افتراءات المرنيسي. يفندها الدكتور المدغري

   المدينة المنورة العدد (12647) 29/رجب 1418هـ/29نوفنبر 1997م

      عادت ابنتي من المدرسة قبل أيام..سعيدة جداً بالدرس الذي تلقته في ذلك اليوم، وكان في مادة الحديث النبوي الشريف حيث تناولت المعلمة قصة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها، واصطحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لها في عودته من الغزوة التي أسرت فيها صفية وكيف أحاطها بعنايته ورعايته صلى الله عليه وسلم. وكان سبب فرحة ابنتي ما تعلمته من تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع نسائه وعظمة تلك المعاملة.
       وقد ذكرت المعلمة كيف كان موقف أم المؤمنين صفية رضي الله عنها من الرسول صلى الله عليه سلم في مرض وفاته. كيف لا وهو الذي أرسله الله عز وجل رحمة للعالمين. وقد كان من آخر وصاياه في مرضه الأخير (واستوصوا بالنساء خيرا) وكان هذا من وصاياه عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.
      فرحت لفرحة ابنتي لأنني كنت قبل أسابيع أعد لمحاضرة حول المرأة المسلمة في الكتابات الاستشراقية واطلعت على ما كتبته الكاتبة المغربية فاطمة مرنيسي مترجما إلى اللغة الإنجليزية فوجدتها تصور زواج الرسول من صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها صورة لا أستطيع أن أنقلها رغم علمي أن (ناقل الكفر ليس بكافر) لكن أستطيع أن أقول إن من يتصور الرسول صلى الله عليه وسلم بالصورة التي قدمتها فاطمة مرنيسي ومن على شاكلتها، وكل ما يتعلق في فهم الإسلام..فلا بد أن يتأثر بمثل هذه الأكاذيب والدسائس. وأقول لتلك المرأة: (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
       وتأتي خطورة ما تكتبه فاطمة مرنيسي وأمثالها أنه يتم ترجمته إلى اللغات الأوربية على أنه الفهم الصحيح للإسلام. فهذه مسلمة اسمها فاطمة وتقرأ في المصادر الإسلامية. القرآن الكريم والسنة المطهرة. وكتب الحديث وترجع في كتابتها كثيرا إلى كتاب الطبقات لابن سعد.. فلا بد أن يكون ما تقوله هو الصحيح. وقد رجعت إلى طبقات ابن سعد في المواضع التي أشارت إليها فوجدتها تبتر النصوص من سياقها وتفسيرها بغير تفسيرها الصحيح. وقد وجدت العديد من كتابات الاستشراق في موضوع المرأة تجعل ما كتبته فاطمة المرنيسي من أهم مراجعها.
       وقد لفت انتباهي الخبر الذي أوردته الشرق الأوسط منذ أيام عن الندوة العلمية التي عقدت بعنوان (حقوق الإنسان في الإسلام بين الخصوصية والعالمية) التي نظمتها المؤسسة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن. وبخاصة المقتطفات التي أوردها الخير عن البحث الذي قدمه وزير الشؤون الدينية المغربي الدكتور عبد الكريم المدغري فقد جاء في بحث معاليه انتقاد كتابات فاطمة المرنيسي في كتابها  (الحريم السياسي) وكتاب هند التعارجي: محجبات الإسلام.
   فاطمة مرنيسي متخصصة في علم الاجتماع وعملت. وربما لا تزال تعمل. في مركز البحوث الأمريكي في المغرب. تنشر كتبها مترجمة إحدى كبريات الجامعات الأمريكية (إيانا) فقد وصف الوزير كتابات هاتين الكاتبتين ب (السطحية والافتقار إلى المنهج العلمي الصحيح) وأضاف الوزير عن هذه الكتابات بأنها تعاني من نقص فظيع في معرفة علوم القرآن وعلوم الحديث وأصول الفقه وغيرها من العلوم الشرعية).
     وقد وجه الوزير رسالة إلى النساء المغريات منتقدا بعض الكاتبات الصحفيات والباحثات المغريات. ومن على شاكلتهن. وكذلك المنظمات النسائية التي تزعم أنها تطالب ب (تحرير المرأة والمساواة المطلقة مع الرجال لتكريس الواقع الذي تعيشه المرأة الغربية في ظل ثقافة الإشهار، (الإعلان) والأفلام الاستعراضية)
      وأضاف الخبر أن الوزير استنكر على هذه المنظمات زعمها أنها تمثل كل نساء المغرب في حين أن (الوزير) يرى أنها (لا تمت سوى نفسها والشرذمة القليلة من أتباعها المغترين بدعايتها. وهي مجهولة عند نساء الإسلام وبقية النساء الفاضلات من أجل أسرهن وأزواجهن. واللاتي تدعوهن هذه المنظمات إلى مواجهتهم والانفكاك من قيودهم..وانتقد الوزير بشدة هذه المنظمات النسائية التي وصفها بالمتفرنجة لطرح الحجاب والتخلي عن التقاليد العربية.
      مرحى لهذا الوزير الذي أدرك مسؤوليته في التصدي لهذه الدعوات الظلامية التي لم تغب عن علماء الإسلام منذ ظهور قاسم أمين ومن جاء معده من الحركات النسائية في شتى الأقطار العربية والإسلامية. ولا شك أن احتفاء العرب بهذه الجمعيات وتوجيه الدعوات لهذه الجمعيات لتمثيل المرأة المسلمة في مناسبات العلمية والثقافية والفكرية في المغرب دليل على دعم هذا الاتجاه. ولعل المغرب مبررا في أن هذه المنظمات كانت على صلة دائمة بالمغرب. وقد حصل في السنوات الماضية أن بعض العلماء المسلمين وبعض الباحثات المسلمات وجدوا أن عليهم مسئولية توضيح صورة الإسلام الصحيحة في مغرب استجابة لفول الله سبحانه وتعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} وقوله تعالى:{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} ومازلت أذكر مقالة الدكتورة نورة السعد في جريدة الرياض في تعليقها على مؤتمر استنبول حول الإيواء وكيف سمع صوت الإسلامي كان واضحا ومسموعا وجليا أيضا في مؤتمر المرأة العالمي الرابع الذي عقد في بكين بالصين.
    والغريب أن الغرب بدأ يدرك أن ما وصلت إليه أوضاع المرأة هناك تحتاج إلى إعادة نظر جذرية فقد بدأ التفكير في عودة المرأة كما أخذوا يشكون صراحة من تسلط المرأة في البيت وفي خارج البيت فهل يستيقظ دعاة التغريب عندنا؟    

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية