تقرير عن ندوة صدام الحضارات والتفاهم الثقافي بين الشرق والغرب

تقرير عن
ندوة  صدام الحضارات والتفاهم الثقافي بين الشرق والغرب
برعاية كل من
معهد الشرق الأوسط
و
مجموعة ميد عام Mid Amr
18مايو 2004م الموافق 29ربيع الأول 1425هـ
مبنى الكونجرس الأمريكي – البيت الأبيض


إعداد
مازن مطبقاني


مقدمة:
في إطار التعاون مع مؤسسة ميد آمر  ومعهد الشرق الأوسط فقد تم الاتفاق على عقد ندوة حول حوار الحضارات ليحضرها عدد من العاملين في الكونجرس الأمريكي، وأن يكون من بين المشاركين فيها باحث من السعودية.
وبدأت الندوة حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً بحضور حوالي أربعين شخصاً من العاملين في الحكومة الأمريكية،  ثم افتتح  رئيس مجموعة ميد عامر الندوة مرحبّا بالحضور ومشيراً إلى أهمية الحوار بين الحضارات وأن الترويج لما يسمى صدام الحضارات ليس في مصلحة الشعب الأمريكي كما أنه ليس في مصلحة الدول الأخرى.
ثم قدم تعريفاً بالمتحدثين الثلاثة وهم
توماس ليبمان
ومنصور معرف
ومازن مطبقاني
المتحدث الأول: توماس ليبمان Thomas Lipmann
هو سياسي قديم عمل في الحكومة الأمريكية مدة طويلة وهو كاتب زار البلاد العربية بعامة والمملكة العربية السعودية بخاصة وله كتاب مهم عن المملكة
بدأ ليبمان الحديث عن العلاقات السعودية الأمريكية منذ عهد الملك عبد العزيز رحمه الله وكيف أنها تميزت بالاحترام المتبادل والتزام الأمريكيين بصفة خاصة باحترام الدين الإسلامي والعادات والتعاليد المتعبة في المملكة. وتحدث عن المشروعات التي أسهم فيها الأمريكيون وكان أولها بلا شك التنقيب عن النفط وأن الأمريكيين عاشوا في مناطق سكنية خاصة بهم مارسوا بها حياتهم العادية دون أن يكون هناك أي محاولة لفرض القيم الأمريكية. ولكن بلا شك الاحتكاك يولد التأثر من الطرفين كل واحد بالآخر. وأضاف ليبمان أن الملك عبد العزيز رحمه الله كان يحتاج إلى المال لبناء المدارس والطرق والمستشفيات وكان دخل المملكة حينها قليلاً لا يكفي لمثل هذه المشروعات الطموحة وأن موسم الحج كان دخله لا يكفي للقيام بكل هذه الأمور لذلك ان البترول هو الحل.
كما تناول قيام الخطوط السعودية انطلاقاً من طائرة الدي سي 3 التي أهداها الرئيس روزفلت إلى الملك عبد العزيز رحمه الله، وكيف تم التعاون بين شركة تي دبليو إي TWA لبناء الخطوط السعودية ورعايتها وتدريب الكوادر السعودية حتى أصبحت الخطوط السعودية من كبريات شركات الطيران في الشرق الأوسط.
وذكر ليبمان بعض الشخصيات المهمة في مجال النفط الذين كان لبرامج أرامكو التعليمية الفضل في وصولهم إلى أعلى المناصب ومنهم علي النعيمي وعبد الله جمعة وغيرهما.
وذكر المتحدث أن بعض الأمريكيين الذين جاءوا في حرب الخليج الثانية لم يحترم بعضهم تقاليد البلاد مما سبب بعض الإزعاج للسعوديين ولكن المسألة تم حلها بسهولة. وأضاف المتحدث أن في السعودية استياء من مواقف الإدارات الأمريكية المختلفة من قضية الشرق الأوسط ودعمها  غير المحدود لإسرائيل. كما تناول المتحدث الأمور المشتركة بين البلدين ومنها الحرب على الشيوعية التي استغرقت وقتاً طويلاً وكان آخرها الحرب في أفغانستان.
المتحدث الثاني : الدكتور منصور معدل.
الدكتور منصور معدل أستاذ علم الاجتماع بجامعة شرق ميشتقانEast Michigan University ومتخصص في علم الإنسان وعلم الجريمة وله اهتمام خاص بالإحصاء في مجال البحوث الاجتماعية.
قام الدكتور منصور معدل بزيارة المملكة العربية السعودية عام 2003م ليبحث في إعداد استطلاع للرأي حول عدد من القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية بدعم من بعض المؤسسات الفكرية والخيرية الأمريكية وهي كالآتي:
العلاقة بين الرجل والمرأة
الزواج
عمل المرأة وتعليمها
قياس التدين
الإصلاح السياسي.
وكانت العينة التي استطلع رأيها ألف وخمسمائة رجل وامرأة (مناصفة)، وكان ألف منهم من السعوديين بينما الخمسمائة الباقون من جنسيات أخرى مقيمة في السعودية.
وكان من أبرز النتائج التي توصل إليها الباحث أن الشعب السعودي شعب متفتح ربما أقل محافظة من غيره من الشعوب الأخرى في المنطقة، وأن لديه رغبة في الإصلاح في العديد من المجالات منها المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
المتحدث الثالث: مازن مطبقاني
وهو أستاذ جامعي يعمل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية(حينذاك، وهو الآن في جامعة الملك سعود) ومن أبرز المتخصصين في مجال الاستشراق والعلاقات بين الإسلام والغرب وهو كاتب صحفي معروف.
وقد تناول مازن مطبقاني في ورقته عدة أمور هي كالآتي:
أولاً: جذور فكرة أو "نظرية" صدام الحضارات فذكر أن الذي ابتدعها هو المستشرق اليهودي الصهيوني برنارد لويس لتكريس العداء بين الإسلام والغرب وحث الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة على معاداة المسلمين.
ثانياً: إن الزعم أن صدام الحضارات أمر حتمي غير صحيح وذلك أن البحث في أحد محركات البحث في الإنترنت وهو جوجل يوضح الآتي
118000موقع أو صفحة حول صدام الحضارات
و10700موقع لنقد فكرة صدام الحضارات
أما التفاهم الحضاري أو حوار الحضارات فهناك ما يأتي
6ملايين وثمانين ألف موقع تحت عنوان التفاهم الثقافي
ومليون وثمانون ألف موقع أو صفحة للحوار الحضاري.
وهذا في اللغة الإنجليزية ولا بد أن الأمر كذلك في اللغات الأخرى مما يؤكد أن العالم يرغب في التفاهم وليس التصادم
ثالثاً: التفاهم الحضاري بين الشرق والغرب.
يقول الشاعر العربي
متى يبلغ البنيان يوماً تمامه               إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم
وكما قيل الهدم أسهل من البناء، فإن كان العديد من العرب والأمريكيين ينادون بالحوار والتفاهم فهناك في الغرب أصوات تدعو إلى المواجهة والقطيعة وعلى رأسهم عدد من المستشرقين وتلاميذهم من أمثال برنارد لويس ودانيال بايبسDaniel Pipes وفؤاد عجمي وغيرهم.
والتفاهم يجب أن يكون مبنياً على المعرفة والمعرفة الحقيقية وهي مسؤولية الطرفين ففي أمريكا نقص في معرفة العالم الإسلامي بخاصة والعالم الخارجي بعامة رغم وجود مراكز وأقسام الدراسات الإقليمية، فالشعب الأمريكي يكاد يكون منقطعاً عن العالم الخارجي ومن الأمثلة على ذلك أن جهاز الراديو الذي يوفر الموجات القصيرة غير متوفر حتى إن أحد الطلاب السعوديين أراد أن يستمع إلى إذاعة المملكة فلم يجد راديو حتى إن أحدهم أخذه إلى مكان بعيد عن الأنظار لبيعه الجهاز وكأنه من الممنوعات. ومثال آخر أن رئيس قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون  البروفيسور هيث لوري قال لي شخصياً  أنتم محظوظون حين تشاهدون السي إن إن العالمية  لأنها أفضل بكثير من المحلية.
ماذا على الجانب الأمريكي أن يعمل لدعم التفاهم الحضاري؟ لقد درس عشرات الألوف من السعوديين في الجامعات الأمريكية  فما زادت معرفة معظمهم على تخصصاتهم وعلى بعض الجوانب من المجتمع الأمريكي وبخاصة القشور من هذا المجتمع أين البرامج لإطلاعهم على الأمور الجادة في المجتمع والحضارية كمحطات التلفزيون الحكومية أو العامة وإذاعة أمريكا العامة والمتاحف التراثية والثقافية؟
أما الجانب السعودي فقد قدم الكثير ومن أول هذه الأعمال إنشاء كراسي الدراسات العربية والإسلامية في عدد من الجامعات الأمريكية ومنها على سبيل المثال كرسي الملك فيصل للدراسات الإسلامية بجامعة جنوب كاليفورنيا ومنذ مدة قصيرة قامت مؤسسة الأمير سلطان الخيرية بتقديم منحة سخية لإنشاء كرسي الدراسات الإسلامية في جامعة من أعرق الجامعات الأمريكية في بركلي وهذه المنحة عدة أقسام مهمة للبحوث والأساتذة الزائرين وغير ذلك. كما قامت المؤسسة نفسها بإنشاء كرسي الدراسات الإسلامية بجامعة بولونيا بإيطاليا.
ومن أبرز مشروعات هذه المؤسسة ترجمة الموسوعة العالمية التي تصدر من أمريكا باللغة الإنجليزية حيث قام المترجمون والمراجعون بجهد كبير في الترجمة والمراجعة والتدقيق. وهذا جهد كبير في التفاهم الثقافي بين الغرب والإسلام.
ومن التوصيات التي قدمها الدكتور مازن ما يأتي:
·   قيام مؤسسات أمريكية مشهورة مثل فورد وكارينجي وروكفللر بالتعاون مع مؤسسة الأمير سلطان الخيرية بإنشاء كراس لدراسة الولايات المتحدة الأمريكية في الجامعات السعودية
·       تقديم منح للطلاب السعوديين لدراسة الولايات المتحدة الأمريكية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً ولغويا
·       إيجاد برامج أكثر مثل برنامج الزائر الدولي لتبادل الزيارات بين البلدين
·   ترجمة المزيد من الكتب والمقالات والبحوث من اللغة العربية إلى الإنجليزية ليطلع الأمريكيون والغرب على الثقافة العربية الإسلامية



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية