الأحاديث الضعيفة والموضوعة ونقدها

                                  بسم الله الرحمن الرحيم


استكتبت الصفحة الإسلامية بصحيفتنا (المدينة المنورة) منذ مدة الأستاذ علي رضا بن عبد الله ليكتب زاوية يومية يتناول فيها ما شاع على ألسنة الناس وأقلامهم من أحاديث ضعيفة أو موضوعة ويبين أسباب الحكم بضعفها أو وضعها. وهذا جهد-والله مبارك تشكر إدارة الجريدة على الاهتمام به وتشكر الصفحة الإسلامية كذلك. فنحن في زمن افتقدنا إلى العلماء الذين يقدمون علمهم إلى جماهير الأمة التي لا تدرك شأن العلم الشرعي الصحيح في الوقت الذي طغت فيه الفضائيات والإعلام المرئي والمسموع بما فيه من ابتعاد عن الجدية وغثاء.
وهذه الزاوية تذكرني ببرنامج الشيخ صلاح إسماعيل رحمه الله تعالى (من كذب عليّ متعمداً...) الذي أرجو أن تحاول القنوات الفضائية -التي يصعب عليها أن تجد المادة المناسبة لملأ الفراغ -بأن تعيد بث تلك الحلقات أو تستضيف علماء معاصرين ليتناولوا العلوم الشرعية بأسلوب سهل محبب إلى النفوس كما كان يفعل الشيخ علي الطنطاوي أمده الله بالصحة والعافية وختم لنا وله وللمسلمين بخير، وكما كان برنامج الشيخ عبد العزيز المسند وأعتقد أنه مازال يقدم بعض البرامج التلفزيونية المحببة إلى الناس.
وقد استوقفني الأستاذ علي رضا في حديثه عن حديث أو ما يُزْعَم أنه حديث ونصه (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) فقدم الأدلة على أن هذا النص ليس حديثاً وأضاف كذلك بأن عبارة (صوموا تصحوا) ليست حديثاً. وذكر الأستاذ علي رضا في نهاية مقالته أن عندنا من الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة ما يغنينا عن الاستشهاد بهذه الآثار. ومن ذلك أنه ذكر الآية الكريمة (وأن تصوموا خير لكم) (البقرة 184)
وما دمنا في شهر الصوم فمن المناسب الحديث عن الطعام وآدابه الإسلامية والأحاديث الصحيحة التي وردت في ذلك حتى إن إحدى كليات الطب في ألمانيا وضعت لوحة ضخمة في مدخل المبني مكتوب عليها (حسب ابن آدم لقيمات يقمن أوده أو صلبه) فها قد أدرك الألمان الإعجاز العلمي في الحديث الشريف وليتهم يدرسون الأحاديث الأخرى والآيات الكريمة في هذا المجال لعلها تقودهم إلى دراسة الإسلام دراسة متسامحة بعيدة عن التعصب وتتسم بسعة الأفق وبالعقل الذي يزعمون أنهم يجلوه ويحترموه.
لقد تناول الشيخ حسن أيوب يحفظه الله-كثيراً من الآداب الاجتماعية في كتابه القيم (السلوك الاجتماعي في الإسلام) ومن ضمن ما تناول آداب الطعام وذكر تحت عنوان "تقليل الطعام" ما نصّه " والمراد من ذلك ألاّ يكثر حتى تحصل له التخمة والسمن المكروهان المؤديان إلى الأمراض المترتبة عليهما، وإلى ثقل الجسم وخموله وقلة الحركة وأورد الحديث الشريف" ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث  طعام، وثلث شراب وثلث لنَفَسِه." وذكر في تخريج الحديث أنه رواه النسائي وابن ماجة والترمذي وحسّنه وفي نسخة صححه.
وجاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء.) وشرحه بأن " الكافر يأكل كثيراً ولا يشبع، والمؤمن يقنع بالقليل ويكفيه ويبارك له فيه. وإذا أكل الإنسان فوق الشبع والشعور بالامتلاء وكان ذلك يضره فإنه يكون إسرافاً محرماً"
وما دمنا في الحديث عن الطعام والشراب والتخفيف أو التقليل منها فإن من المناسب أن نقول كلمة أن هذه الأمة مدعوة أن تضاعف جهودها لتصل إلى الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء. فإن الهند أرادت أن تصل إلى الاستقلال الحقيقي فأصرت أن تأكل مما تزرع فلا تجعل لأحد عليها منّة كما كان حال الاتحاد السوفيتي (السابق) مع الولايات المتحدة تعطيه قمحاً وتفرض عليه شروطاً منها السماح بهجرة اليهود إلى إسرائيل.
 وقد استطعنا في مملكتنا الحبيبة أن نزرع القمح ونصل إلى ما يزيد على الاكتفاء الذاتي لكننا في الوقت نفسه نحتاج إلى تهذيب سلوكنا الغذائي فلا نعتمد على الغذاء المستورد غير الضروري. والله الموفق.         




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية