الإنجليز ودراسة الإسلام



        أصبح موضوع دراسة الإسلام أو دراسات الشرق الأوسط من الموضوعات الاستراتيجية لدى الحكومة البريطانية منذ عام 2007م ، وكلّفت معهدين لإعداد دراسة عن تدريس الإسلام في بريطانيا وخمس دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وهولندا ودولتين أخريين. وبدأت الدراسة بالحديث عن الإسلام وأهمية دراسته وكيف تتم هذه الدراسة وكيف كانت في الماضي وكيف يرون أن تكون دراسة الإسلام في المستقبل. وقد كان البحث مكتبياً أي قام الباحثون بإجراء الدراسة دون القيام ببحوث ميدانية أو مقابلات سوى بعض المقابلات الهاتفية. واعتمد الباحثون على دراسة صديقي، واسمه الكامل عطاء الله صدّيقي ، والدراسة الأخرى قام بها معهد المكتوب للدراسات الإسلامية والعربية (بمدينة داندي) وأعدها كلٌّ من عبد الفتاح العويسي ونائبه الإنجليزي.
        والحديث عن دراسة الإسلام والعالم الإسلامي تثير كثير من التساؤلات فهل بعد مئات السنين من دراسة الإسلام وإصدار عشرات الأولوف أو حجتى مئات الألوف من الكتب حول الإسلام والمسلمون تكون هناك قضية إسمها الإسلام؟
        هناك احتمالات ثلاثة أو أربعة وهي:
        1-إنهم لم يعرفوا كيف يدرسون الإسلام.
        2- إنهم يدرسون الإسلام ولديهم أفكار مسبقة.       
        3- إن الإسلام صعب وعصي على الفهم
        4- كل ما سبق صحيح.
        إذا قلنا إنهم لم يعرفوا كيف يدرسون الإسلام أو إنهم لم يمتلكوا الأدوات الصحيحة لدراسة الإسلام وأول هذه الأدوات أنهم لم يمتلكوا ناصية اللغة العربية فكيف يمكن للإنسان أن يفهم ديناً أو لنقل أن يفهم الإسلام وهو لا يستطيع قراءة القرآن قراءة صحيحة، فما أعتقده أنه لا يمكن فهم اللغة العربية أو امتلاك القدرة على القراءة بها دون أن يتعمق في فهم اللغة وأسرارها ونحوها وصرفها. كيف لشخص أن يفهم القرآن الكريم دون أن يتقن التجويد؟ لأنه دون فهم كيف نزل القرآن الكريم وكيف تلقّاه المسلمون وتعلموه فكيف له أن يفهم النص القرآني فهماً صحيحاً.
        قرأت بعض الصفحات عن تدريس الإسلام في بريطانيا وعرفت أن عدد الدارسين للغة العربية قد تضاعف في السنوات الأخيرة، ومنهم من يمضي سنة أو أكثر في بلد عربي ولكنهم لا يصلون إلّا نادراً لفهم اللغة العربية فهماً حقيقياً..
        وبعد أن يفهموا اللغة العربية لا بد أن يتلقوا المعارف الأخرى من نحو وصرف وبلاغة وبيان وإعجاز..هم بحاجة إلى الجلوس عند المشايخ الحقيقيين أو بقايا العلماء أصحاب الحلقات..
        أتساءل أحياناً عن الذين درسوا الإسلام في أوروبا وأمريكا هل وصل أحد منهم درجة الاجتهاد؟ لقد ظهر لدينا فقهاء في العصر الحاضر درسوا في البلاد الإسلامية من الأزهر إلى القرويين إلى علماء من السعودية وأندونيسيا وصار لهم شأن في العلوم الإسلامية أما الذين درسوا في الجامعات الغربية فلم أسمع بأي واحد منهم بلغ درجة الاجتهاد وهل يمكن لهم حقيقة أن يبلغوها وجل معارفهم مبنية على كتابات من سبقهم من الغربيين الذين لم يصلوا هم أنفسهم إلى درجة عميقة من فهم الإسلام...
        وأخيراً فلو كان الغربيون وبخاصة الإنجليز لديهم الرغبة في فهم الإسلام والمسلمين فعليهم أن يقوموا بترجمة كثير من الدراسات القديمة والحديثة عن الإسلام كما إن عليهم أن يستعينوا بالعلماء المسلمين الذين بلغوا درجة الاجتهاد،كما أن عليهم أن ييعقدوا اتفاقيات مع جامعات إسلامية ومعاهد ليدرس طلابهم شطراً من دراستهم في بلد إسلامي وبخاصة عربي ليتمكنوا حقيقة من اللغة العربية ومن فهم الإسلام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية