيرة تقوم بها، ولئن ثارت هذه الضجة على كتاب قرره أحد أساتذة الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فإن الأمر أخطر من مجرد كتاب، وقد كتبت في هذا المجال أشير إلى أننا نعترض على كتاب وننسى كتباً وربما نسينا ما يلقنه الأساتذة للطلاب مما لا وجود له في دفات الكتب. فالقضية خطيرة وجزا الله الكاتب الفاضل على غيرته الصادقة ولكننا نريد أن نكون أكثر وعياً في إدارة الصراع الفكري مع أعدائنا فلا نقبل أن يجرونا إلى معارك جانبية ويستأثروا بالانتصارات تلو الانتصارات، والله الموفق.
المقالة:
لا أدري لماذا تسمح بعض الدول العربية والإسلامية بإنشاء مدارس وجامعات أجنبية داخل أوطانها، فلو كانت تلك المدارس والجامعات تقدم إليها في شكل إعانات مجانية لتلك البلدان لوجدنا لها بعض العذر في قبولها بدعوة أن إمكانات تلك الدول لا تفي بإيجاد العدد الكافي من المدارس والجامعات الوطنية التي تؤهل أبناءها للحياة، ولكن هذه المدارس والجامعات تتقاضى رسوماً باهظة لا يستطيعها إلاّ القادرون من أفراد المجتمع.
ولو كانت هذه المدارس والجامعات تقدم لأبناء هذه البلدان تعليماً متميزاً يعني بالنواحي والتقنية والعلمية في العلوم التي تحتاجها التنمية، لقلنا أنها مضطرة لقبوله، لأن مستوى مدارسها وجامعاتها الوطنية قد يكون منخفضاً لا يؤهل أبناءها تأهيلاً كافياً من هذه الناحية، ولكن تلك المدارس تقوم غالباً بتدريس علوم نظرية بوجهة نظر غربية تثير جدلا في تلك البلدان،وتنقل إليها ثقافة مغايرة لثقافتها، وتغرس قيماً مناقضة لقيمها، ولم يبق إلاّ أن يكون الدافع لقبول وجود هذه المدارس والجامعات فيها من باب التقليد المحض غير الواعي لحضارة الغرب.
وقد لا يغيب عن الذهن أن تكون هناك ضغوط عليها لقبولها من قبل الدول الأجنبية التي تنتسب إليها هذه المدارس والجامعات، فكثيراً ما نكتشف في هذه المدارس والجامعات الأجنبية خطراً يتهددنا، فبعضها بؤر للتنصر أو بث أفكار ومبادئ أقل ما يقال عنها أنها تهدم قيم المجتمع وثوابته، وهي فوق ذلك مراكز متقدمة تتجاوز الحدود وتتفادى الرقابة لنشر فكر وثقافة دولها في الدول الأخرى وربط الدارسين فيهابها حتى يصبح ولاء هؤلاء لها وليس لأوطانهم والغريب أن هذه المدارس والجامعات رغم خطورتها مستمرة في الانتشار في البلاد الإسلامية ولا يلحظ في الأفق أن هناك سياسية لإلغائها أو على الأقل الحد من انتشارها.
ولعل الحادثة الأخيرة التي وقعت في الجامعة الأمريكية في القاهرة تظهر لنا مدى خطورتها، فقد قرأنا مؤخراً في الصحف المصرية أن أحد مدرسي الجامعة ممن يدرسون تاريخ المجتمع وهي مقررة على جميع طلاب الجامعة، أصر على أن يضيف إلى المقرر كتاباً بعنوان(محمد) لمؤلف فرنسي هو (مكسيم رودنسون) يثير فيه حول الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم شبهاً كثيرة بلغت الخمسين شبهة، يستخدم فيه أسلوباً بذيئاً في حديثه عن المصطفى صلى الله عليه وسلم رغم احتجاج الطلاب على ذلك ورفع الأمر إلى إدارة الجامعة إلاّ أنها لم تحرك ساكناً ولم تمنع هذا المدرس مما يريد، مما دفع كاتباً مخلصاً لدينه هو الأستاذ صلاح منتصر أن يكتب مقالا في جريدة الأهرام يوم الأربعاء 17/1/1419هـ الموافق 13/5/1998م بعنوان (كتاب يجب وقفه) يحذر من خطر ما تقوم به هذه الجامعات من زعزعة لعقائد طلابها، وأسفر عن ذلك أن تدخل معالي وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي الدكتور مفيد شهاب وأوقف تدريس هذا الكتاب، وسحب نسخه من أيدي التلاميذ، وأكد على أن حرية الفكر في التعليم لا تعني إطلاق الحرية للمساس بالإسلام وتشويه حقائقه، وبادرت دار الإفتاء المصرية للرد على أكاذيب وافتراءات هذا الكاتب الفرنسي في بيان نشرته جريدة الأهرام يوم السبت 20/1/1419هـ الموافق 16/5/1998م طالبة من هذا المدرس الذي أصر على تدريس هذا الكتاب السيئ أن يتوجه إلى دار الإفتاء أو إلى جامعة الأزهر لمناقشة العلماء إذا كان في عقله شبهات حول الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم وكتابه لا أن يستغل موقعه في الجامعة لبث سمومه بين الطلاب.
هذه حادثة من حوادث عدة في مثل هذه المدارس والجامعات الأجنبية توضح الخطر في وجودها داخل بلداننا العربية والإسلامية ومع هذا فلا أحد يفكر في الاستغناء عنها وعدم السماح لها بتشويش العقول داخل مجتمعاتنا بل إننا نجد في بلداننا التي حماها الله أن هذا البلاء العظيم من يقترح إنشاء مثل هذه المدارس والجامعات بدعوى حاجتنا إلى مدارس وجامعات أهلية واستفادتنا من خبرات الآخرين، ويزعم أنها نجحت في البلدان التي سمحت بإنشائها داخل حدودها. وأخشى ما أخشاه اليوم أن يجد مثل هذا المدرس المنحرف الفكر الذي قرر هذا الكتاب السيئ على طلاب مسلمين من يدافع عنه بدعوى الرأي والفكر، كما دافع البعض عن أمثاله من قبل ممن أساءوا إلى الإسلام وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى صحابته رضوان الله عليهم دون أدنى شعور بما يسببونه بفعلهم هذا لمشاعر المسلمين في كل أقطارهم من أذى بالغ.
وإني على يقين أن أمثال هؤلاء الذين يحاولون الإساءة إلى الإسلام بما ينقلونه عن الآخرين من أفكار ملوثة ظناً منهم أنها ثقافة لا يؤثرون في الإسلام لأنه الدين الحق، وقد حاول قبلهم من ملتاثي العقول الكثيرين الإساءة إلى الإسلام وصرف الناس عنه فباءوا بالفشل الذريع وذهبت جهودهم الشيطانية أدراج الرياح، فالله يحفظ كتابه ودينه ويحمي رسوله صلى الله عليه وسلم والحق لا يهدمه الباطل والله ولي التوفيق.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية