الأستاذ الجامعي والصحافة والاستشراق

          الأستاذ الجامعي والصحافة والاستشراق (*)
         
 
مقدمة اللقاء:وددت منذ فترة أن أجري هذا اللقاء ، وكان لدي أسئلة عديد تطرح هموماً ثقافية..ولكن حدثت عدة ظروف أعاقت هذا اللقاء ..فضاعت أسئلة عديدة من ذاكرتي كنت معداً لها.وفجأة التقينا الأستاذ مازن مطبقاني المحاضر بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، والكاتب شبه المستمر في الصحافة ..فكان هذا اللقاء…وكانت هذه الإجابات أيضاً شبه الحذرة..فإليك عزيز القارئ هذا الإبحار على شاطئ الضيف.
¨أستاذ مازن قدمت للمكتبة العربية العديد من الكتب رغم قصر المدة التي عملت فيها في المجال العلمي الأكاديمي ـ، أرجو أن تأخذنا في جولة حول هذه الكتب التي ألفتها وما هو الجديد؟
        ج_ يسّر الله لي إخراج عدد من الكتب بعد التحاقي بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية (كلية الدعوة حالياً) وهي:
1- جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية (1349- 1358 هـ/ 1931-1939م ، عن دار القلم بدمشق عام 1408 وهي رسالة الماجستير .
2- عبد الحميد بن باديس : العالم الربّاني والزعيم السياسي، في سلسلة أعلام المسلمين التي تصدر عن دار القلم بدمشق ، برقم 28، عام 1410هـ.
3-المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق صدر عن دار الريشة بجدة عام 1409 ، وهو عبارة عن ثلاثة بحوث جُمعت مادتها لإعداد خطة بحث للدكتوراه حول الاستشراق الفرنسي.
4- من آفاق الاستشراق الأمريكي المعاصر، وهو حديث عمّا يدور في بعض الجامعات الأمريكية من نشاطات استشراقية.
5- الغرب في مواجهة الإسلام: معالم ووثائق جديدة.
6-نبش الهذيان من تاريخ جورجي زيدان( تحقيق) وهي رسالة كتبها أمين بن حسن حلواني المدني سنة 1307هـ رداً على افتراءات جرجي زيدان على التاريخ الإسلامي.
7- أصول التنصير في الخليج العرب : نشاط البعثة البروتستانتية من سنة 1307-1393هـ(1889-1973م) ترجمة عن الإنجليزية.

7- موجز معالم مكة المكرمة والمدينة المنورة باللغتين العربية والإنجليزية،وهما تلخيص لما ورد في بعض مراجع هاتين المدينتين المقدستين وزود الكتاب بالصور القديمة والحديثة.
8- صراع الغرب مع الإسلام (ثلاث طبعات)
¨ بما أنك تعمل محاضراً في قسم الاستشراق بودنا أن تعطي القراء صورة واضحة عن هذا القسم الذي يعد فريداً من نوعه على المستوى العربي؟
ج_ أنشئ هذا القسم سنة 1403/1410هـ ويشتمل المجالات الآتية:
1-الدراسات الإسلامية عند المستشرقين (تأصيلاً ونقداً) وتشمل القرآن الكريم وعلومه، والحديث وعلومه ، والعقيدة، والفقه وأصوله، والسيرة والتاريخ.
2- الدراسات اللغوية عند المستشرقين (تأصيلاً ونقداً)
3- دراسة المراكز الاستشراقية وتشمل أعلام المستشرقين وإنتاجهم والمؤسسات الاستشراقية.
4- دراسة المراكز التنصيرية وتشمل الفكر التنصيري.
        أما أهداف القسم فهي:
أ- إطلاع الدارسين على ما يحيط بالإسلام والمسلمين من اهتمامات ودراسات.
ب-  عرض مزايا الإسلام ومحاسنه ومناقشة الشبهات المثارة حوله.
ج- تحصين الدارسين من تقبل الأفكار الخاطئة والشبهات المثارة حول الإسلام والمسلمين.
د- دراسة المؤسسات الاستشراقية دراسة تحليلية وتعريف الدارسين بها وبأساليبها للإفادة من إيجابياتها وتجنب سلبياتها. وغير ذلك من الأهداف.
¨أخ مازن ..لك اهتمامات بالغة في الكتابة للصحف وهذا شيء جميل ..ولكن بماذا تفسر غياب الكثير من الأساتذة الجامعيين عن الكتابة للصحافة؟
ج- اهتماماتي بالصحافة قديمة جداً حيث بدأت أكتب منذ عودتي من أمريكا، وأذكر أن أول مقال لي نشر عام 193هـ بعنوان" وسقطت القيم فريسة للمادة" في جريدة المدينة المنورة ، ثم واصلت الكتابة في الجريدة نفسها في زاوية "منبر القراء" والصفحة الإسلامية ،وملحق ذات الخمار..كما كتبت بعض المقالات لمجلة " المجتمع" الكويتية بعنوان " مشاهدات عائد من أمريكا"
        أما غياب الأساتذة الجامعيين عن الكتابة الصحافية، فالسؤال يوجه إليهم، ولكن الصحافة تتحمل جزءاً من المسؤولية         وحتى لا أطيل أروي لك قصة أستاذ جامعي مسلم في أمريكا تجاوز السبعين من عمره دعته إحدى الصحف المحلية أن يشاهد فيلماً سينمائياً ويكتب لها عنهويقول الأستاذ هنا:"ما كنت لأدخل دار السينما لولا هذه الدعوة، والفيلم عن شاب مسلم درس الطب في أمريكا وتزوج أمريكية وبعد أن أنهى دراسته للطب عاد بها إلى بلده. فالفيلم يتحدث عن هذا البلد وأهله وأوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وفي الفيلم تشويه كبير.
        إذن يمكن للأستاذ الجامعي أن يتفاعل مع قضايا المجتمع ويكتب عنها .
¨هناك دراسة أجريت عن أسباب النظرة العدائية الشائعة في الأوساط الغربية للإسلام والمسلمين وأوضحت من خلالها مدى عجز علم الاستشراق عن طرح الصورة الحقيقية للإسلام رغم أنه من العلوم المتخصصة في الحضارة الإسلامية.. سؤال: ما تعليقكم حول ذلك؟
ج -الحقيقة أن ثمة دراسات عديدة جداً حول نظرة الغرب تجاه الإسلام. ظهرت النصرانية في بلاد الشـام ولكن زعامتها انتقلت إلى أوروبا ، والعداء للإسلام بدأ عند القوم من بعثة المصطفى صلى الله عليـه وسلم {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} وقوله تعالى{ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} فالاستشراق وليد هذه المجتمعات التي اتحدت لتحارب الإسلام وهي التي دامت الحروب بينها مئات السنين ، وماخر البروتستانت والكـاثوليك  عنّا ببعيـد. إن بعض حروبهم قد أخذت أسماءها من المدة التي استغرقتها (حرب السبعين سنة، حرب المائتي عام ..حرب..
        هؤلاء اتحدوا ليهجموا على العالم الإسلامي مرتين في الحروب الصليبية وفي الغزو الاستعماري ولن ينتهي هذا العداء بل أضافوا إلى الاستعمار الحرب الفكرية المدمرة ، وهذا السؤال يكتب فيه كتبولكني أكتفي بهذا وأوجه الدعوة إلى أن خير دعاية للإسلام هو تطبيقه في واقع الحياة في السلوك ، وفي الاجتماع وفي الاقتصاد وفي السياسة.
¨أخ مازن يتردد كثيراً بان الأمية الثقافية تكاد تطبع إنساننا العربي ، ما رأيك؟
ج - لا أميل إلى مثل هذه التعميمات مطلقا، قد يصح علينا أننا ما زلنا لا نهتم بالعلم الاهتمام الكافي .أننا لا نقرأ..أن صلاتنا الثقافية شبه منقطعة لكننا لا يمكن أن نكون أميين ثقافياً لو عدنا إلى الإسلام لعرفنا فضل القراءة والعلم{اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق " و{ن، والقلم وما يسطرون} وغيرها من الآيات .
¨هل وجد التراث العربي العناية التي تناسبه من اهتمام الباحثين أو الدارسين العرب؟
 ج _التراث العربي مثله مثل قضايانا الأخرى ..ما دمنا نعاني من نقص الاهتمام بالعلم فلا بد أن يعاني التراث أيضاً…والتراث ليس المخطوطات وحدها بل التراث أن تعرف السيرة النبوية بتفاصيلها، وأن تعرف كيف كان الإنسان المسلم صاحب كرامة واعتداد بنفسه واستعلاء بإيمانه وعقيدته …التراث هو العلاقة بين الدولة والفرد وهو العلاقة بين الشعوب الإسلامية كلها والعالم الإسلامي والدول الأخرى.
¨هل استفاد الأديب المعاصر من التراث؟
ج_ لست ناقداً أدبياً ولا أستطيع أن أحكم، ولكن إذا كانت المسألة مسألة تراث فانظر إلى الكاتب الرائع على أحمد باكثير رحمه الله كيف عرف الغوص في التراث والخروج باللآلىء ..واإسلاماه ..الثائر الأحمر ..وغيرها.
¨ما هو دور التراث في تشكيل الرؤية الإبداعية لدى الأديب المعاصر؟
ج_ دور التراث في تشكيل الرؤية لدى الأديب المعاصر …من الصعب أن يكون الأديب أديباً لو لم يعرف تراث أمته..هل الأدب رصف مجموعة من الكلمات بعضها إلى بعض كما يفعل معظم الحداثيين اليوم؟ الأدب شكل ومضمون..إن أدباء الغرب لا يكتبون قبل أن يعرفوا أرسطو وسقراط وشكسبير وملتون وتشوسر وغيرهم ..ما ذا يعرف أدباؤنا عن بلاغة عمرو بن العاص مثلاً أو فصاحة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين ..ماذا يقرأ أدباؤنا عن الرافعي والمازني وغيرهما؟
        التراث أصل في تشكيل الرؤية الإبداعية، هل وجدت أديباً يبدع لنا قصة عن خليفة عظيم كـان يحلب شياه الحي؟ والله لو وجدت مثل حادثة مثل هذه عند الغرب لكتب عنها مئات الروايات أو قصة تسابق عمر بن الخطاب والصديق رضي الله عنهما لخدمة عجوز…إن اللمسات الإنسانية في تراثنا ما تزال تحتاج إلى من يبدع منها أدباً ممتازاً وإلاّ لما راجت قصص أو غراميات جرجي زيدان عن تاريخنا.
¨الصحافة مرآة المجتمع …بصراحة ما رأيك في صحافتنا المحلية؟
ج_ الصحافة مرآة المجتمع …كما أن المجتمع مرآة الصحافة إنهما وجهان لعملة واحدة لابد من العمل من الطرفين ليكونا صورة مشرقة … صحافتنا لا أستطيع الحكم عليها لأنني لست متابعاً جيداً لكنى أرى بعض الصحف تحتفظ بأسماء وكتاب أقل ما يقال عنهم أنهم ينفرون القارىء منهم ولا حاجة لذكر الأمثلة.
¨يقال أنت تقرأ إذاً أنت موجود ..القراءة ما هو نصيبها من وقتك؟
ج_ للقراءة نصيب طيب والحمد لله من وقتي، والذي لا يقرأ لا يستطيع الكتابة ..المعاني كما قالوا موجودة أي كتبها آخرون أو قالوها فلا بد من القراءة.

 
¨كتاب تحرص على قراءته؟ وآخر تنصح بقراءته؟
ج_ الحقيقة ليس كتاباً واحداً أحرص على قراءته ، بل أحرص على قراءة كل ما يمت إلى الإسلام مـن تاريخ واجتماع واقتصاد وسياسة ، وكتاب الكتب الذي لا ينبغي للمسلم أن يهجره هو كتاب ربنا عز وجل فيه شفاء ورحمه.
         والكتاب الذي أنصح بقراءته … كثيرة هي الكتب التي ينبغي أن تقرأ ولكن للندوي أمدّ الله في عمره كتاب رائع هو صراع الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية  أرجو أن نقرأه دائماً حتى لا يغيب عنّا أننا أمة متميزة عن غيرنا.
¨ما ذا تقول لهؤلاء :د. عبد القادر طاش، خالد محمد خالد، عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطىء) سهيلة زين العابدين حمّاد.
¨أقول: د. عبد القادر طاش: وفقك الله وأعانك وشد أزرك.(والآن رحمك الله)
¨الكاتب الإسلامي خالد محمد خالد: ما تزال عذوبة أسلوبه في كتاباته رجال حول الرسول وخلفاء الرسول في الذاكرة لولا ميله إلى الكتابات السياسية في الديموقراطية وغيرها أقول له ما له ولها.
¨د.عائشة عبد الرحمن : بعد كتاباتها الجميلة نساء النبي، وبنات النبي وكتاب أو غيره أين الإنتاج الجديد هل الناشرون مقصرون؟
¨الأديبة سهيلة زين العابدين حمّاد: وفقها الله في كل أعمالها ونوّر بصيرتها
¨قبل الوداع ..ماذا تود أن تقول؟
¨ قلت الكثير قبله …وأرجو أن يكون فيه متعة وفائدة وأشكر المسائية هذه الفرصة لأتحدث لقرائها ..وشكراً للأخ عبد الله على هذه الأسئلة ولو كان بعضها مزعجاً على أي حال. 



* -أجرى اللقاء الأستاذ عبد الله السحيمي لصفحة إبداع في المسائية عدد (2863) 28 ذو القعدة 1411الموافق 11يونيو 1991م.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية