هموم وهموم وطموحات وحلول قابلة وغير قابلة للتطبيق


السؤال الأول: كثير من الصور البائسة تمر علينا ونحن نلهث في طرقات شتى لإرضاء عقولنا الطامحة... أخبرني هنا من فضلك كيف نتحرر من الشعور بالذنب والمسئوولية تجاه هذه الصور التي تلقي بلومٍ متعب على قلوبنا الرقيقة تجعلها تشعر برغبة شديدة بالصراخ في حين تلتفت عقولنا لترى أن ذلك جلداً للذات لا نستحقه من أنفسنا..؟!

الإجابة: لا يملك الإنسان الحساس المفعم قلبه بحب أخيه الإنسان وبخاصة الحب الذي أساسه رابطة العقيدة أن يتألم وتحسر ويندم على ما يرى من مآسي بل أحياناً يصل بنا الغضب لأمور نرى أنها تمس جوهر وجودنا وتاريخنا وتراثنا، لقد مررت بشارع ضيق أو زقاق تخيلت فيه أزقة المدينة المنورة القديمة فانفعلت وأنا أتحدث كيف تحولت المدينة المنورة وبخاصة بجوار الحرم النبوي الشريف إلى غابات الإسمنت المسلح. الشعور بالذنب يأتي عندما يكون الإنسان طرفاً في مصيبة حصلت لغيره أو لسكوته عما يرى من كوارث، ولكن إذا كان له قلب يقظ وحساس فإنه ينكر بقلبه ثم ينكر بلسانه وقلمه. فلا أتوقف كثيراً للوم لأن اللوم يعطل عن العمل ولكن أسعى إلى بذل الجهد والطاقة لأداء رسالتي.

وأنت تعرفين أن مصائب البشر ليست في مأساوية العيش وفقدان الكرامة بسبب تلك اللقمة، ولذلك أجدني أحياناً لو قبلت أن يمسح أحدهم حذائي فإني أقدم له ما يمكن أن يجمعه في ذلك النهار كله. وكم رأيت من الصور الحزينة ومعها رأيت بعض المؤمنين بالله، جاءني ذات يوم من يريد أن يساعدني في حمل بعض الخضروات فقلت له لا أحتاج أحد فانصرف وهو يقول الرزق على الله، فأثر في فعدت إليه لأقول أرجو أن تحمل أغراضي فكان له رزق عندي وأعجبني عفافه واغتناءه بالله عز وجل.

ملاحظة:  سيدي الفاضل هناك الكثير من الأسئلة في داخلي والتي تستجديني بلا توقف لأطرحها على حضرتكم..لكنني اعتذرت لها بأنني ربما أكون في حالة هذيان...
أرجوك أستاذي الفاضل لا تتردد في تجاهل أسئلتي إن كانت مزعجة أو لا تناسب المكان أو ترى أن من الأولى تركها...

أشكرك بحجم السماء..بل أكثر

أسئلة أتحدى العالم

السؤال الثاني: الإعلام بأنواعه من أهم الوسائل التي تبني القيم والمعتقدات وأشدها أثرًا الإعلام المرئي. نظرتك نحو القنوات الفضائية؟ وبماذا تقيّم نجاح القناة الفضائية ؟ وما  معايير نجاح القناة؟ وبأي شيء تطمع؟ والإعلام المقروء لا يقل أهمية فالصحافة لها دور في نقل صور عن الواقع . هل ترى أن صحافتنا منصفة أو ذات مصداقية ؟ وهل قدمت الصحافة ما يخدم الإسلام؟ لا أنكر فائدتها لكن بشكل عام رأيي في الصحافة أن الفائدة لا تتعدى في الصحيفة الواحدة مقالاً واحدًا وغير دقيق ويحتاج لبحث أيضا .

الإجابة: نعم له رسالة خطيرة وقد عملت في أول أيام صحافة المؤسسات ونهاية صحافة الأفراد فقد كان الأفراد عندنا يعتقدون أنهم أصحاب رسالة من خلال الكلمة المقروءة قبل أن تبدأ القنوات الفضائية بأربعين سنة على الأقل، فكانوا يسعون إلى المشاركة في الحياة الثقافية بما يخدم التعاليم الإسلامية والقيم العليا التي يدعو لها الإسلام. وقد رأيت رئيس تحرير صحيفة المدينة المنورة العم (كما كنّا نطلق عليه) عثمان حافظ يغضب من إعلان جاءه عن مياه معبأة مستخدماً آية قرآنية (وسقاهم ربهم شراباً طهوراً) فقال كيف يجرؤون على أن يشبهوا مياههم بما عند الله بالشراب الطهور الذي  أعده الله لأهل الجنة. ولكن جاءت أيام انحدرت فيه القيم وأصبحت أحياناً عبارات تشبه ما في القرآن تطلق على صحف، فهذه صحيفة الحياة (معكم أيما كنتم) –أو قريباً من هذا- وهذا قريب من قول الله تعالى (وهو معكم أينما كنتم)

نعم صحافتنا المحلية بدأت رائعة وظلت مدة من الزمن تعيش هاجس رسالة الدعوة إلى الأخلاق والفضيلة، ولكن مع مرور الأيام تسلط عليها من أطلقوا على أنفسهم –قبل غيرهم- الحداثيين، او العلمانيين- فسيروها بعيداً عن الوجهة الأصلية التي ينبغي أن تكون عليها. وما زلت أذكر احدهم حين قال نجعل في الصحيفة صفحة إسلامية، فقال أليست الصحيفة كلها إسلامية أو هكذا ينبغي. ومع ذلك فما زال فيها خير كثير ولكن أيضاً فيها انحرافات كثيرة.

والإعلام ابتعد عنه العلماء والمشايخ حتى أصبح بيد غيرهم، كم حورب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله حين ظهر في الإعلام ولكن هل رأينا وجهاً بشوشاً مشرقاً منيراً مثل وجه الشيخ رحمه الله رحمة واسعة؟ وهل رأينا طريفاً مفيداً ممتعاً مثل الشيخ؟ كم تمنيت أن يتعلم على يديه مشايخ ومشايخ ويدرسون فنه وأسلوبه. لقد حاولوا تقليده فيما بعد ولكن أين الأصل من التقليد.

الإعلام رسالته خطيرة ومن يتصدى لها هل يكفي أن يكون عندنا بضع قنوات إسلامية لم تتعلم أصول الإعلام والمهنية؟ لقد شاركت في بعض القنوات الإسلامية فلم يعجبني بعدها عن المهنية في التعامل، وكم رأيت فيها من المستلقين. ففي إحدى القنوات شخص يصر على أنه مذيع وهو متخصص في الفقه، وهو ثقيل الظل إلى أبعد درجة ولكن أصبحت بعض القنوات الفضائية لها كواليس وشلل تفقد معها كثير من رسالتها الحقيقية، ولكن يبقى فيها خير.

رشحت ذات مرة لأكون رئيس تحرير في إحدى الصحف المحلية فخاف البعض من أن اسمي ليس مقبولاً لدى جهات معينة أو لأني قد أكون صعب المراس ولا يمكن السيطرة علي، ولكني كنت أعد نفسي لتعلم صنعة الصحافة من ألفها إلي يائها وأن أقدم صحيفة إسلامية تعبر عن بلد إسلامي حقيقي، ولكن قدر لي في الفترة التي لم أتسلم رئاسة التحرير أن أكتب أسبوعياً مقالة أو حتى مقالتين وفي تسعة أشهر كتبت مقالة يومية. وما زلت أتوق للعودة للكتابة الأسبوعية ولو أعطيت الفرصة مرة أخرى لكتبت يومياً. فالكتابة اليومية تجبر الكاتب على القراءة والتفاعل مع القضايا كافة.

السؤال الرابع: لماذا يعمد بعض المستشرقين إلى تشويه صورة الإسلام أمام الغرب؟
الإجابة: عندما نقول يعمد معنى ذلك أننا حكمنا قبل أن نترافع ولكن لنقل إن تشويه صورة الإسلام والمسلمين يحصل لعدة أسباب، فالاعتداء على الإسلام بالتشويه والتصوير السيئ إنما يحدث لأمرين إما عن جهل أو عن قصد، والجهل لا أعذرهم عليه فهم أساتذة مناهج البحث العلمي والأصل أن يعرفوا كيف يبحثون وكيف يصلون إلى الحقيقة. أما القصد في التشويه فأسبابه كثيرة، منها مثلاً أن هذه الكتابات هي الرائجة وهي المقبولة وهي التي يقول بها معظم الباحثون الغربيون، فهل يستطيع أحدهم أن يخالف الإجماع ليصف الإسلام بما يستحق من عظمة وروعة وجمال. أما وصف أحوال المسلمين فالحال التي فيها المسلمون تسمح لغيرهم بأن يكتبوا عنهم الكثير مما هو حقيقي، لو قيل عنّا أن الفساد مستشر بيننا، أليس هذا صحيح، لو قيل  إن عندنا أمراضاً اجتماعية كثيرة مثل العنف ضد النساء والعنف ضد الأبناء لكان في هذا كثير من الصحة. ولكن المصيبة حين يتهم الإسلام بهذه العيوب ولو حكّمنا الإسلام في حياتنا لما وجدت هذه الأمراض، وأقول كيف تكون الصورة في المرأة جميلة وأصلها ليس كذلك.

ملاحظات لا أذكر لمن ولكن أتركها كما هي فليس فيها سؤال لي ولذلك أترك التعليق أو الإجابة. " الخلط بين العالِم والكاتب أو الخطيب أو الواعظ .... يؤدي إلى سوء فهم في الشريعة الإسلامية فالعالم الراسخ في العلم يفهم النصوص ويفقهها ويعرف مقاصد الشريعة أما الكاتب أو الواعظ أو الخطيب فقد يغفل عن ذلك أو لا يدركه فقد يؤتى الكاتب موهبة تجعله متمكن وذا عقلية فذة فتعرف من خلال القراءة له أنه بارز والكلام ذاته على الواعظ والخطيب والشاعر والمفكر .. فيجب أن يفرق بين أولئك وبين العالم الراسخ في العلم فالتخصص له مكانته فليس للشاعر أو المفكر أو الواعظ وغيرهم أن يصيغوا حلولاً للمجتمع وهم لا يتقنون فقه النصوص وقد يضغطون النص للواقع . رأيك حول ذلك ؟ وهل تؤيد أن تكون الدراسة الإسلامية شاملة مع كل التخصصات؟ كي يكون التخصص محفوف بلمسة إسلامية تزيده رفعة ودقة في الهدف الأسمى الذي نسعى لأجله وهو نشر وتطبيق الإسلام كما هو .

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية