حكم من الغرب وحقائق


يظهر في الغرب بين الحين والحين بعض المخلصين لبلادهم وللحق والحقيقة ومن هؤلاء جورج بول ودوجلاس بول اللذين أصدرا كتابا بعنوان: الارتباط الوثيق: علاقة أمريكا بإسرائيل منذ 1947 حتى الآن، ويتكون الكتاب من 382 صفحة وصدر عن دار نشر بنيويورك.
          وفيما يأتي أقدم ترجمة لبعض فقرات عرض قدمه جيفوري كيمب لهذا الكتاب كما ظهر في مجلة   السياسة الخارجية العدد 92 - خريف 1993م. أشار الكاتب إلى أن المؤلفين أصدرا كتابهما مشيرين إلى مقولة جورج واشنطن-أول رئيس جمهورية لأمريكا في خطابه الوداعي بأن على الولايات المتحدة أن تتجنب أي "ارتباط عميق" مع أي دولة أخرى، ويؤمن المؤلفان أن الإدارة الأمريكية منذ هاري ترومان قد تجاهلت هذا التحذير بالنسبة لإسرائيل عدا ايزنهاور، وإلى حد أقل جون كينيدي وجورج بوش فقد تراجع هؤلاء لتبني طموحات إسرائيل. ويرى المؤلفان أن الدولة اليهودية ومؤيديها قد أثروا إلى حد بعيد في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وهكذا فهما يعتقدان أن بلايين الدولارات من المساعدات قد أنفقت على أمن إسرائيل واقتصادها، وأسيء فهم العرب وتجوهلوا وحتى أهينوا. وتبنت إسرائيل لثقتها بتأييد أمريكا سياسة عنجهية توسعية قادت من كارثة إلى كارثة أخرى. ويرى المؤلفان أن النتيجة كانت أن المصالح الأمريكية قد تم التنازل عنها، وأن السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط إنما هو أمر وهمي.
       وتحدث الكاتب عن تفاصيل الكتاب فأشار إلى أنه مقسم إلى خمسة أقسام: القسم الأول والأطول يتناول تاريخ إسرائيل منذ عام 1947م. فقد حاول المؤلفان أن يظهرا أن إسرائيل من بداية ولادتها وهي تستخدم العنف والدعاية مستغلة غباء الأمريكان والغرب في دعم أهدافها. وقد نتج هذا التصرف عن طرد أعداد كبيرة من العرب وتأسيس دولة يهودية محضة، وتوسيع حدودها إلى أبعد مما حدده قرار التقسيم عام 1947م، وقامت بتأسيس بنية عسكرية ضخمة بتمويل من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، وقد تفوقت بهذه القوة على جميع الدول العربية مجتمعة وبخاصة بما تضممه من قدرات نووية ليست لدى جاراتها العرب.
          ويتناول القسم الثاني القضايا المحلية الإسرائيلية وكيف أن "أمريكا اليهودية" أصبحت عنصرا مهما(حاسما) في السياسة الأمريكية. ويتناول القسم الثالث الذي لم يتجاوز أربعا وعشرين صفحة العلاقات الأمريكية العربية، ومنظمة التحرير الفلسطينية والإرهاب. أما القسم الرابع فهو قبسا من التأليف المالية والسياسية والأخلاقية   ((للارتباط الوثيق)) ويختم المؤلف كتابه بتوصيات للسياسة الأمريكية تضم زيادة الشروط على المساعدة الأمريكية حتى يبذل اليهود الجهود للتحول من الاقتصاد الاشتراكي إلى الاقتصاد الرأسمالي، وقبول مبدأ تقرير المصير للفلسطينيين  (دولة فلسطينية تشترك مع اليهود في القدس لتكون عاصمة للطرفين، وموافقة المستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة إما بترك مستوطناتهم والعودة إلى إسرائيل أو القبول بالقوانين الفلسطينية التي يرتضيها الفلسطينيون. يضيف الكاتب بأن أهم ما في الكتاب قول المؤلفين: لا يمكن لأي دولة أن تتنازل عن اهتمامها بالحرية وحقوق الإنسان مع استمرار المعاملة السيئة المستمرة التي يلقاها الفلسطينيون الذين لا جريمة لهم سوى رغبتهم في تقرير المسير، وهي الأحاسيس نفسها التي حركت الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وكذلك مؤسسي إسرائيل قبل نصف قرن.
          وليبدأ الكاتب بعد ذلك في تقديم نقده للكتاب ودفاعه عن إسرائيل ويضرب الأمثلة ببعض المواقف الصلبة التي وقفها بعض الزعماء الأمريكيين من تجاوزت إسرائيل وتصرفاتها الوحشية ضد الفلسطينيين.

          لا شك أن عرض هذا الكتاب لم يقصد منه الدعاية للكتاب أو الدفاع عما قدمه الأب بول وابنه وإنما لمهاجمة المؤلفين والانتقاص من جهودهما وتبرير مواقف الحكومة الأمريكية تجاه إسرائيل. وقد وضح موقف كاتب العرض من السطور الأولى حينما وصف الكتاب بأنه "كتاب قاس عن إسرائيل". ومع ذلك فإن قراءة هذا العرض لا يغني عن الاطلاع على الكتاب الذي يظهر أن مؤلفيه مخلصان لبلدهما   "الولايات المتحدة فهل يسهم أبناؤنا الذين يدرسون في الغرب ويعيشون فيه في الكتابة حول مثل هذا الكتاب الذي نشرت جريدة   ((الحياة)) أجزاء كبيرة منه تحت عنوان "الارتباط العاطفي"، ويعملون على نشر مثل هذا الوعي في المجتمعات الغربية والإسلامية على حد سواء بموقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة من هذه القضية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية