((الاستغراب)) بين السيد الشاهد وحسن حنفي

      قدم الأستاذ الدكتور السيد محمد الشاهد الأستاذ المشارك في الثقافة الإسلامية والباحث في عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض مشروعا علميا مهما وهو ((الاستغراب)) أي دراسة الغرب دراسة علمية جادة وذلك عن طريق إنشاء قسم علمي لدراسة العلوم الغربية. وقد نشرت الخطوط العريضة لهذا المشروع في صحيفة (مرآة الجامعة) في عددها رقم 120 الصادر في 20 جمادى الأولى 1410هـ. كما قام الدكتور السيد الشاهد بكتابة مقال لجريدة (المسلمون) حول هذا الموضوع فيما بعد.

       وقد كتب الدكتور الشاهد حول مبررات هذا المشروع قائلا: "إن الحضارات كما هو معروف لا تبنى فجأة بفعل سبب أو ظروف عارضة كما أنها لا تبنى على اتهامات الاعداء ولا على التنبيه الى خطورة هذا الاتجاه او ذاك، وكما لا يكفي ان نندب حظنا في تلك الآونة، لا يكفينا ان نعيش على ذكرى ماضينا العريق، وكما لا يكفي التنبيه الى خطورة الاستشراق والمستشرقين والنصارى والمنصرين، ولا يكفي لعنهم وسبهم على كل منبر".

      علينا ان نبدأ بمعرفة واقعنا والاعتراف به وتحديد امكاناتنا بهدوء وتواضع...ثم تحدث الدكتور عن الامور التي يتوقع تحقيقها من هذا المشروع ومن ذلك: طلب علوم الغرب للإفادة من صالحها وبيان فساد طالحها وفهم العقلية والخلفية الفكرية للفكر الغربي". واوضح الدكتور الشاهد المجالات التي يمكن ان تكون موضع الدراسة ومنها:

1- دراسة عقيدتهم دراسة علمية موضوعية بعيدة عن الحماسة والعاطفة.

2- دراسة علوم الغرب بكل فروعها الدينية والاجتماعية والعلمية البحتة.

3- دراسة الشخصية الغربية من حيث مكوناتها وبنائها النفسي والاجتماعي.

       وفي الوقت الذي ما زال هذا المشروع العلمي الكبير ينتظر إحدى الجامعات العربية الاسلامية ان تتبناه أصدر الدكتور حسن حنفي من جامعة القاهرة عام 1412 (1991) كتابا بعنوان مدخل الى علم الاستغراب وقد تحدث عنه الكاتب اليومي بجريدة الشرق الاوسط عبد الله باجبير وكأن الدكتور حنفي هو أول من فكر في هذا المشروع على الرغم من أن الدكتور السيد محمد الشاهد قد كتب إمّا في مرآة الجامعة أو المسلمون قبل حسن حنفي بسنوات، ولا شك ان معرفة الاستاذين بالغرب قادتهما الى التفكير في هذا المشروع المهم.

        ونظرا لأن هذا المشروع حقيق بالاهتمام فهل تتكون لجنة في احدى الجامعات لدراسة ما قدمه الباحثان تمهيدا لتنفيذه. وأحمد الله عز وجل ان وفق كاتب هذه السطور الى تقديم اشارات موجزة في بعض ما كتبت حول هذا الموضوع، ففي كتاب الغرب في مواجهة الاسلام الذي صدر في أوائل عام 1410هـ (1989م) جاء في صفحة 78 ما يأتي: "انظر كيف يدرسوننا (الغرب) وكم يبذلون من الجهد والأموال لمعرفة ما يدور في بلادنا، وهل نحن ندرسهم بالمقابل؟ بل قبل ذلك هل عرفنا أنفسنا كما يعرفون عنا؟ ان هذا الامر يحتاج من مفكرينا وعلمائنا وقفة متأنية"

     وكتبت تعليقا على مشروع الدكتور الشاهد في المسلمون في عددها رقم319 الصادر في 29 شعبان 1411هـ (شهر مارس 1991م) ذكرت فيه بعض النماذج من الحياة الغربيـة، تلك الحياة التي ننظر اليها بإعجاب وانبهار ولو دققنا النظر لوجدناها محل كثير من الانتقاد. كما دعوت في هذا التعقيب أن تتركز بحوث أبنائنا المبتعثين للغرب في دراسة المجتمعات الغربية والشخصية الغربية بدلا من دراسة الموضوعات التي تخص مجتمعاتنا الاسلامية وتقديم المعلومات لأعدائنا ليحاربوننا بها.

       ولم يكن تأخري عن تطوير هذه الاشارات الى مشروع متكامل الا بسبب قلة خبرتي الاكاديمية في صياغة المشروعات العلمية وثانيا لانشغالي بالتحصيل العلمي (السعي للدرجة)..

      وعودة الى موضوع ((الاستغراب)) فما دام قد ظهر الى حيز الوجود في شكل كتاب من تأليف حسن حنفي وقبله في صيغة مشروع بقلم الدكتور السيد الشاهد فهل يمكن أن يجد الدعم من احدى الجامعات العربية الاسلامية أو مراكز البحوث ليكون المواجهة الحقيقية للاستشراق الذي ما زال يعمل بجد واجتهاد لمعرفتنا والتخطيط لمواجهة صحوة أمتنا الإسلامية والله الموفق.

وقفة:

من قصيدة للشاعر الفذ الأستاذ محمد حسن فقي رحمه الله بعنوان (رحاب الحجاز)

يا رحاب الحجاز فيك ترعـرعـت

                                     وأحببت بهجتي واكتئابـي

بمغانيك حلوة كان شجوي ...

                                     وغنائــي ومأكلـي وشرابـي

ما أرى في الحيــاة حسنا يناغيــني

                                    ويسبى كحسنك الخلاب!

 

 

المقال الرابع والعشرون المدينة المنورة، العدد 9055 السبت 26شعبان 1412هـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية