الجوّال الإسلامي أو الجمل

 

على الرغم من القنوات التلفازية التي نشاهدها هي التي يقرر هاشم أن يراها ولكن يفلت المتحكم عن بعد من يده أحياناً أو ينشغل بلعبة مان وفي هذا اليوم وبعد المغرب كان لنا موعد مع الشاب الداعية أحمد الشقيري الذي كان صاحب فكرة برنامج يلا شباب الذي كان يستضيف عدداً من العلماء والدعاة ويحاول أن يقدم الإسلام إلى الشباب بأسلوب عصري.

       لا غبار على كل هذه الجهود فلست بمعرض تقويمها ولكنني اليوم شاهدته يركب فرساً ويدور وكان من المحلات التي زارها محل بيع أجهزة الهاتف النقال (الجوالات) وسأله هل عندك جوال إسلامي فلم يفهم البائع السؤال وقال له لدينا جوالات مصنوعة في فنلندا وفي يوغسلافيا وفي وفي .. أما جوال إسلامي أي مصنوع في بلد إسلامي فليس عندنا. وبعد ذلك رأيته في لقطة أخرى يقول إننا نريد أن نقاطع الغرب فماذا لو قام الغرب بمقاطعتنا فماذا نفعل، لو أن شركة بوينج لم تبعنا طائرات فماذا كنّا نفعل نرجع إلى عصر الحصان والحمار والجمل...وكأن اللعبة أعجبته فاستمر يسأل عن الأشياء الإسلامية وقال كنّا في يوم من الأيام قادة الدنيا وسادتها والآن غيرنا هو الذي يصنع كل شيء..

     لم أتمالك أن أقول كيف أصبح أحمد الشقيري مفكراً وفيلسوفاً هكذا فجأة بعد أن كان يعد برامج عن طريقة وضع الأحذية في مكانها الصحيح في المساجد، أو تنظيف دورات المياه.. أما هذا الموضوع فليس للشقيري أن يتحدث فيه. إنه والله تزبب قبل أن يتحصرم. إن الحديث عن هذه القضايا الكبرى تحتاج إلى عمق نظر وتفكير وهذه هي السطحية السخيفة.. إن العلاقات بين الأمم لا يتم الحديث عنها بهذه الطريقة.. هل قرأ الابن أحمد الشقيري تاريخ الأمة الإسلامية قراءة واعية؟ هل قرأ عموماً تاريخ البشر أو تاريخ أوروبا أو العالم قراءة متمعنة؟

       ليته قرأ كتاب محمد جلال كشك ودخلت الخيل الأزهر أو كتاب في الطريق إلى ثقافتنا للأستاذ محمود شاكر رحم الله الاثنين. إن محمود شاكر يقول إن الأمة الإسلامية كانت مقبلة على نهضة في شتى المجالات عشية حدوث الثورة الفرنسية أو عشية الحملة الفرنسية على مصر، وكان المصريون لديهم علماء في الكيمياء والفيزياء والطب يأتي الغربيون يدرسون على أيديهم.. وكان لدينا علماء في شتى المجالات فجاءت حملة نابليون لتجهز على تلك النهضة. ويقول محمد جلال كشك في كتابه إن المصريين لما أرادوا مواجهة جيش نابليون استطاعوا صناعة أسلحة تواجه أسلحة نابليون من مدفعية وغيرها.. إنها إرادة التحدي كما يسميها توينبي في بناء الحضارات..

 

هل نحن عاجزون أن نصنع كما يصنع الغرب؟ لو كان القرار السياسي مستقلاً في عالمنا العربي الإسلامي لاستطعنا في أيام أو ربما أشهر أن ننشئ مصانع تضاهي المصانع الغربية. إن البلاد العربية الإسلامية قرارها ليس بيدها.. وإلاّ فنحن لا تنقصنا العقول والسواعد والإمكانات. لو وجدت عندنا الحرية والاحترام لأهل العلم لرجع مئات الألوف من العلماء والطاقات التي تحرك مصانع أوروبا وأمريكا وأنشأوا مصانع تفوق المصانع الغربية قوة وإمكانات. ولكن وهل تجدي ولكن..

 

نعم لقد أصبحت إندونيسيا سادس دولة في صناعة الطيران وقد أمضى المهندس الدكتور سامي حبيب سنة في مصانعها وتحدث عما وجد هناك من تقدم ورقي ولكن الغرب ضرب إندونيسيا ضربة قاسية وأخضعها لصندوق النقد الدولي وأوفق مشروعات صناعة الطيران فيها..

 

وهل صحيح أن الغرب يمكن أن يمتنع عن بيعنا الطائرات البوينج وغيرها.. نحن أسواقه وكم عدد الطائرات التي نشتريها من هناك ولن أتحدث عن طريقة الشراء والعمولات المحرمة شرعيا ودوليا والتي لا يبخل بها علينا..

 

فيا أحمد الشقيري إياك أن تتحدث في أمور أكبر من عقلك وتفكيرك لا تفرح بنفسك أنك تنصح الناس أن يضعوا أحذيتهم في المكان الصحيح في المسجد فهو أمر مهم وأنت مشكور عليه أما قضايا مثل هذه فاتركها أو اسأل غيرك ليشرح لك الحقائق

     وكان من ردودي على بعض الطلاب ما يأتي:

       القضية يا باحثاً عن الحقيقة ليست خلافاً بيني وبين أحمد الشقيري ولكن القضية لم يعجبني سخريته من المسلمين الذين لو منع الغرب عنا الطائرات لرجعنا إلى الحمير ولو منع عنا الجوالات لانقطعت كل الاتصالات عندنا وسخريته من جوال إسلامي.

فلو أعدت القراءة لوجدت أنني قلت:

1- تخلفنا في التصنيع عائد لقرار سياسي أي لو كان القرار السياسي في العالم العربي مستقلاً لصنعنا وصنعنا

2- الغرب لا يستغني عن أسواقنا لتصريف بضائعه وبيعه لنا حتى عن طريق الرشاوي والعمولات

3- المسلمون قادرون على الصناعة وإندونيسيا أصبحت سادس دولة في صناعة الطائرات وماليزيا ثمانون بالمائة من السيارات التي تسير في شوارعها ماليزية.

4-   لدينا من يبدع في الصناعة ولكنه يحرم المستوردون ورأس المال جبان كما يقولون وكم من مبدع قمع وقمع وحطم وحتى قتل

والقضية ليست الديني قبل السياسي وكأني بها مصطلحات القوم. علماء الدين من القديم منهم من باع دينه بدنيا غيره

ومنهم المخلص لدينه ولربه ولا نستطيع أن نقول أن كل العلماء ساروا في ركب السياسة فليس بصحيح وإلاّ لما

وجدت سجون في العالم العربي. والمتدينون أو أصحاب الاتجاه الإسلامي هم أكثر المعارضات قوة في العالم العربي

وهم الذين تخشاهم الدوائر الغربية.

5- والموضوع طويل ولكن أرجوك اقرأ بتمعن ولست ممن يختلف مع الشقيري ولكن لا يعجبني أن يتناول شخص قضية وهو لا يلم بتفاصيلها وعمقها ولك التحية

6- قبل أربعين سنة وبالذات عرفت مهندساً عراقياً يعمل في شركة موتورولا ولولا أنه عربي لسُمح له أن يدخل إلى الصناعات الحربية الحساسة.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية