مستشرقون معاصرون


                              
إن في السيرة النبوية من الدروس والعبر والعظات ما يحتاج إلى مجلدات فهي نبراس هداية لكل مسلم في أي عصر عاش. وما أحوجنا في هذا العصر أن نعود إلى السيرة النبوية الشريفة لنستلهم منها الدروس والعبر. وقد لفت انتباهي أنه صلى الله عليه وسلم حين كان يعرض نفسه على القبائل كان يختار أهل الشرف والعقل.
 ولا شك أن أي أمة من الأمم مهما كان انحرافها وبعدها عن منهج الله عز وجل فإن فيها عقلاء وأشراف كما كان لعرب الجاهلية. وإن بحثنا عن أهل الشرف والعقل في الغرب فإننا نجدهم العلماء وأساتذة الجامعات والمفكرين الذين لهم تأثير في الرأي العام الغربي. ولذلك فعلى المسلمين واجب الاتصال بهؤلاء ومحاورتهم ودعوتهم إلى الإسلام فإننا إن كسبنا هؤلاء كسبنا الكثير في سبيل نشر الإسلام وكسب أرض جديدة للإسلام.
ونجد في مجال الدراسات العربية الإسلامية باحثين غربيين وصلوا إلى درجة عالية من المعرفة بالإسلام وتعاليمه وعظمته وتسامحه حتى نال عند قومه من التقدير لعلمه ولجهوده في نشر العلم. ومن هؤلاء المستشرقة الألمانية آنا ماري شميل. فقد بدأت هذه المستشرقة بدراسة اللغة العربية في سن الخامسة عشرة، وقد استطاعت أن تتقن العديد من لغات المسلمين وهي التركية والفارسية والأوردو.
وقد أدرك مكانة هذه المستشرقة العلاّمة والداعية المسلم في أوروبا الدكتور زكي علي منذ أكثر من أربعين سنة حين كتب يقول:" وعلى رأس المحررين (لمجلة فكر وفن) الأستاذة الألمعية الدكتورة آن ماري شميل المتخصصة في دراسة محمد إقبال حكيم وشاعر باكستان.. وترجمت إلى الألمانية له ديوان (جاويد نامة) وكتاب (رسالة المشرق عن الفارسية) وهي أستاذة بجامعة بون وغيرها ومن أكابر علماء ألمانيا.. وتنصف الإسلام والمسلمين كثيراً جزاها الله خيراً." وقال عنها أيضاً أنها أصدرت العديد من الكتب منها كتاب (محمد رسول الله) بسطت فيه مظاهر تعظيم وإجلال المسلمين لرسول الله e.
أما فوزها بجائزة السلام فقد أثارت الكثير من الضجيج في ألمانيا بصفة خاصة وأوروبا عموماً ومن ذلك أن بعض الجهات المعادية للإسلام لم يرقها أن تنال هذه الباحثة المدافعة عن الإسلام في وجه الهجمات الغربية عليه فحاولوا أن يمنعوا حصولها على الجائزة. وقد امتدحها رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بأنها ما زالت تواصل كتاباتها الموضوعية وترجماتها عن الإسلام فقد أصدرت أكثر من مائة إصدار حول الإسلام والدفاع عنه وتعد الكثير من مؤلفاتها مرجعاً أساسياً للأوساط العلمية في ألمانيا وفي غيرها.
وقد أعجبني ما نقله الأستاذ فهمي هويدي من كلام رئيس الجمهورية الألمانية عن هذه الباحثة الكبيرة:" لولا آنا ماري شميل ما عرف الألمان الكثير عن الإسلام ولما أدركوا أن الصورة النمطية التي تروج في الغرب لا تستند إلى شيء من تعاليم هذا الدين وقد حان الوقت لأن يدرك الجميع أنّ حقيقة الإسلام تختلف عما يلصق به من تهم أو يلاحق به من عناوين مثل الادعاء بأنه دين عدم التسامح أو قهر النساء أو الأصولية العدوانية أو أن قوانينه العقابية تتسم باللاإنسانية،  وأضاف يجب أن نتجاوز تلك النظرة الضيقة وأن ننظر إلى الإسلام من زاوية أخرى أكثر تفهماً وعدالة."
ولما كان الإسلام دين الوفاء وقد امتدح الرسول صلى الله عليه وسلم بعض المشركين لخدمات قدموها للإسلام فيجب علينا أن نكرّم هذه الباحثة العالمة على جهودها المباركة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية