قاتل الله الزفت كم أضاع من جمال


 

        كثير من الناس أزعجته الأمطار والاختناقات المرورية وغرق البعض وخراب سيارات البعض وحصول من حصل على الشهادة (الغريق شهيد) ولكنهم لم ينظروا إلى النصف المليئ من الكأس. فيا أيها الأحبة لقد شاهدنا سيولاً مياهها تهدر بل تكاد تكون أنهاراً ونحن الذين لا نعرف الأنهار ولا الجداول منذ قضى التخطيط الجديد لمدننا أن نجعل السيول تحت الشوارع كما في سيل أبو جيدة في المدينة المنورة أو الرانوناء أو غيرها. لقد شعرت بفرح كبير أن رأيت أمام بيتي في حي غرناطة تتدفق المياه فوق الشارع المزفت (ضاع الزفت بسرعة) ورأيت في مناطق تجمعات كبيرة للمياه كأنها برك طبيعية ولو بقيت يومين أو ثلاثة دون أن تهاجمها صهاريج الأمانة لتوالد فيها السمك. أما الأمطار التي هطلت فقد حرمتنا الشوارع المزفة (زفت وتزفيت أصح كما قال الشيخ الطنطاوي رحمه الله) أن تصل المياه إلى التربة فما هي إلاّ أياماً حتى تصبح الرياض مروجاً خضراء وتكثر الزروع والأعشاب والحشيش وربما نمت شجيرات وأشجار. ولكن الزفت قاتله الله حرمنا من ذلك. فلولا الزفت المزفت لأصبح لدينا في مدينة الرياض مساحات خضراء تشبه خضرة الريف الإسباني أو الإنجليزي أو خضرة المناطق الاستوائية في ماليزيا والهند وغيرها. ولوفر علينا هذا أن نذهب إلى البر المحاط بأسوار وصار البر حقاً مشاعاً لنا جميعاً

         ولو لم يكن الزفت لاستمتعنا بخيرات المطر التي يمكن أن تنسينا الشقاء الذي تسبب فيه من هدر لسياراتنا وهدر لأرواح بعضنا، نعم لولا الزفت لكثرت المراعي ولذهبت إلى السوق وغيري واشترينا أغناماً - البعض يمكن يحب البقر- واطلقناها ترعى، فما أجمل تلك الأيام في المدينة المنورة حين كانت أمام كل بيت صندقة نربي فيها الأغنام ونحلبها ونصنع اللبن والزبدة والسمن بل كانت أمرأة صالحة اسمها سلمى طاهرية تصنع اللبن وتوزعه مجاناً وكان لديها عدة أنواع من اللبن درجات حموضته مختلفة وكان الصغار يذهبون إلى بيتها ومعها المواعين لتعطيهم لبنا مجاناً فلم نكن نحتاج الشركات التي تبيعنا الحليب الذي يكادون يقسمون أنهم لم يضيفوا له شيئاً ولكنهم لم يقسموا أنهم أخذوا منه شيئاً فالزبون مسكين يصدق ما يقولون.

       يا الله كم كانت تلك الأيام رائعة وكانت الأمراض قليلة ولكن أمرتنا البلديات أن من شروط الحضارة والتقدم والتمدن أن لا نربي الأغنام لأن الأغنام تتسبب في تلويث الزفت ولكن الزفت كان زفتاً فبعنا أغناماً ولم يعد لدينا حليب طازج جديد بل نسينا طعم حليب الغنم.

    فهل لي أن أقترح أن نقشع الزفت ونمهد الطرق تمهيداً جيداً حتى إذا نزلت الأمطار تقبلتها الأرض فاهتزت وربت ونمى فيها من كل زوج بهيج فقد رأيت بعض المناظر في حايل من أروع وأبدع المناظر ولولا الزفت لتكررت هذه المناظر في الرياض وفي مناطق أخرى من المملكة.

       ولذلك لا تكرهوا المطر التي جعلنا نرى السيول ونسمع هدير الماء وخريره الذي لا نعرفه إلاّ إذا سافرنا لأننا حتى مع وجود هذه المناظر والطبيعة فإن السياحة غير متوفرة مثلما هي متوفرة في الخارج (رحلة إلى ماليزيا ثمانية أيام وزيارة ثلاثة مدن لشخصين بألفين وخمسمائة ريال فقط) فهل يمكن أن يكون عندنا سياحة بهذا المستوى الراقي والرخيص؟

 

ردود من المنتدى:

1-بنت المدينه  (2010-05-13)(02:20) 1 

 من اروع ماقرات سلمت يمينك

 2-ايدن  (2010-05-13)(02:32) 2 

 أهلاً بك يا دكتور مازن ..

ليتك قلت : الزفت حرمنا من الخير .. قاتله الله !

سأل أبو بكر الصديق أحدهم فأجابه : لا ؛ سلّمك الله !

فقال أبو بكر : لو قلت : لا ، وسلّمك الله ؛ لئلا يختلط الدعاء لي بالدعاء عليّ ! J

بورك فيك ؛ واجعلها على قاعدة : أصابت امرأة وأخطأ عمر !

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية