دعوى انتهاء الاستشراق القديم.


 

الاستشراق القديم والحديث عن النشاط الأكاديمي يقتضي في البداية الرد على مقولة انتهاء الاستشراق القديم، استشراق جولدزيهر وشاخت ومرجليوث ومونتخمري وات هذا الاستشراق الذي تناوله بالرد والتفنيد أمثال الدكتور مصطفى السباعي وأنور الجندي، وحسين هراوي والدكتور محمد البهي وغيرهم نعم أن جهود هؤلاء الأساتذة الكبار كانت في محلها وآتت ثمارها، ولكننا ينبغي أن لا نتوقف عندها بل يجب علينا أن نواجه الاستشراق بأساليب العصر ووسائل المستشرقين وأساليبهم فنعقد المؤتمرات والندوات نصدر الدوريات ونشارك في وسائل الإعلام ونفعل مثلهم فنسعى أن يكون للعلماء رأي مسموع في دوائر صناعة القرار.

ولابد أن نضيف أن المراكز الإسلامية تقوم بدور مبارك – وإن كان يحتاج إلى دراسة – فقد دخل الإسلام خلق كثير على أيدي هذه المراكز حتى أن حجم الداخلين إلى الإسلام وبخاصة من النساء في بريطانيا أفزع الغرب كما أشارت إلى ذلك صحيفة التايمز اللندنية في أحد أعدادها في نوفمبر 1993 كما خصصت مجلة نيوزويك ملفا خاصا حول الإسلام في أوروبا في الأسبوع الأول من شهر يونية 1995.

وعلينا أيضاً أن نستغل الفرص لنصل إليهم بآرائنا واجتهاداتنا، علينا أن نمثل أنفسان أمام أنفسنا أولاً. أن ندرس مشكلاتنا بوضوح وصراحة وموضوعية فلا نترك المجال لهم ليوجهوا حياتنا الوجهة التي يريدون.

والذي يدعو إلى الرد على مقولة انتهاء الاستشراق القديم هو أن الأستاذ محمد الأحمري كتب مقالة قبل أسابيع في مجلة البيان ينعى على الباحثين المسلمين توقفهم عند الاستشراق القديم، وكان مما قاله (هناك من يحبون استدبار الحوادث إذا استقبلتهم فيقررون الغياب عن الزمان والناس والأفكار مرعوبين من الجديد ليعيشوا في زمن معروف، ومع أقوام معروفين، وأفكار معروفة، وهم إن عادوا إلى تلك المدارس والأشخاص وجاءوا بجديد فلا تثريب عليهم.

ويرى الأحمري أن البعض يعود إلى الماضي وتأتي دراساتهم (مدروسة مكرورة مملولة ولا يبدعو في رؤيتهم جديدا فهم لا يمتعون عقولنا وأذواقنا بشيء).

ويتساءل الأحمري بحق لم لا يسأل هؤلاء المستغرقون في الأبحاث القديمة، لم لا يسأل أو يهتمون بحركة الاستشراق الجارية الآن، وهل هناك استشراق اليوم، ما هو، وماذا فيه، وما قديمه وما جديده، ومن هم رواده وماذا يريدون ؟ ويؤكد بعد ذلك قائلاً: (كان الأولى أن ندرس ظاهرة الاستشراق المعاصر ونحددها في مستجداتها، وندرس أعمالها مباشرة، وأعمالها ايوم بخاصة دون أغراض ولا نخشى من التحول إلى دراسوا ما جد عندهم كما درسوا ماجد عندنا ؟

هذا كلام جميل ولا يمكن الاختلاف معه كثيرا بيد أن الأحمري جانب الحقيقة حين نفى اهتمام الاستشراق المعاصر أو الدراسات العربية الإسلامية المعاصرة في الغرب بالعلوم الإسلامية كالقرآن والحديث والفقه، وهذا ليس صحيحاً تماماً فلا يزال الاهتمام بهذه الموضوعات قائم في جامعاتهم ومنتدياتهم ومؤتمراتهم.

إن اهتمام الباحثين الغربيين وتلاميذهم من أبناء الأمة الإسلامية بالقضايا المعاصرة لا يمكن فهمه تماما إلا بمعرفة نظرتهم وفهمهم للإسلام ومنابعه الأولى.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية