الأمانة

                                                            

                                                      
ماذا لو كان العالم كله أميناً صادقاً؟ ماذا لو كان الطفل الصغير أميناً؟ وكان الشاب أميناً؟ وكان الرجل أميناً؟ وكان العجوز أميناً؟ نتوقع وبالطبع الإجابة على جميع هذه الأسئلة والاستفسارات سيكون بالتأكيد أن العالم جميعه سيصبح جميلاً ورائعاً بأمانة هؤلاء الناس.
ولن يكون هناك بالطبع سرقات أو اختلاسات، ولن يكون هناك حاجة للنجدة أو الشرطة ولن يكون هناك حالات اختطاف أو غير ذلك من الجرائم.
ما أروع هذا العالم الذي تكون الأمانة هي خلق كل سكانه، ولكن أليس هذا ما أرسل الله عز وجل رسله وأنبياءه إلى العالم للدعوة إليه ونشره بين الناس؟ لقد اختار الله سبحانه وتعالى ملَكاَ من ملائكته لينقل الوحي إلى الأنبياء والرسل هو جبريل عليه السلام الذي نطلق عليه أمين السماء أو أمين الله على وحيه.
ولمّا كانت الأمانة من الصفات العظيمة فقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم -سيد ولد آدم أجمعين-يتصف بهذه الصفة منذ شبابه الباكر. فقد كانت قريش تطلق عليه ب (الصادق الأمين) ولما اختلفت قريش فيمن يضع الحجر الأسود اتفقوا أن يحكم بينهم أول داخل إلى المسجد، فلما كان أول داخل هو سيدنا محمد قالوا:" الصادق الأمين قبلناه حكماً"
ولما بعثه الله عز وجل وجاء إلى خديجة رضي الله عنها وكان خائفاً قالت له: كلاّ والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصدق الحديث…" وعندما هاجر بعض المسلمين إلى الحبشة وسألهم النجاشي عن الإسلام قالوا لها: وجاءنا من نعرف صدقه وأمانته.
فالإسلام دعا إلى الصدق والأمانة فقد جاء في قوله تعالى (والذي جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون) وقوله تعالى (يا أيها الذين اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
وجاء في الحديث الشريف (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما زال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وما زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّابا) ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يخون الأمانة ويخلف الوعد (آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان)
واهتم الشعر العربي بالصدق فكان مما قاله الشاعر في الحث على الصدق:
أدّ الأمانة، والخيانةَ فاجتـنب *** واعدل ولا تظلم يطيب المكسب
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحباً*** إن الكذوب لبئس خِلاً يُصحَبُ
فالمجتمع المسلم مجتمع يعلي من شأن الصدق والأمانة، ولذلك فإن المجتمعات التي يكثر فيها الكذب تكثر فيها الخيانات والجرائم وحوادث السرقة والنهب والاغتصاب. فما أعظم المجتمع المسلم الذي تربى على مائدة القرآن وعلى الأسوة الحسنة التي قال الله فيها (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).
فمتى يصبح العالم بدون شرطة أو سجون أو محاكم أو دوريات أو خصامات وخلافات؟ ولا يمكن للموظف أن يهمل في عمله ولا الصانع في صنعته ولا الأستاذ في تدريسه. فالكل يحرص على أداء الأمانة ويكون صادقاً في عمله مخلصاً في مهنته. ولا يمكن أن يصبح كذلك إلاّ إذا تربت الأجيال على الصدق والأمانة.
فعلى الآباء والأمهات مسؤولية كبرى في تربية أبنائهم وبناتهم على الصدق والأمانة، فليكن الأب صادقاً مع أبنائه وكذلك الأم حتى ينشأ الأبناء والبنات على هذه الأخلاق الإسلامية العظيمة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية