الأعمال الكاملة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم
                       
لا أدري متى بدأت فكرة طباعة الأعمال الكاملة للكتاب ولكن من أبرز الكتابات الكاملة التي اطلعت عليها في اللغة الإنجليزية منذ أكثر من ثلاثين سنة مثلاً مسرحيات شكسبير وشعره، فقد أدرك الناشرون الإنجليز منذ وقت مبكر أهمية كتاباته فجمعوها في كتاب واحد . وقد أدرك كذلك ناشرو الترجمة إلى شيء من هذا فنشروا عدد من المسرحيات في كتاب واحد حيث نشرت مسرحيات المأساة في كتاب ونشروا المسرحيات الكوميدية في كتاب .
وفي اللغة العربية لدينا الأعمال الكاملة لطه حسين ولمحمود عباس العقاد وبعض الشعراء. ولا شك أن الذي قاموا بطباعة الأعمال الكاملة أصدروها تقديراً لصاحب الأعمال الكاملة أو رغبة في تحقيق الربح المادي لرواج كتابات أصحاب تلك "الأعمال الكاملة". وقد قامت الكاتبة غادة السمان عن دار النشر  التي تحمل اسمها بنشر أعمالها الكاملة. كما أن لدينا حالات نشر فيها ما يسمى الأعمال غير الكاملة حيث إن الكاتب ما زال حياً يرزق ويمكن أن يكون له إنتاج لم يرد أن يضمه في هذه الأعمال المنشورة.
وهناك عدد من العلماء الأعلام في العالم الإسلامي الذين يستحقون أن تنشر أعمالهم الكاملة لتوفيرها للقراء حتى لا تضيع مع مرور الزمن فيتم اختيار الطبعات الأخيرة من هذه الكتب وجمعها في عدة مجلدات. وفيما أعد لهذه المقالة تذكرت عدداً من العلماء البارزين الذين يستحقون أن تجمع كتاباتهم في عدد من المجلدات. وأبزر هؤلاء  الشيخ محمد الغزالي رحمه الله فقد بلغت كتاباته أكثر من خمسين كتاباً فيمكن أن تجمع هذه الكتابات في أكثر من مجلد وفقاً لموضوعات هذه الكتابات. وحبذا لو أضفنا لهذه الكتابات الرسائل الشخصية والتقارير والوثائق التي تخص الشيخ الغزالي نظراً لما في هذه الوثائق من مادة علمية غزيرة تفيدنا في فهم العصر الذي عاش فيه الغزالي.
ومن العلماء الذين يستحقون أن تنشر أعمالهم الكاملة الشيخ العلامة أبي الحسن الحسَني الندوي الذي تجاوزت أعماله الأربعين كتاباً منذ كتابه ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين وكتابه في السيرة النبوية وكتابه السيرة النبوية للأطفال وغيرها من الكتب. وللندوي بعض الكتابات التي طبعت مرة واحدة ولم يعد أحد يعرف عنها شيئاً مع أنها تضم جزءاً مهماً جداً من جهاد هذا الرجل الفكري.
وأود أن أذكر هنا أن الدار السعودية للنشر استطاعت أن تحصل على حقوق ترجمة كتابات الشيخ أبي الأعلى المودودي ونشرها باللغة العربية ونشرت العديد منها في طباعة متميزة. ولكن لا شك أن كتابات المودودي أكثر بكثير من عدد الكتب التي استطاعت الدار نشرها فإن الدكتور سمير عبد الحميد من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قام بنشر عدد من كتابات المودودي التي لم تنشر في الدار، وهناك العديد من الكتب التي لم تنشرها الدار وكانت قد نشرت قبل شروع الدار السعودية بعملها الكبير. فقد بحث أحد الباحثين عن كتاب المودودي الحضارة الإسلامية:أسسها وبناؤها فلم يعثر عليه في جميع مكتبات المدينة المنورة وأعتقد أنه لن يجده في مدينة أخرى لأنه كتاب مضى على نشره أكثر من عشرين سنة. وهنا يأتي تردد كثير من أصحاب المكتبات من إعارة الكتب لمعرفتهم أن الكتاب الذي يضيع لن يجده الباحث في المكتبات.( في انتظار خدمات الكتب القديمة التي أصبحت متوفرة في اللغات الأجنبية وعن طريق الإنترنت)
 فهل بالإمكان أن يقوم أحد الناشرين العرب الكبار بالعمل على نشر كتابات المودودي رحمه الله في مشروع الأعمال الكاملة؟ وكذلك كتابات غيره من الكتاب أصحاب الإنتاج الغزير من أمثال الدكتور نجيب الكيلاني الذي له عدد كبير من الروايات والقصص والدراسات الأدبية والعلمية. ومن العلماء الذين يمكن جمع كتبهم في مجلدات (الأعمال الكاملة) الدكتور يوسف القرضاوي ومصطفى صادق الرافعي والمنفلوطي والدكتور أبو القاسم سعد الله من الجزائر والدكتور محمد محمد حسين وغيرهم كثير.
فهل نتنبه إلى هذا الأمر ؟ والله الموفق.
 
 
 
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية