وضاع الكتاب بين الناشرين والمؤلفين


يحتد النقاش بل الجدال بين المؤلفين والناشرين ... فالناشرون لا يفتأون يشتكون من خسارتهم المادية، لأن الكتاب لا يجد السوق المناسبة، أو أن القراء عازفون عن الكتاب، وهو اتهام موجه للمؤلفين أيضا بأنهم غير قادرين على اقناع القراء بالدخول إلى عالم الكتاب.
فهل حقا ان القراء عازفون عن القراءة، وهل فشل المؤلفون والكتاب في ترويج بضاعتهم وجذب الجمهور إلى القراءة؟
ان عمليتي التأليف والنشر متداخلتان فلا يمكن ان يوجد ناشر بدون مؤلف، ولا يمكن للكتابة ان تنتشر دون ناشرين ، لذلك وجب على الفئتين التعايش والتفاهم وهذه العلاقة مازال الطرف الأقوى فيها والمسيطر والمتحكم هو الناشر .فبالإضافة الى شكوى الناشرين من العزوف عن القراءة ، فإنهم يشتكون من ارتفاع كلفة الطباعة، وأن مخازنهم ومستودعاتهم مليئة بالكتب التي لا تجد لها رواجا، ويرى بعض الناشرين ان المؤلفين غير محقين في المطالبة بحقوق التأليف فالمكاسب محدودة تضيع بين تكاليف الطباعة وتكاليف التوزيع ، وقد ذكر أحد الناشرين أن الشحن الجوي يكلف كثيرا مما يزيد في كلفة الكتاب ويقلل عدد القراء.
أما المؤلفون فانهم يشكون من سوء معاملة الناشرين، حيث يحصل الناشرون على نصيب الأسد من نشر الكتاب، فلا تكاد ترى ناشرا ضعيفا أو فقيرا، بل أغلب الناشرين هم من أصحاب رؤوس الاموال المتنعمين، وقد يصدق ادعاؤهم بأن بعض الكتب لا تجد رواجا ولكنهم ينشرون عشرات الكتب فيعوض أحدها الآخر، ويرى المؤلفون – وهذا حق – أن توزيع الكتاب والترويج له لا تبذل فيه جهود حقيقية فالكتاب ينشر في احدى مدن المملكة ولا يكاد يصل إلى مدينة أخرى الا بعد سنوات ، ولولا أن الباحثين قد تعلموا السفر من أجل الكتاب لما عرفوا أو لما حصلوا على الكتاب، ولو أردت ضرب الأمثلة على الكتب التي تنشر في مدينة ولا تصل الى المدن الأخرى لما وسعني المقام ، ونحن نشكو من ان الكتاب السعودي لا يتم تسويقه خارج المملكة ،وهي شكوى حقيقية فعلينا ان نحاول تجاوز المشكلة اولا على النطاق المحلي وبعد ذلك ننتقل إلى النطاق الاقليمي، فلماذا لا يفكر الناشرون بأن يكون لهم لقاءات دورية على هامش المعارض الدورية المحلية فيتم التفاهم بينهم لتشجيع نشر الكتاب ويضعون نظاما موحدا للأمور المالية بينهم، وكذلك الاتفاق على وسائل لترويج الكتاب.
فمن المحزن ان تطغى اعلانات المرطبات، والأغذية، والسيارات، والاطارات، ومواد التجميل، والنظافة، ولا يكون للكتاب أي إعلان! ألا يستطيع الناشرون الحصول على ثوان محددة كل يوم للدعاية للكتاب؟ ولماذا لا يبحث الناشرون عن البرامج التلفزيونية الثقافية فيتصلوا بالمعدين والمخرجين للترويج للقراءة وأين جوائز القراءة هل يصح أن يضع صانعو الحفائظ جوائز بالملايين ولا يبحث الناشرون عن طريقة لترويج الكتاب؟
ولا زلت أذكر برنامجا في اذاعة المملكة يعده الدكتور عبد الله الحيدري يستضيف فيه أحد الأساتذة للتحدث عن كتاب أو أكثر، فهل اتصل به أي ناشر أو هل اتصل الناشرون بأساتذة الجامعات ليتحدثوا عن الكتب الحديثة؟
ان الناشرين في الغرب يقدمون عددا من النسخ المجانية لأساتذة الجامعات قبل النشر وبعده.
من المعروف ان الناشرين قد ألفوا (اتحاد الناشرين العرب) ولهم مجلة خاصة به تسمى (الناشر)، وهذه المجلة ضعيفة التوزيع رغم أنها تحتوي على معلومات جيدة، وقد اطلعت على عددين منها، وهي مجلة مفيدة لكن ما أثر هذا الاتحاد في نشر الكتاب وترويجه؟
 نشاط الناشرين مع الأندية الأدبية أو جمعية الثقافة والفنون أو مع رعاية الشباب؟ فمنذ اهتمامي بالكتاب لم أسمع عن حفلة أقامها ناشر لتقديم كتاب أو الترويج للكتاب، اننا نريد أن يأتي الينا القارئ ولا نريد أن نسعى نحن إليه. ان الوسائل لحل معضلة العزوف عن القراءة كثيرة ولكن من يأخذ المبادرة؟ ... من يعلق الجرس؟
واجحاف الناشرين بحق المؤلفين عموما لا يحتاج الى دليل، كثير من المؤلفين يعانون من سوء المعاملة من الناشرين ومع ذلك فلا نسمع عن اجتماع المؤلفين للحصول على حقوقهم من الناشرين ... ليت هذا الموضوع ينال اهتمام الكتّاب ويطرح للنقاش...والله الموفق.


العام الثالث المقال(145) المدينة المنورة العدد11459 الاثنين 8/ 3/ 1415ه (15/ 8/ 1994 م)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية