الإسلام والاستشراق جوردون إي. بروت


بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام والاستشراق

جوردون إي. بروت

عند استعراض لكتابات أولئك المستشرقين بصفتهم علماء غير مسلمين والذين تعهدوا القيام بتفسير طبيعة الإسلام ودوره فإننا نجد اختلافات مؤثرة حول أسئلة من مثل أصول الاعتقاد في الإسلام وتأثير الثقافة الهيليثية وأهمية التصوف والعلاقة بين الدين والثقافة وقابلية الإسلام للتطبيق في العصر الحاضر. ولكن من المنظور الإسلام يظهر زوجا من الاستنتاجات المثيرة: إن المستشرقين يخاطب بعضهم بعضاً بدل مخاطبة المجتمع المسلم([1]). وأن ما يقولونه عن الإسلام مثير للغضب وكريه. وفي الحقيقة فإن المناظرات بين المستشرقين تعتمد على افتراضات غير مقبولة تماماً لدى المسلمين أنفسهم. فالمستشرقون الغربيون ينظرون إلى الإسلام يصور متعددة. منها أنه عدد قويا، ونحو مثير ومنحرف للشرق الأدنى، وشبه جامد. أو كتلة منطوية على نفسها. وحضارة فاشلة بحاجة إلى إصلاح وتنقيح ميدان للتبشير، ورد فعل متطرف أو انتحاري ضد اتجاهات العصر الحاضر. وبعض المستشرقين راضون بأن يتوقعوا مصير الإسلام اعتماداً على تحديدهم للقوى الحركة للإسلام بينما يطالب الآخرون ومنهم المحافظ ومنهم المتحرر بالإصلاح والتنقيح بناء على مفهومهم لما هو يقال أنه الإسلام الأساس. ولا يبدو أن أخيراً منهم يشعر بأن الإسلام بسهولة سوف يختفي أو ينهار. ولكنها تكون مشكلة يحتاج إلى الشرح وبخاصة في سياق الاعتبارات الجغرافية السياسية بخصوص العالم الثالث والبترول والدول النفطية. وسواء كانت دوافع المستشرقين عقدية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية فإن ما يقوله أكثر أو أقل ازعاجاً للمسلم ويفترض التعالي والخط من الكرامة.

وأحب أن أركز على جانب هام جداً للاستشراق أعتقد أنه يشرح مواقعه والمقاومة الشعرية التي يواجهها من قبل الناس الذين يكتب عنهم المستشرقون. هذا الجانب هو التفكير في الإسلام على  أنه حركة تاريخية وتطور ثقافي فقط بدلاً من انه جهود متحركة تسعى إلى تحقيق ما ينادى به معنى الاسم الذي يحمله هو الخضوع لله. إن المستشرق والمسلم يشتركون في افتراض واحد على الأقل بأن تاريخ المسلمين هو تاريخ المتغير والنجاح والفشل والجهل والإلهام والشجاعة والجبين. وبرؤيته بهذه الصورة بأن التاريخ يمكن أن يكون من وقت لآخر موضوع المحاولات لفهم الأخطاء التي حدثت وكذلك الصواب. وقد قبل كلا الطرفين التحدي ولكن هناك اختلاف عظيم بينهما: المسلم يقوم ما فيه وحاضره في ضوء مشيئة الله الذي يرى أن حكمه نهائي ويحكم المستشرق بمعايير أخرى ليس من بينها أي من معايير المسلم. فالإسلام بالنسبة للمستشرق إنما هو حركة ثقافية لها أهمية عظيمة في تاريخ الجنس البشري. وأما بالنسبة للمسلم فإن الإسلام هو الأمر بالخضوع لمشيئة الله في كل جوانب الحياة. ولا حد يستطيع أن يحكم إلا الله. وفي المقابل ألغى المستشرق هذا الاعتبار الرئيس من قراءته للإسلام. وهذا يعني أنه فشل في رؤية الحقيقة المنزلة في التقاليد الإسلامية ويفكر فيه على أنه – مبتكر ثقافي فقط.

ويمكن أن يتجه التفكير الآن إلى أن هذا الاختلاف لا يمكن تلافيه وأنه غير قابل للتغيير. لأنه من الممكن أن يكون الرد بأن المستشرق ليس مسلما يمضي أنه فرد من الأمة (مجتمع المسلمين) وبالتالي لا يقبل اعتقاد المسلمين بأن تاريخ المجتمع الإسلامي هو تاريخ التعبير عن العقيدة أو الجهود في محاولة الخضوع لمشيئة الله. وهذا لا يمنعه من القول بأن المسلمين يعتقدون هذا في تاريخهم ولكن هذا كله ليس واحداً. فالمستشرق لا يؤمن بهذا وهو باختصار هو خارجي ومضطر لأن يفسر الإسلام على أنه شيء تاريخي وأن يحكم عليه من منطلق نجاحه وفشله في سياق القوى الثقافية والتاريخية. ولن يعكس على الإسلام كما يفعل في دراسته لمعتقده سواء كان النصراني أو اليهودي أو الماركسي أو الإنساني أو غيره. وبالإضافة فالمستشرق أقرب إلى أن يفترض على فكرة المشاركة في نظرة المسلم لتاريخه على أساس أن موضوعيته العلمية سوف يصبها انهيار.

وأحب أن أناقش (1) بأنه ما لم يقبل المستشرق بالحقيقة بأن تاريخ الإسلام هو حقاً تاريخ المحاولات للخضوع لله فإنه سوف لن يفهم هذا التاريخ وبالطبع سيفشل في أن يقدم أي شيء ذي قيمة لمجهود المسلم المستمر (2) وأن الاهتمام بالموضوعية كما يعرفها المستشرق هو هدف خاطئ بناء على تجريد مسبق أو جعل عقيدة المسلم شيئاً موضوعياً: عمل ممكن أو مرغوب فقط لن يبدأ بافتراض بأن التاريخ الإسلامي ليس تاريخ محاولات للخصم، مهما كان اعتقاد المسلمين.
و (3) وأنه من الممكن حقاً أن يبني منظوراً ننطلق منه لرؤية التاريخ الإسلامي كما يراه المسلمون بقبول حقيقة التدرب المتعالي للتاريخ وليس فقط حقيقة أن المسلمين يعتقدون ذلك وهنا تصبح كل الملاحظات والبحث والنتائج التي تتبع القبول بهذا مفيدة أو حتى صحيحة في أعين كل من الذين داخل الأمة أو الذين من خارجها ويب على الإنسان فيما اعتقد أن يضمن هذا الموقف لتاريخ الآخرين وعقيدتهم كما نصيحته لتاريخه هو نفسه.

وقبل أن أحاول وصف العلاج الذي اقترحته من قليل أود أن أصف المرض بتفاصيل أوسع وذلك بفحص ثلاثة أعراض. إن المستشرقين استندت إلى أعمالهم هم ممثلون لهذه الحركة. (2) حيث نستطيع أن نرى في كتابتهم ثلاثة مؤشرات لنزعتهم لمعالجة الإسلام على أنه فقط مضيع تاريخي وثقافي وهذه هي (1) مسألة الجوهر وتعريف "الإسلام (2) مسألة الاستعارة الثقافية في تاريخ المسلمين (وهذا يلمح إلى مسألة "الأصالة" في الإسلام) و (3) موضوع الإصلاح في الإسلام وبخاصة في العصر الحاضر.



([1])  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية