ولا تشمت بنا الأعداء


إن الناظر في حالة الأمة العربية الإسلامية وما يمر بها من أحداث جسام ويحاول أن يعرف موقف الأعداء من هذه الأمة من خلال وسائل الأعلام المختلفة لا يجد مفراً من أن يتذكر قوله الله تعالى (فلا تشمت بي الأعداء)  فما الشماتة ؟ وكيف يشمت بنا الأعداء ؟
لو نظرنا إلى الوضع الحاصل في ماليزيا والموقف بين رئيس الوزراء وأنور إبراهيم الذي كان قبل أسابيع الخليفة المنتظر ، وتذكرنا العلاقة الحميمة جداً التي كانت تربط بين الاثنين، وكيف أن مهاتير أو مخيضر كان يعد أنور إبراهيم ابناً له وخلفاً. وليت الخلاف توقف على الاثنين ولكن دخلت الجماهير الماليزية التي أُعجبت بأنور إبراهيم لأن رئيسها كان معجباً به ولأنه أيضاً أظهر عبقرية وإخلاصاً في خدمة البلاد ، وانشغل الناس بهذا الخلاف عن البناء وإصلاح الاقتصاد.
والتساؤل لماذا تصل الخلافات إلى هذه الدرجة ؟ ولماذا بعد كل هذه السنوات الطويلة من العمل المشترك يظهر أن أنور إبراهيم كان بعكس ما ظنّه رئيسه؟ ولا داعي للإطالة في الموضوع ولكن ليتهما تذكرا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أحب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوما ما)
ومن المواقف التي تدعو إلى شماتة الأعداء ما حصل في الدول التي أطلقوا عليها النمور الأسيوية ومن ضمن هذه النمور إندونيسيا وماليزيا. وقد حدث في إندونيسيا ما حدث حتى خرج الرئيس السابق من السلطة وكانت عجلة الاقتصاد قد توقفت أو كادت بحلول كوارث اقتصادية في تلك المنطقة التي كان الإعلام العالمي يسميها النمور الأسيوية ويزعم أنها ستصبح قادرة على التحكم في الاقتصاد العالمي وإذ بها بين يوم وليلة لا تجد لقمة العيش .
وبدأ صندوق النقد الدولي يملي شروطه على البلاد وكان من أعجب الشروط أن تتوقف صناعة الطائرات في إندونيسيا والشروط كثيرة وبعضها مهين ويشكل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لهذه البلاد أو تلك. وما أكثر ثورات الخبز التي انطلقت هنا وهناك بسبب شروط صندوق النقد الدولي ومن أولها رفع الدعم عن السلع الغذائية الأساسية.
أما الجهة الثالثة التي ظهرت فيها شماتة الأعداء فما حدث في الشهور الماضية من تقارب عجيب بين تركيا وإسرائيل. وتساءل المحللون السياسيون ماذا ستجني تركيا من التقارب مع الدولة العبرية ؟ هذه الدولة التي تعيش عالة على الغرب (وإن كان هناك أدلة أن الغرب يخشاها) ما ذا ستقدم لتركيا؟ لا شك أن من بين الأسباب الظاهرة رغبة تركيا في الحصول على بعض أسرار التقنية الغربية، أو التوسط لتركيا في بعض القضايا الدولية مثل دخول السوق الأوروبية المشتركة التي تلهث تركيا لدخوله منذ أكثر من خمسين سنة. إن الساسة في تركيا ( الديموقراطية؟) يعاندون مشاعر وعواطف ومبادىء خمسين مليون مسلم تركي أو يزيد من أجل رأي مجموعة من العسكريين.
فيا لشماتة الأعداء بنا أن تتقارب تركيا مع دولة يهود وتترك التقارب مع ألف مليون مسلم يعدون إسرائيل مغتصبة للأراضي المسلمة وبخاصة أرض المقدس وثالث الحرمين الشريفين. إننا بحاجة لأن ندرك قوتنا كأمة إسلامية يمكن أن يكون لها وزن في العالم.
الشماتة الرابعة أن ترتفع حدة التوتر بين تركيا وسوريا حتى تصل إلى وضع حشود عسكرية بين البلدين فأي شيء سيجني البلدان من خصومة كهذه؟ أين صوت العقل والضمير ليردع مثل هذا التوتر؟ أين الاخوة الإسلامية التي تربط الجارتين؟
ومثل هذا التوتر حدث أيضاً بين أفغانستان وإيران واحتشدت الحشود بين البلدين وأخذ كل طرف في إطلاق التصريحات بأنه لن يتنازل عن حقه؟ أين نحن من الآيات الكريمة (رحماء بينهم) و( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) هل رجعنا  إلى الصورة الجاهلية:
وأحياناً على بكر أخينا                         إذا لم نجد إلاّ أخانا.

اللهم لا تشمت بنا الأعداء ولا تجعل بأسنا بيننا شديداً وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين، آمين آمين .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية