المشاركات

عرض المشاركات من 2015

وآت ذا القربى حقه

                  صاح العم غاضباً: وهل له حق عندي؟ هل بلغت الجرأة أن يدّعي ابن أخي أنني استدنت منه؟ ومن هو حتى أستدين منه أو اقترض منه؟ وكأنه كان يقول في نفسه "أنا صاحب الأموال الطائلة يزعم هذا أنه له حقاً عندي." كان هذا رد العم صاحب الملايين عندما قال له أحد مساعديه المقربين: لماذا لا تساعد أحد أقاربك فهو بحاجة للمال لمساعدته في حياته في الوقت الذي تساعد الغرباء فقريبك أولى بالمساعدة. أليس هذا التفكير عجيباً أن ينسى كثير من الناس هذه الآية الكريمة (وآت ذا القربى حقه) الذي يقول الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيرها (وأمر بإيتاء ذي القربى لِقُربِ رَحِمِه، وخير الصدقة على الأقارب، وفيها صلة الرحم. وقد فضّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على الأقارب على عتق الرقاب.. أما المسألة الثانية في الآية فهي كما يقول القرطبي:" بل للقريب حق لازم في البر على كل حال. وقال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورَحِمُه محتاجة." ويقول صاحب الظلال في تفسير قوله تعالى (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين): " والقرآن يجعل

الأمثال الشعبية والتفسير الخاطئ

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                               المثل في أصله عبارة قصيرة تحكي تجربة إنسانية فيكون بمنـزلة الحكمة التي يحفظها الإنسان ويتمثل بها في المناسبات. وكما تحمل الفصحى في طياتها كثيراً من الأمثال حتى أصبح لدينا عدد من المصادر في هذا المجال ككتاب الأمثال للميداني فإن اللغة المحكية أو الدارجة تحمل أيضاً كثيراً من الأمثال. وكثير من الناس يستشهد بالأمثال الشعبية في مواقف عديدة وقد لاحظت أن بعضنا يستخدم هذه الأمثال بصرة سلبية. والغريب أن بعض الذين يتمثلون بالأمثال الشعبية هم ممن حصل على درجة عالية من العلم. وتأتي خطورة الاستخدام السلبي لهذه الأمثال أنها تشيع روح التواكل والخنوع والاستسلام. وفيما يأتي بعض هذه الأمثال التي يساء تفسيرها واستخدامها: 1-  اللي يتزوج أمنا هو عمّنا: يعني المثل في أصله أن زوج الأم يصبح هو سيد المنـزل وبالتالي تجب طاعته لأنه يمثل سلطة الأب ولأنه مادام هو صاحب القوامة على الأم فينتقل ذلك بالتالي إلى الأبناء. أما الفهم الخاطئ لهذا المثل أو الاستشهاد الخاطئ فهو أن يسلم الفرد تسليماً مطلقاً لمن تولى مسؤولية علي

درس للصهيونية من طفل صغير

                           بسم الله الرحمن الرحيم                   قبل أشهر احتفلت الحركة الصهيونية العالمية بمرور خمسين سنة على مؤتمرها الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا (1897م) وتسابقت المحطات التلفزيونية الغربية على مشاركة اليهود والصهاينة في الاحتفالات -كما هي حالهم في مناسبات اليهود جميعها - وكان من بين الاحتفالات استضافة اليهود من جميع الأعمار والخلفيات الثقافية والسياسية والاجتماعية وسؤالهم عن تطلعاتهم لمستقبل اليهود ومستقبل إسرائيل. وكان من بين الذين استضافتهم القناة الفضائية لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطاني بعض الأطفال اليهود فكان من بين من تحدثوا طفل صغير فقال (إذا كان النازيون هم الذين ارتكبوا المجازر ضد اليهود أو إن ما حدث لليهود كان في أوروبا فلماذا يذهب اليهود إلى فلسطين ليحتلوها ويطردوا أهلها منها وهم لم يرتكبوا هذه المجازر، ليس من العدل أن نعاقب شعباً لا ذنب له في الاضطهاد الذي وقع على اليهود) وقد استطاع المذيع تغيير الحديث بسرعة ونقل الميكرفون لطفل آخر. ليست الفكرة التي طرحها هذا الطفل بالفكرة الجديدة فكثير من اليهود في أنحاء العالم وبخاصة الذين لا يرغبون في

الحوار الإسلامي الأوروبي

    بسم الله الرحمن الرحيم            تابعت قبل أعوام حلقات في إذاعة لندن عن ندوات الحوار العربي الأوروبي التي عقدت برعاية هيئة الإذاعة البريطانية بالاشتراك مع المعهد الملكي للدراسات الدولية البريطاني وبعض الغرف التجارية العربية. وقد عقدت عدة حلقات من هذا الحوار في كل من القاهرة والبحرين. وكتبت إلى الإذاعة البريطانية أطلب تفاصيل أكثر عن هذه الندوات لتعلقها بتخصصي في مجال الاستشراق، وأضفت بأنني لاحظت أن المشاركين في الندوات هم في الغالب من الذين تأثروا بالفكر الغربي أو من العلمانيين العرب وهذا لا يحقق توازناً في وجهات النظر المعروضة. فأرسلت إليّ الإذاعة صفحات من مجلة هنا لندن وبدون توثيق. ولكنهم لم يردوا على ملاحظاتي. وقد أشارت رسالة الإذاعة إلى أن المعهد الملكي للعلاقات الدولية يقوم بنشر وقائع هذه الندوات. وتمنيت أن أكون قادراً على الحصول عليها أو أن أجدها في أحد مراكز البحث العلمي في المملكة، وأرجو أن يتمكن مركز البحوث الحضارية والاستشراقية بكلية الدعوة في المدينة المنورة من متابعة هذه القضايا وتوفير هذه المواد للباحثين فيه. ومادام الغرب حريصاً على الحوار العربي الأوروبي وال

ليتعلم الغرب منّا ولنتعلم منه

                                                                    بسم الله الرحمن الرحيم                                                                        يقولون " فلان أدركته مهنة الأدب" لما في هذه المهنة من مشقة ومعاناة، ويمكن أن نضيف قولاً جديداً وهو " فلان أدركته حرفة الصحافة" وقد أدركتني هذه الحرفة حتى إنني أتصفح أو أطالع عدة صحف يومياً. ومن توابع هذه المطالعة القيام بعمل بعض القصاصات التي يمكن الإفادة منها في كتابة مقالاتي. وقد وجدت في اليومين الماضيين بعض القصاصات التي تتناول ما يمكن أن نتعلمه من الغرب. فقلت نعم ثمة ما يمكن أن نتعلمه من الغرب، ولكن في الوقت نفسه يمكن للغرب أن يتعلم منّا الكثير . وإنني في هذه المقالة سأعرض بعض الصور من الحياة الغربية التي لا حل لها إلاّ في قيم الإسلام وأخلاقه. وأكمل ببعض ما يمكن أن نتعلمه من الغرب.             قدمت الإذاعة البريطانية باللغة الإنجليزية قبل عدة أشهر تقريراً حول الاغتصاب وموقف النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب، فكان مما جاء في التقرير أن كثيراً من النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب يتعرض له مرة ثانية وثالثة

مقدمة كتاب رحلاتي إلى المغرب العربي

المقدمة         تشتهر عبارة سحر الشرق، ولكن أليس للمغرب سحره؟ أو هي أن أهل الغرب مغرمون بسحر الشرق فلا بد أن يكون أهل الشرق مغرمين بالمغرب وسحره؟ أقول ابتداءً أن ما جذبني إلى المغرب ليس سحراً ولا ساحرين ولا سحرة ولا ساحرات، وإنما ذهبت إلى تونس في المرة الأولى للنقاهة بعد مرض عضال هو التهاب السحايا أو الحمّى الشوكية التي أصبت بها بعد موسم حج عام 1399هـ (1978م) مع والدي رحمه الله، ولا شك أن تونس قد أعجبتني سائحاً في تلك الأيام، حتى إني عدت إليها سائحاً في رحلة ضاعت من الذاكرة كلياً، وأعترف أن فقدان الذاكرة المؤقت يصيبني  أحياناً وهو نعمة كبرى أحمد الله عليها، وكانت تونس جميلة ممتعة وبخاصة أنني كنت برفقة والدي رحمه الله غير أن فارق السنّ جعل بعض أجزاء الرحلة أقل إمتاعاً فإن الأحاديث بيننا مهما طالت فلا بد أن تتوقف في وقت ما. وإن كنت أؤكد أن والدي رحمه الله كان مدرسة كبرى لي وتعلمت منه الكثير وكان له تميزه في مجالات عدة. أما الرحلة الثانية فلم تكن اختيارية وأقصد بعد أن تعبت أو مللت أو كدت أترك برنامج الماجستير لأن اختيار موضوع الرسالة كان شاقاً جداً إذ بالدكتور لؤي يونس البحري أستاذ

الفصل الأول: التعريف بمراكز البحوث والمعاهد

     قد يعتقد البعض من أول وهلة أن العاصمة الأمريكية واشنطن عاصمة سياسية فحسب، ولكن بعد الاطلاع على النشاطات العليمة في هذه المدينة نجد أنها تزخر بالجامعات ومراكز البحوث والمعاهد العلمية التي تهتم بالدراسات الإسلامية أو الشرق أوسطية كما يطلقون عليها غالباً. بل إن مثل هذا العدد من المراكز العلمية والمعاهد والأقسام العلمية قلما يتوفر في عاصمة واحدة وفي مجال واحد كدراسات الشرق الأوسط أو الدراسات العربية الإسلامية. وقد تيسر للباحث أن يزور عدداً منها في صيف عام 1416 فتعرف على كبار المسؤولين فيها ونشاطاتهم واستمرت بعض المعاهد بتزويد الباحث بالنشرات والكتب التي تصدر عن هذه المراكز والمعاهد:      وأبدأ بالتعريف بهذه المعاهد والمراكز والأقسام العلمية: معهد الولايات المتحدة للسلام (United States Institute of Peace ( * ) التعريف بالمعهد وأهدافه:      أسس هذا المعهد من قبل الحكومة الأمريكية عام 1984 في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان Ronald Regan وبتمويل من الحكومة الأمريكية. ويستند في هذا التأسيس إلى مراسيم حكومية تعود إلى العام 1935 التي دعت إلى إنشاء مؤسسات وأقسام تتعلق بال

أبناؤنا والشجاعة الأدبية

                                بسم الله الرحمن الرحيم                              دعيت قبل مدة لإلقاء محاضرة في إحدى المدارس الثانوية في المدينة المنورة حول المحافظة على الهوية الإسلامية في عالم يموج بالهويات والثقافات. وانتظرت بعد حديثي الذي لم يزد كثيراً على نصف ساعة أن أسمع أسئلة الطلاب ونقاشهم وقد كدت أظن أن الطلاب لم يفهموا المحاضرة أو أن الموضوع لا يهمهم لولا أن قام طالبان أو ثلاثة فسألوا بعض الأسئلة الجيدة. ثم قام بعض المعلمين بطرح بعض الأسئلة. وهنا تساءلت لماذا لا يملك أبناؤنا الشجاعة الأدبية للسؤال والنقاش؟ وفي هذا المجال تذكرت محاضرة سابقة في ثانوية أخرى بالمدينة المنورة أن الطلاب قدموا أسئلتهم مكتوبة في رقاع صغيرة فكانت أسئلتهم كثيرة جداً ومتنوعة بعضها يتعلق بموضوع المحاضرة وكثير منها لا علاقة له بالمحاضرة. فقلت في نفسي إنهم لو طلب إليهم أن يسألوا شفهياً لما سئلت ربع هذه الأسئلة. كيف لنا أن ننمي الشجاعة الأدبية عند طلابنا في المرحلة الثانوية أو في الجامعة؟ هل نبدأ من المرحلة الابتدائية أو نبدأ بعد ذلك أو حتى لماذا لا نبدأ تدريبهم على الشجاعة الأدبية قبل ذلك في ال

هل يسيء الإسلام حقاً للمرأة؟

                              عرفت مجلة ال (ريدرز دايجست) Readers Digest بأنها مجلة ثقافية عامة تحرص على الابتعاد عن الموضوعات الحساسة التي تسيء إلى عقائد الشعوب وأديانها وقيمها حتى سعت بلاد كثيرة لترجمتها إلى لغاتها ووافقت على نشرها بين مواطنيها. وتعرف هذه المجلة بترجمتها العربية باسم (المختار)         وعندما ارتفعت في الغرب موجة العداء ضد الإسلام عقيدة وشريعة بعد سقوط الشيوعية سقطت هذه المجلة ورأت أن تسهم بدورها في هذه الموجة عندما نشرت مقالة بعنوان (يهان النساء بل يّمثّل بهن ... كل ذلك باسم الإسلام) وجاء في ديباجة المقالة أن امرأة مسلمة نزلت في مطار مونتريال بكندا وطلبت السماح لها باللجوء بسبب التفرقة ضد الجنس في بلادها، وزعمت أنها إن لم تعط حق اللجوء فسوف تكون حياتها في خطر، وكل جريمتها أنها ترفض الخروج مغلفة بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها. وذكرت المجلة أن هذه المرأة التي تبلغ من العمر اثنتين وعشرين سنة قد رُفض طلبها في البداية لأن السلطات الكندية كانت مترددة في التصديق بأن النساء يعشن في ذلك البد الإسلامي مواطنات من الدرجة الثالثة حيث يمنعن من الزواج ممن يرغبن، ولا يسمح