روّحوا القلوب


الأمة الإسلامية أمة جادة لأنها ذات (رسالة خالدة) حقيقة ألا وهي نشر الإسلام بالدعوة على الله على بصيرة كما جاء في قوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) الآية وتزداد الحاجة إلى الجد والامة الإسلامية تواجه تحديات وعداوات واطماعا ... ومع ذلك فلابد من الترويح عن القلوب بين الحين والآخر لتستأنف نشاطها وجهادها بطاقة اكبر.
وفي هذه المقالة اختار بعض الأبيات الشعرية ذات المعنى الطريف أو العنيف. ولن اطيل في التعليق حتى لا أفسد متعة القارئ كما أختار بعض الحكايات أو القصص ذات المغزى الخاص:
اولا: الجزائريون وفرنسا
عانى الشعب الجزائري الشقيق من الاحتلال الفرنسي قرابة مائة واثنتين وثلاثين سنة، ومازالت المعاناة موجودة لوجود أذيال لهذا الاحتلال تدعو إلى التمسك باللغة الفرنسية والثقافة الغربية لذلك ما كان من الشاعر مفدى زكريا الا ان كتب ضد هذا الاحتلال قائلا:
زعمت فرنسا في المحافل ضلة
                             ملك الجزائر...والجنون غرام
كاللص يسترق المتاع ويدّعي
                             ملكا... أيسمع للصوص كلام؟
لا تعجبوا، فالقوم ضاع صوابهم
                           يا ناس ... ليس على المريض ملام
من يسرق الأحرار في كبد السما
                            يسرق شعوبا واللصوص لئام
ثانيا: خيبة المندوب (( السامي ))
أراد المندوب (السامي) البريطاني في الأردن قبل أكثر من خمسين سنة زيارة إحدى المدارس فأعدت المدرسة احتفالا لاستقباله وتكريمه وكُلّف أحد الطلاب بإلقاء قصيدة ترحيبية، وبينما كان الطالب يحفظ القصيدة في بيته سمع والده ابياتها فثارت الدماء في عروقه فأخذها منه واعطاه قصيدة اخرى وامره بحفظها وفي اليوم التالي جاء دور الطالب لإلقاء قصيدته فكان منها:
يجن جنوني حين ينتابني الذكر
                             وأفقد لبى شأن من ناله السحر
وابعثها من جانب الصدر أنّة
                             يضيق اكتئابا من تحملها الصدر
يقول لك الافرنج والقول كاذب
                           نريد لكم خيرا...وهل يرفض الخير؟
فما وعدوا -والله -إلا ليغدروا
                          وما عهدهم إلا على غدرهم ستر
وترجمت الابيات بأمانة للمندوب (السامي) فغضب غضبا شديدا، وكاد المعلم ان يطرد لولا تدخل الأب وتحمله مسؤولية تغيير قصيدة الترحيب إلى قصيدة التأنيب.
(الأب الذي رفض الترحيب بالمحتل هو جدي حامد مطبقاني والطالب هو عمي سالم رحمهما الله) وروى القصة والدي رحمه الله.
ثالثا: استاذ يجب ان يطرد
قام استاذ بمعارضة قصيدة جادة بأبيات هزلية، والقصيدة الجادة هي:
نحن جند الله شبان البلاد
                       نكره الظلم ونأبى الاضطهاد
فارفعوا العلم جميعا يا شباب
أما هذا الأستاذ الساخر فحولها إلى:
نحن جند الأكل شبان البطيخ
                             نكره العلم ونأبى ان نصيخ
لدروس وعلوم وامتحان
                         فاتركوا الدرس جميعا يا شباب
يا شباب العُرب هاتوا الطنجرة
                        واكتبوا العلم عليها من ورا
فلما بلغ الامر الى المسؤول الاول في التعليم أمر بطرده من المدرسة لأنه يسخر مما يدعو اليه ديننا الحنيف، ويناقض مهمته.
رابعا: سعة الدنيا وضيقها
كنت اجلس الى الشيخ ابراهيم الاخضر القيم (يحفظه الله) ادرس عليه التجويد، ثم (التحفة السنية) فشكوت له يوما بعض ما ألاقي من مصاعب مع أحد الزملاء فردد بيتين من الشعر هما:
واوسع الامر ما للمرء فيه هوى
سم الخياط مع الاحباب ميدان
وأضيق الامر ما للمرء فيه جوى
صدر الجنان مع الاعداء نيران
وكانه يقول لي اذا اشتد الخلاف فارحل... ولكني لم أفعل...
وحفظت من ابن خال لي
                لا أتّقي حسك الضغائن بالرقى
                                        فعل الذليل ولو بقيت وحيدا
                لكن أجرّد للضغائن مثلها
                                        حتّى تموت وللحقود حقودا
                وحفظت من والدي رحمه الله
        لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ، ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ
وحفظت من الدكتور أبو القاسم سعد الله رحمه الله
                إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه         وصدّق ما يعتاد من توهم
تعليقاً منه رحمه الله عن معاملة مسؤولي المعهد لي والظنون أنني جئت أهدم المعهد
وقلت ما يمكن أن يكون شعراً
        فلا تكُ مخدوعاً بقولة شيخهم    فمازن لم يهدم بناءً مهدّما
                        وسلامتكم

المقال التاسع والعشرون المدينة المنورة الجمعة ع 9306 في 12/ 5/هـ1413
المقال بعث أصلا لزاوية (من آفاق الكلمة) ولكن رئيس التحرير بالإنابة لم يعجبه ذلك فحوله إلى صفحة أدب وثقافة


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية