من أعلامنا المعاصرين محمد عزة دروزة

بسم الله الرحمن الرحيم

    عندما اقترب الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى من الانتهاء من دروس تفسير القرآن العظيم، اجتمع علماء الجزائر وقرروا إقامة احتفال على مستوى القطر الجزائري (الذي كان محتلًا حينذاك) بهذه المناسبة تكريمًا له. وطلبوا منه أن يترك تحرير عدد ذاك الشهر من مجلة الشهاب ليكون تخليدًا لهذه المناسبة. فقبل ابن باديس رحمه الله مشترطًا أن يكون التركيز على العمل الذي قام به وهو الاهتمام بالقرآن الكريم أكثر من الاهتمام بشخصه فوافقت اللجنة المنظمة للاحتفال.

     وتم الاحتفال وكان يومًا من أيام الجزائر المباركة حيث احتشد الألوف من أبناء الجزائر ليستمعوا لابن باديس وهو يفسر سورتي المعوذتين ويكون الذي يدون ذلك التفسير علامة الجزائر وتوأم ابن باديس في الحركة الاصلاحية الشيخ محمد الابراهيمي رحمه الله تعالى.

     لقد نبهت هذه المناسبة ابن باديس إلى حقيقة خطيرة في مسيرة الأمم حتى قال: "إن من مظاهر رقي الأمم وتحضرها عنايتها بعلمائها الأعلام واهتمامها بهم فبقدر هذا الاهتمام يكون سيرها في مدارج الرقي والتحضر "

     سقت هذه المقدمة الطويلة لأنني بصدد الحديث عن علم من أعلام هذه الأمة المعاصرين الذين أسهموا بحظ وافر في مجال نشر العلم تدريسًا ومحاضرة وتأليفًا حتى تجاوزت مؤلفاته الثلاثين مجلدًا في شتى فروع المعرفة ذلكم هو العالم الجليل الشيخ الأستاذ محمد عزة دروزة.

      ولد الشيخ محمد عزة دروزة في مدينة نابلس عام 1888 م (1305 هـ) درس في مدارس نابلس الابتدائية والاعدادية. عمل في وظائف مختلفة في دائرة البرق والبريد في العهد العثماني من 1906 حتى 1918 كان آخرها سكرتير مجلس المديرية العامة في بيروت. تولى إدارة مدرسة النجاح الوطنية الابتدائية والثانوية في نابلس في الفترة من 1921 حتى 1927. تولى وظيفة مأمور أوقاف نابلس من سنة 1927 حتى 1932. أصبح مديرًا لمديرية الأوقاف الاسلامية العامة في فلسطين من سنة 1932 حتى 1937 وقد أجبره الانجليز على الاستقالة لنشاطه في الحركة الوطنية والثورية

    كانت مشاركاته في الحركة الاسلامية ضد الاحتلال الفرنسي لسوريا والإنجليزي لفلسطين سببًا في تعرضه للمحاكمة والسجن من قبل الانجليز والفرنسيين في كل من فلسطين وسوريا. هاجر إلى تركيا في أثناء الحرب العالمية الثانية 1941 ــ 1945 وعاد إلى سوريا ليقيم فيها حتى توفاه الله.

   كان غزير الانتاج كما ذكرت سابقًا وفيما يأتي سردًا لآثاره العلمية المطبوعة.

1ـ رواية وفود النعمان على كسرى أنو شروان، طبعت في بيروت سنة 1911 (70 صفحة).

2ـ " مختصر تاريخ العرب والاسلام " وكان مقررًا للمدارس المتوسطة ويتكون من جزأين طبعا في القاهرة في سنتي 1925 و1927. وكان عدد صفحاتهما 416 صفحة.

3ـ القسم النظري من " كتاب دروس في فن التربية " مترجم من الفرنسية نشر ملحقًا لمجلة التربية والتعليم في بغداد ثم صدر كتابًا مستقلًا. عدد صفحاته 232.

4ـ دروس التاريخ العربي كان مقررًا للمدارس الابتدائية، طبع ثماني مرات في فلسطين للمدارس الابتدائية. (292)

5ـ تركيا الحديثة. بيروت: دار الكشاف، 1946، 355 صفحة.

6ـ بواعث الحرب العالمية الأولى، مترجم عن التركية والفرنسية، بيروت: دار الكشاف 1946، 149 صفحة

7ـ عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبيئة من القرآن الكريم وحالتهما المعاشية والاجتماعية والثقافية بيروت: دار اليقظة 1946، 507 صفحات. طبعة ثانية عام 1960، 848 صفحة

8ـ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم، جزآن، القاهرة 1948 ط1 وطبع مرة ثانية في القاهرة 1965 عن دار إحياء الكتب العربية، 832 صفحة

9ـ القرآن واليهود، أخلاقهم ومواقفهم وأحوالهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، دمشق: 1949. 467 صفحة

10ـ القرآن والمرأة. صيدا: المطبعة العصرية 1951 ط 1 وطبع ثانية عام 1967 بعنوان المرأة في القرآن والسنة، 273 صفحة

11ـ القرآن والضمان الاجتماعي. صيدا: 1951، 34 صفحة

12ـ القرآن المجيد: بحوث في مختلف مواضيع القرآن، صيدا: المطبعة العصرية، 1952 (305 صفحة)

13ـ الحركة العربية الحديثة (ستة أجزاء)، صيدا: المطبعة العصرية 1951 و1952 وقد أعيدت طبعات بعض الأجزاء

14ـ مشاكل العالم العربي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. دمشق: دار اليقظة العربية 1952، عدد صفحاته 267

15ـ الدستور القرآني في شؤون الحياة. القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، 1956، 603 صفحة أعيد طبعه بعنوان " الدستور القرآني والسنّة النبوية في شؤون الحياة " في جزأين، طبع الجزء الاول في 584 صفحة عام 1967 والثاني في 498 سنة 1969

16ـ الوحدة العربية، مباحث في أحوال البلاد العربية والعرب وضرورة الوحدة. بيروت: المكتب التجاري للطباعة والتوزيع 1958، 721 صفحة ونال الكتاب الجائزة التشجيعية من المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1961

17ـ تاريخ بني اسرائيل من أسفارهم. القاهرة: مطبعة نهضة مصر 1958، 334 صفحة وطبع مرة ثانية من قبل اللجنة القومية للتأليف والنشر في ثلاث حلقات هي 81 و83 و85.   أما الطبعة الثالثة فقد ألحق بها رسالة بعنوان اليهود في القرآن الكريم ـ أحوالهم وأخلاقهم ومواقفهم من الدعوة الاسلامية والجزاء الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم.

18ـ تاريخ الجنس العربي في مختلف الأطوار والأدوار والأقطار، صيدا: المطبعة العصرية 1958 ـ 1964 ثمانية أجزاء بلغت عدد صفحاته 3262

19ـ العرب والعروبة في حقبة التغلب التركي. دمشق: دار اليقظة 1960 ـ 1961

20ـ مأساة فلسطين، دمشق: دار اليقظة 1960، 132 صفحة

21ـ جهاد الفلسطينيين، القاهرة: 1961، 106 صفحات

22ـ عروبة مصر قبل الإسلام وبعده. القاهرة: لجنة التأليف والنشر القومية 1960 و1961 في حلقتين ثم طبع في لبنان عام 1963 عن المطبعة العصرية صيدا من 199 صفحة

23ـ التفسير الحديث. القاهرة: دار إحياء الكتب العربية 1961ـ 1963 في اثني عشر جزءًا.

24ـ القرآن والمبشرون. دمشق: المكتب الاسلامي 1972، 468 صفحة

25ـ القرآن والملحدون. دمشق: المكتب الاسلامي 1973، 430 صفحة

26ـ في سبيل قضية فلسطين. صيدا: المكتبة العصرية 1973، 510 صفحة

27ـ الجهاد في سبيل الله في الحديث والسنّة. دمشق: دار اليقظة العربية 1975، عدد صفحاته 432

28ـ عبرة من تاريخ فلسطين القديم. صيدا: المكتبة العصرية 1978، 120 صفحة

      كان اهتمام الأستاذ محمد عزة دروزة كبيرًا بقضية المسلمين الأولى ألا وهي قضية فلسطين حتى إنه كتب في هذا المجال كثيرًا. وقد عاصر رحمه الله تعالى الدعوات إلى الصلح مع اليهود فكان له رأيًا يستحق أن نستعيده الآن حينما أكد أن الصلح المذكور في الآية (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) " لا ينطبق على اليهود الذين احتلوا قسمًا من فلسطين (كلها الآن) والذين يعلنون من آن لآخر طلبهم الصلح مع العرب واستعدادهم لمسالمتهم ليخدعوا العرب والمسلمين ويجعلوهم يظنون أن ذلك مما يأمر به القرآن. وإنما ينطبق على العدو الذي له دار أو دولة وملك خاص به منذ الأصل. وهو ما كان لليهود في المدينة زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبله. أما اليهود في فلسطين فهم أعداء معتدون على دار المسلمين والعرب ومغتصبون لما احتلوه اغتصابًا باغيًا بمساعدة طواغيت دول الاستعمار أعداء العرب والمسلمين .... ولا يجوز للمسلمين والعرب إجابتهم إلى ذلك حتى لو تركوا بعض ما اغتصبوه واكتفوا بالقسم الذي قررته لهم هيئة الامم لأنه دار المسلمين والعرب وليس لهيئة الامم أن تمنحهم جزءًا مهما كان صغيرًا من هذه الدار.

     رحم الله الاستاذ محمد عزة دروزة فكأنه كان يستشف المستقبل ليرى إصرار اليهود على مسألة الصلح لينالوا حقًا لم يكن لهم أبدًا. فقد قال كلمة الحق التي نرجو أن تكون له ذخرًا عند ربه.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية