لقاء صحفي لمجلة اليمامة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة نوال الجبر                                   حفظها الله
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
تلقيت أسئلتك وها أنا أرد عليها، ولكني أبدأ بالقول إن قضية الملكية الفكرية لم تشغلني كثيراً ولا قليلاً، لا أدري لماذا على الرغم من أنني تعرضت قبل سنوات لسرقة مجموعة من كتبي وطباعتها في مصر وفي الرياض وتوزيعها دون علمي، ومن ذلك أن أحد الكتب وهو (من آفاق الاستشراق الأمريكي المعاصر) طبع الطبعة الثانية وتغيرت طريقة التجليد ولكن الألوان هي الألوان والحجم والخط. يعني أن السرقة واضحة. ولكن شاء الله أن ذلك السارق طرد من السعودية لأسباب أخرى ربما ارتباطه بنشاط لم ترضه الدولة وليس بسبب سرقاته. صحيح أنه شجعني على الكتابة والنشر ولكنه لم يملكني، وكأني احتكر إنتاجي الفكري بسبب ذلك التشجيع.
المهم فيما يأتي إجاباتي عن أسئلتك:
س1:ما المقصود بحقوق الملكية الفكرية؟
هذه قضية قانونية ليس لي أن أخوض في تعريفها، ولكن نظراً لأن لي والحمد لله إنتاج فكري (يقال إنه غزير) فأعتقد أنني لا أحب أن يسطو أحد على هذا الإنتاج بانتحاله لنفسه أو نشره أو إعادة نشره دون إذني. فحقوق الملكية الفكرية لا تقتصر على هذه الأمور ولكن تتضمن أيضاً سرقة الأفكار والآراء ليس بالضرورة حرفياً بل قد يكون التعدي أو السرقة بطريقة فنية أي أن يكون الناقل أو السارق محترفاً فيعبث بالنص الأصلي وينقله دون مراعاة لحقوق الكاتب الأصلي. وقد وجدت أستاذاً أخذ نصاً لي في تعريف الاستشراق ونشره ضمن بحث قدمه لأحد المؤتمرات دون أن يشير إلى المصدر ومن الطريف أنني أعرف عباراتي بدقة. كما أن من سرقة الأفكار أن أكون قد تقدمت إلى جهة ما أو كتبت عن أهمية إنشاء أقسام الدراسات الإقليمية  ومراكز البحوث المتخصصة في جامعات المملكة العربية السعودية فأجد بعد مدة وقد نقلت الفكرة إلى التطبيق واختيار أشخاص آخرين لا علاقة لهم بالموضوع وإهمال صاحب أول نداء لمثل هذا الأمر.
س2: ما هو الوضع الراهن لحقوق الملكية الفكرية في المملكة من حيث النظم والقوانين والتطبيق؟
كنت أود أن أكون أنا السائل، فهل ثمة نظم وقوانين مكتوبة لحماية حقوق المؤلف أو الحقوق الفكرية؟ ولكني رجعت إلى الإنترنت ووجدت الأسطر الآتية بخصوص انضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية وهي كما يأتي
  • تعهدت السعودية أن تلتزم باتفاقية منظمة التجارة حول الأوجه التجارية المتعلقة بحقوق الملكية الفردية، و أن تنتمي لعدة اتفاقيات دولية حول الملكية الفكرية من ضمنها معاهدتي باريس و بيرن.
  • أصلحت السعودية كليا نظامها التشريعي و إجراءاتها الإدارية لحماية الحقوق الفكرية و جعلها متوافقة مع اتفاقية تربس.
  • التزمت المملكة بتطبيق تطبيقات قوانين حماية الملكية الفردية في محاكمها والمؤسسات الحكومية و الإدارية المسئولة.
  • اتخذ مكتب براءات الاختراع في المملكة إجراءات جوهرية للتقليل من العناصر المعيقة للقانون. من ضمن ذلك زيادة جوهرية في عدد مدققي براءات الاختراع.
  • التزمت المملكة بحماية معلومات اختبار المواد الصيدلانية والزراعية والكيماوية التي تقدمها الشركات للحصول على موافقة التسويق
 فإن كان الأمر كذلك فأمر طيب فيما يبدو لي وأرجو أن ننجح في تطبيق هذه الأنظمة.
وأود أن أضيف أن من التعدي على حقوق الملكية الفكرية ما تمارسه أحياناً وزارة الثقافة والإعلام في مراقبة المطبوعات كأن يتدخل أحد المراقبين ليغير عبارات المؤلف أو يحذف وربما يضيف. كما أن الوزارة تقوم أحياناً بمصادرة كتاب لمؤلف وتسحبه من الأسواق دون أن تبدي الأسباب. ومن ذلك أن كتابي (الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي) الذي نشرته مكتبة الملك فهد الوطنية عام 1415هـ تمت مصادرته وسحبه من الأسواق دون أن تعلمني الوزارة الموقرة بأسباب ذلك. بل إن موظفاً في تلك الوزارة استدعاني ذات مرة وقال نريد أن نوجه إليك أسئلة لتجيب عنها، فقلت هل أنتم جهة مخولة لتفعل ذلك؟ اكتبوا لي وسوف أفكر هل أجيبكم أو لا، ومع ذلك تعاونت معهم وأجبت عن أسئلتهم.
س3:وهل الجهات المعنية بحقوق الملكية الفردية في المملكة قادرة ومؤهلة لعلاج قضايا الملكية الفكرية؟
لا أستطيع الإجابة عن مثل هذا السؤال فلا أعرف القضايا التي عرضت عليها وهل استطاعت أن تنجح في حماية الملكية الفردية أو لا. ولكني أتذكر قضية طالب دراسات عليا في جامعة الإمام وسرقة أستاذه منه وكيف أن الجامعة تواطأت مع الأستاذ وترددت في الإجابة على استفسار المحكمة مع أن الموضوع قد عرض على لجنة في عمادة البحث العلمي (وكنت حينها أعمل في العمادة) وكانت السرقة واضحة ومسكين الطالب لم يجد من ينصره.
س4: ولماذا لا توجد هيئة واحدة متخصصة لحماية حقوق الملكية الفكرية؟
ما الحال في الدول الأخرى؟ لقد لاحظت أن وزارة التجارة هي المسؤولة في المملكة فهل هذا الأمر هو الصحيح؟ وهل وزارة التجارة حقاً قادرة على أن تقوم بهذه المهمة؟ إن أمماً كثيرة قد سبقتنا في مسألة حقوق الملكية الفكرية فلماذا لا نتعلم منها؟ لقد ناديت منذ أمد طويل بأن علينا أن ندرس الغرب ونتعلم منه، ولا عيب ولا ضير في أن نأخذ منهم وبخاصة في الأمور التي استطاعوا تطويرها وحماية حقوق الملكية في بلادهم.  ودراسة قضايا حقوق الملكية الفكرية إنما هي واحدة من المجالات التي يمكن أن نفيد من غيرنا فيها، وإلاّ فنحن بحاجة إلى التعرف كيف نهض الآخرون وكيف تطوروا ، إن الذين يشكون من أن جامعاتنا متخلفة وخارج التصنيف العالمي بحاجة لدراسة الغرب والدول الأخرى التي سبقتنا في الأخذ بأسباب التطور. إن الذي يريد أن يطور جامعاتنا عليه أن يعيش في الجامعات الغربية أو الجامعات اليابانية أشهراً وربما سنوات فإنه بلا شك سوف يتعلم كيف تطورت تلك الجامعات ودخلت التصنيف العالمي. ويمكن بسرعة مراجعة مواقع بعض الجامعات الأجنبية وصفحات بعض الأساتذة فيها أو حتى بعض الطلاب ليرى الفرق بيننا وبينهم.
 وأذكر في هذا المجال أن وكالة إعلام الولايات المتحدة قد دعت في سنة من السنوات عدداً من مدراء الجامعات الخليجية لزيارة الجامعات الأمريكية فاعتذر بعضهم، وليتهم لم يعتذروا ألا يريدون أن يتعلموا، والعجيب أن بعض مدراء الجامعات لدينا درسوا في الغرب فلما تسلموا المسؤولية أداروا الجامعات كأنما يديرون مدارس ابتدائية أو ربما مؤسسات لا علاقة لها بالعلم والفكر فاحتقروا الفكر والعلم وأهانوه أيما إهانة.
وفي ختام إجاباتي عن هذه الأسئلة أود لو كان الموضوع القادم تشجيع الإنتاج الفكري في جامعاتنا ومؤسساتنا الثقافية والفكرية، فقد تقدمت إلى المجلس العلمي بجامعة الملك سعود لتحكيم كتاب ترجمته من الإنجليزية ونشرته عام 1418هـ وبعد إرساله إلى المحكمين ووافقوا أنه صالح للنشر ومقبول لاحتسابه في الترقية إذ بهم يتراجعوا عن هذا القرار ويفطنوا إلى أن الكتاب نشر قبل ترقيتي السابقة من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك، أليس المطلوب أن يكون لي إنتاج فكري يفيد المجتمع والأمة؟ أو إن التواريخ هي الفيصل في الحكم على الإنتاج، ما أظلم تلك القوانين التي تحدد الإنتاج الفكري بسنوات ما قبل الترقية وما بعدها. أعتقد جازماً أنني لو كنت في جامعة أخرى لاحتسبوا ذلك العمل ولشكروني على نشاطي. ولكن نحن حرفيون حرفيون جامدون بطريقة تبعث على الاكتئاب والإحباط. فهل تفكرين في هذه القضية؟
 
ملحوظة: فيما يأتي بعض المواقع التي أكتب فيها فالرابط الأول هو مدونتي ضمن مدونات مكتوب واسمها (الكلمة الصادقة) والثاني موقع مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق، والثالث موقع منتديات ابن الإسلام حيث أكتب عن رحلاتي العلمية. وفي الختام لك تحياتي
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية