مقدمة كتاب (نظرات نقدية في الإعلام) كتاب لم ير النور بعد


كم هي قوية وصادقة ودقيقة كلمات الرئيس علي عزت بيجوفيتش حول الإعلام حينما قال: " إذا كنّا نخشى على الشعوب في الماضي من استبداد الحكومات فإننا نخشى عليهم اليوم من استبداد وسيطرة وسائل الإعلام" وأوضح الرئيس كيف تكون هذه السيطرة مخيفة ومرعبة حينما تقدم هذه الوسائل المواقف والآراء بشتى الوسائل مستخدمة علم النفس الجماهيري والتكرار حتى ليتبنّى المتلقي الرأيَ الذي تقدمه هذه الوسائل، بل يصل به الأمر إلى أن يعتقد أن هذه الآراء والمواقف هي آراؤه هو شخصياً وينبري للدفاع عنها. وكأني بالمتلقي –المشاهد والمستمع والقارئ- يصبح كأنه قد نُوِّم تنويماً مغناطيسياً فلا يملك أن يفكر لنفسه.
وقد أحببت الصحافة منذ كنت في المرحلة المتوسطة أقرأ الصحف وأجمعها وكنت أتطلع للكتابة فيها، ثم جاء التلفاز فشاهدته متردداً، واستمعت إلى المذياع رغم صعوبة المذياع والتشويش فإن هذه الصلة القديمة المتجددة أعطتني الفرصة لمعرفة هذه الوسائل والمشاركة فيها متلقياً أولاً ثم مشاركاً حتى وصلت إلى إعداد برنامج إذاعي سجلت منه أربع حلقات بعنوان ( أسماء وأحداث). ثم توقف!!
وعشت فترة من الزمن في الولايات المتحدة الأمريكية فاطلعت على بعض النقد الموجه إلى وسائل الإعلام وبخاصة خداع الإعلان وكذلك تعرفت إلى الفرق بين الإعلام التجاري والإعلام الأكاديمي (المنبثق عن محطات تعليمية) وتطور لدي الحس النقدي خلال هذه الفترة لانفتاح المجتمعات الغربية عموماً والمجتمع الأمريكي بخاصة وتشجيع النقد والتعبير عن الرأي.
وقد كتبت في زاويتي الأسبوعية في صحيفة المدينة المنورة عن الإعلام بوسائله المختلفة، كما كتبت في صحف أخرى وقد وجدت أن هذه المقالات المختلفة يجمع بينها رابط هو أنها تقدم نظرات نقدية لوسائل الإعلام المختلفة، لذا رأيت جمعها في مكان واحد.
تناولت في هذه المقالات الصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما والإنترنت، قدمت بعض الأفكار والمقترحات والنقد لهذه الوسائل، وإذا كنّا نحن المتلقون في الغالب والمشاركون في القليل نتأثر بالإعلام نكون فرسانه أو ضحاياه فهل نسكت أو علينا أن نسن أقلامنا ونحيي الجهود الطيبة ونرفض أن نكون ضحايا صامتة لهذا الإعلام؟
وقد بدأت المقالات بالحديث عن التفاعل بين الملاحق الثقافية من خلال ملحق ألوان من التراث الذي شجعني المشرف عليه الدكتور محمد يعقوب تركستاني على إعداد هذه القراءة لعدد من الملاحق الثقافية التي كانت تصدر في صحف المملكة عام 1412هـ. ومن الطريف أن ملحق التراث قد توقف وبقيت الملاحق الأخرى ولعلها لم تتغير في توجهاتها كثيراً منذ ذلك الحين. ثم تناولت بعض الأفكار لتطوير صحافتنا المحلية، ثم الحديث مجدداً عن الملاحق الثقافية بين الجمود والتطور. وبعدها انطلقت المقالات حول وسائل الإعلام الأخرى من إذاعة وتلفاز وسينما.
ويجد القارئ أنني ركزت على وسائل الإعلام واهتمامها بالطفل، فهو رجل المستقبل وإن الأمم الأخرى تبذل جهوداً كبيرة في هذا المجال ولكن طفلنا العربي المسلم مازال ضحية لوسائل الإعلام الغربية. بل وجد من العرب المسلمين من لا همّ له إلاّ نشر الفكر والثقافة الغربيين بترجمة بعض إنتاج هوليود باللغة العربية بدلاً من الاجتهاد في إنشاء مجلات خاصة بأطفالنا تنطلق من عقيدتنا وقيمنا وتراثنا.
ويسرني في هذه المقدمة أن أتقدم بالشكر والثناء لأخي وصديقي الدكتور زيد بن محمد الرمّاني فهو صاحب فكرة جمع المقالات في كتاب أو كتيب، وثانياً لقراءته هذه المقالات وتقديمه بعض الاقتراحات المفيدة لترتيبها وإخراجها.
وجزيل الشكر والتقدير لزوجي السيدة خديجة محمد رفوح على جهدها الكبير في إعداد هذه المادة وتقديمها الاقتراحات البناءة، ومتابعتها الدقيقة.
هذه هي المقالات بين يديكم فإن أحسنت فالشكر لله وحده وله الفضل والمّنّة، وإن كان غير ذلك فإني أتمنى من يهدي إليّ نصيحة وكلمة تصويب، والحمد لله رب العالمين.
                                                  د. مازن مطبقاني

                                      الرياض في 18 ربيع الأول 1424هـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية