ويستمر الحوار... أو (قالوا سلاما)





لم يفاجئني سعيد السريحي بسرعة التعقيب على ردي على مقاله (ترف الفقراء) لأنه فيما يبدو آلمه جدا فكتب بانفعال شديد وان حاول ان يتظاهر بالهدوء من خلال عبارات:
(فسألت الله أن يجزيه عني وعن الإسلام خيرا... أسأل الله له العافية... وسألت الله أن يجنبنا الهوى ويعصمنا من الغي...)
وانني أشكره على هذه الدعوات الكريمة، فالدعاء دلالة على اعتراف العبد بفقره، وضعفه وذله أمام الخالق سبحانه وتعالى ... وأرجو أن تستمر هذه الروح في مقالات السريحي.
حاول السريحي ان يفسر ما قاله في مقالته الاولى فأكد اتهامه لشعب بنجلاديش المسلم او الذين تظاهروا ضد تسليمة (نسرين) بتكسير واجهات المحلات التجارية واثارة البلبلة والفوضى... أليس هذه من التهم الجاهزة التي يحلو للإعلام الغربي أن يلصقها بالمسلمين في كل مكان؟
ان تكسير الواجهات واثارة الفوضى والبلبلة ليست من عمل المسلمين، وانما هي من عمل الغوغاء من الشيوعيين والاشتراكيين والعلمانيين، اما المسلمون فلا يقدمون على مثل هذه الأفعال ... والعاقل يكون على حذر من وسائل الإعلام الغربية التي أخذت على عاتقها الدفاع عن هذه المارقة وقبلها سلمان رشدي وغيرهما.
فهل وقع السريحي ضحية لهذا الإعلام؟
واتهم سعيد السريحي الجماهير المسلمة بأنهم هم أنفسهم الذين خرجوا يتظاهرون ضد قرار (الفيفا) بطرد مارادونا، فمن اين اتى سعيد بهذه المعلومات؟ هل عرف افراد المظاهرة الاولى ووجد انهم هم أنفسهم الذين خرجوا في المظاهرة الثانية؟ اما زعمه انه اراد التزامن بين المظاهرتين والتزامن معناه وقوع الحدثين في زمن واحد... وليس هذا ما حدث فقد كتب السريحي: "وما ان استكانوا في بيوتهم حتى خرجوا ثانية" فالذين استكانوا هم الذين خرجوا .. الا ان تكون قواعد الضمائر في اللغة العربية قد تغيرت أو أذن لها سعيد بالتغيير!
بل زاد السريحي في استهزائه وسخريته واحتقاره للشعب البنجلاديشي حين اتهمهم بقوله: "يقرأون الصحف ويتابعون نشرات الإذاعة ويبحثون عن شيء يتظاهرون من أجله" فهل هذا حقا ديدن شعب بنجلادش؟ هل ظن سعيد أن شعب بنجلاديش شعب فقير ومسكين فلا يمكن ان يجد من يدافع عنه؟ أهكذا بكل جسارة تجعل شعبا مسلما موضوعا للسخرية والاحتقار؟ هل كان سعيد يعتقد انه يستطيع ان يكتب عن بلد آخر بمثل هذا الأسلوب؟!
أما عن زعمه انه قصد بمقالته إن تظاهر شعب بنجلاديش انما هو دليل على تجاوز ضرورة الحياة اليومية ومقتضيات الضرورة القاهرة، وان الترف وهو من مظاهر الغنى (هل هو حقا كذلك؟) يتجلى في مثل هذه المسائل التي تؤكد بها هذه الشعوب غناها المعنوي.
وكأن سعيد خاف وارتعدت فرائصه من الادانة فأسرع ليقول كلاما لم يقله ولم يقصده من قبل بل قال عكسه تماما، أليس الشعب المهدد بالموت جوعا، أو غرقا أو ازدحاما ... الذي يموت من أجل قطرة ماء أو قطعة خبز أولى له أن يبحث عما يسد رمقه ويطفئ ظمأه لا أن يمارس ترف التظاهر؟
وما علّمت سعيدا فضائل الفقر ولكني وصفت له حال المسلمين حينما خرجوا من جزيرة العرب ومن المدينة المنورة بالذات ليفتحوا العالم بالإسلام فأين قرأ فضائل الفقر؟ وقد اوضحت ما ذكره القرآن الكريم عن الترف ومفاسده أما الفقر فقد حاربه الإسلام محاربة لا هوادة فيها.
وبخصوص اتهامك لشخصي بالدعاء لي ان يرزقني الله الوعي لما أقرأ والأمانة فيما أكتب ... الخ فهذه الاتهامات لا أشغل نفسي بها فهي خارجة عن الموضوع الذي نحن بصدده.
أسأل الله لي ولك الهداية والرشاد.
وقفة
استيقظ أحدهم لحاجة ضرورية في الوقت الذي يقف فيه المسلمون بين يدي الله سبحانه وتعالى يتوبون ويستغفرون ليكتب لنا مقالة حشدها بالفخر والاعتزاز بنفسه وشلته وأنهم "هم الناس"... فلا حول ولا قوة إلا بالله.

المقال 144 المدينة المنورة العدد11452  الاثنين 1 ربيع الأول 1415ه 8 أغسطس 1994م


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية