المرسوم وصاحب الامتياز

                                    
قيل إن صاحب المهنة يميل إلى كل ما يمت إلى مهنته بأي صلة ولما تخصصت في التاريخ فأجدني منجذباً إلى الأمور التي تتعلق بالتاريخ ومن ذلك أنني حين اطلع على صحيفة البلاد أتصفح ما تنشره البلاد من الصحف القديمة ومن ذلك ما نشرته يوم الخميس 21شعبان 1419 تحت عنوان: السكة الحديدية بين مكة جدة. وتحت هذا العنوان نص المرسوم الملكي الذي يعتمد الاتفاق الذي تم بين وزير المالية والسيد عبد القادر الجيلاني بخصوص امتياز إنشاء خط حديدي بين مكة المكرمة وجدة. وقد وقع المرسوم سمو الأمير فيصل بأمر من جلالته بتاريخ 28شوال 1351الموافق 23فبراير 1933م. وقد نشر هذا الخبر في صوت الحجاز العدد 48 بتاريخ 9ذي القعدة 1351.
يصاب البعض منّا أحياناً بالإعجاب بزمانه وما يظهر فيه من أفكار وينسى أن السابقين يمكن أن يكونوا قد فكروا بأمور قد تكون متجاوزة زمنهم بمراحل كثيرة. وأعتقد أن التفكير في إنشاء سكة حديدية قبل سبعين سنة كان تفكيراً سابقاً لأوانه في كثير من النواحي. ولكن لنا أن ننظر إلى المسألة بأنه في تلك الأثناء تقريباً كان التفكير أو البدء في مشروع سكة حديد الرياض الدمام. كما أن العالم عرف السكك الحديدية منذ مدة ليست بالقصيرة. فلا بد نائب الملك حينذاك الأمير فيصل بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وكذلك مجلس الوكلاء (ولعله مجلس الوزراء) والسيد عبد القادر الجيلاني كانوا يتمتعون ببعد نظر ويمتلكون تفكيراً إبداعياً.
          واليوم عندما ينظر الإنسان إلى أعداد السيارات الضخم والضخم جداً الذي يسير بين مكة المكرمة وجدة من جهة، وبين المدينة المنورة ومكة المكرمة، وبين المدينة المنورة وجدة لا يتصور إلاّ أن خطاً حديدياً أضحى ضرورة ملحة جداً. وقد يرى المسؤولون أن المسألة مرتبطة بالدراسات الاقتصادية وبدراسات الجدوى وغير ذلك من المبررات المعتبرة فيبقى للكاتب والمواطن العادي والمحب لبلده ولأمته أن يتطلع أن يكون لنا سكك حديد كما لغيرنا من الأمم سكك حديد.
فشكراً لجريدة البلاد على نشرها هذه المقتطفات المعبرة من الماضي وبودي أن أتساءل عن السيد عبد القادر الجيلاني ما ذا كان يعمل وما أسباب تفكيره في هذا الأمر وأين وثائق هذا المشروع؟ فلا بد أنه حين تقدم إلى نائب جلالة الملك وإلى مجلس الوكلاء قدم من المبررات ما أقنعهم بجدوى الفكرة وأهميتها. ولذلك أقترح أن تقوم البلاد بنشر تفاصيل المشروع إن ظهرت في الأعداد التالية لجريدة صوت الحجاز أو الأعداد السابقة. وأين الباحثون في مجال التاريخ والدراسات العليا بصفة خاصة من البحث عن مثل هؤلاء المبدعين الذين وجدوا في هذه البلاد منذ ذلك العهد المبكر في البناء والتقدم.

كما يمكن أن نحيي ذكرى هذا الرجل بإطلاق اسمه على إحدى محطات القطار من مكة المكرمة إلى جدة، 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية