محاضرات في التاريخ الإسلامي

 

التاريخ الإسلامي: المستوى السادس

المحاضرة الأولى                

 

لماذا وكيف ندرس التاريخ الإسلامي؟

    هذه الأوراق التي بين أيديكم حول المحاضرات التي ألقيها في هذه المادة إنما هي الخطوط العريضة للمحاضرة فأنتم في المستوى السادس وهذا يعني أنكم أمضيتم ما يزيد على ثلاثة سنوات في التعليم الجامعي وأدركتم أن المحاضرة الجامعية تتطلب ساعتين أو أكثر من القراءة لأن الأستاذ لا يدرِّس في الجامعة كتاباً مقرراً كما كانت الحال في المدارس الثانوية أو ما قبلها.

 

هذا وقد كانت عناصر المحاضرة الأولى ما يأتي:

 

1- التعريف بعلم التاريخ

2- موضوع علم التاريخ: الإنسان والزمان والمكان.

 

3- فوائد علم التاريخ

 

4- تفسير علم التاريخ أو المذاهب المختلفة في تفسير التاريخ.

 

أولاً التعريف بعلم التاريخ:

 

لغة: الإعلام بالوقت، يقال أرخت وورخت الكتاب أي بينت وقت كتابته، وكان العرب يؤرخون بالأحداث الكبيرة مثل عام الفيل، عام الهجرة، عام الرمادة ...الخ.

اصطلاحاً: التاريخ ليس هو الحوادث وإنما هو تفسير هذه الحوادث والاهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع شتاتها وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات متفاعلة الجزئيات ممتدة مع الزمن. وقيل هو علم في تحريه الحقيقة وكعلم يطلب الحقيقة كما هي. وقيل إن مهمة علم التاريخ أن يظهر الحقيقة ببساطة كيف كانت الحالة، أو فهم الماضي من خلال عيون الحاضر.

ثانيا: موضوع علم التاريخ.

الإنسان: يهتم علم التاريخ بكل ما يتعلق بالإنسان من نشاطات في جميع المجالات العقدية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، ويهتم بالإنسان في مجال الفكر والثقافة والعلوم وحتى الرياضة.

الزمان: لا بد للتاريخ أن يهتم بهذا العنصر فهو الوعاء الذي تقع فيه الأحداث، ويرى بعض المؤرخين أن التاريخ هو ما مرّ عليه خمسون سنة او أكثر أما أقل من هذه المدة فيعد من الأحداث الجارية. ولا بد من الاهتمام بعنصر الزمن لأنه قد يكون الدليل على وقوع الحدث من عدم حدوثه. كما ترتبط العلاقات الدولية أحياناً كثيرة بهذا العنصر.

المكان: ولا بد لأي حدث أن يقع في مكان معين ولذلك فدراسة الأمكنة (علم الجغرافيا) يعد ضرورياً بالنسبة للمؤرخ فلا يمكن فهم بعض الأحداث ما لم يلم المؤرخ بالمعلومات الجغرافية.

 

ثالثا: فوائد علم التاريخ. من كتاب السخاوي: الإعلام بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ

يمكن تلخيص هذه الفوائد في النقاط الآتية:

أ- معرفة الأمور على وجهها الصحيح. ومعرفة الناسخ والمنسوخ، والتأكد من التزوير.

ب- معرفة أخبار الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وسنتهم وأخبار العلماء ومذاهبهم والحكماء والزهاد والنساك

جـ- أخبار الملوك وسياساتهم وأسباب مبادئ الدول واقبالهم وانقراضهم، ومعرفة الأخبار العسكرية فالذي يعرف التاريخ يكون كمن عاش الدهر كله.

د- فائدته لذوي الهمم العالية للاقتداء والاهتداء والتشبه. وقد جاء في تفسير قوله تعالى {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} قول بعض السلف هو ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كيف لا وهم مشرفون بأمور أعظمها رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وحسن اتباعهم له واكتسابهم العلم، ومن المعروف أن الصحابة والتابعين كانوا يعلمون أبناءهم أخبار المغازي.

رابعاً: تفسير التاريخ

هناك عدة نظريات لتفسير التاريخ منها ما يأتي:

التفسير الديني: هو الذي يقدم العامل الديني على غيره من العوامل وفي هذا يقول كولن ويلسون في كتابه المنتمي واللامنتمي وسقوط الحضارة: "إن الدين هو مقياس البطولة ورمز حاجة الإنسان في الكفاح من أجل الفهم، وفشل الدين والحروب العالمية أمران متلازمان." و لا شك أن فهم الغرب لعامل الدين ينطوي على سلبيات ذلك أن فهمهم للدين يختلف عما يفهمه الإنسان المسلم من الدين. فالمسلم يعتقد أن كلَّ حياته مرتبطة بالدين {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} فالإسلام اهتم بكل لحظة من حياة الإنسان ولم يترك صغيرة أو كبيرة إلاّ وقد قدّم له فيها من التوجيهات والأوامر ما يجعل حياته أكثر سعادة وأمناً واطمئناناً.

التفسير الاقتصادي: يرى هؤلاء أن الاقتصاد هو العامل الوحيد المؤثر في الأحداث التاريخية وقد قال بهذا الشيوعيون والماديون، وحتى يستقيم الأمر لهذا التفسير فقد قاموا باختراع تاريخ من تصورهم وخيالهم الخاص.

التفسير بعامل واحد: ومن هذه العوامل:

أ- الجنس حيث يقولون بأن التاريخ ما هو إلاّ سلسلة مترابطة من ظواهر الكفاح بين الأجناس والدماء التي تخوض الحياة في سبيل البقاء فيكتب فيها النصر للدم القوي.

 ب- المفهوم الجغرافي:

جـ - الغريزة الجنسية راجع أضواء على تفسير التاريخ .للدكتور نعمان السامرائي.

 

التفسير الاسلامي للتاريخ: يختلف هذا التفسير عن غيره من أنواع التفسير ذلك أنه بالإضافة إلى اهتمامه بالعوامل المختلفة التي تؤثر في النشاط البشري على وجه الأرض من عصبية للجنس وصراع من أجل المادة فإنه يأخذ بعنصر الغيب في تفسير أحداث التاريخ فالمسلمون الذين خرجوا من جزيرة العرب لم يخرجوا لكسب المغانم -وإن وجد فئة صغيرة جداً تطلعت إلى المغنم- وإنما خرجوا لنشر الاسلام وإخراج الناس من الظلم والاستبداد الذي كانوا فيه.

    ومن المناسب أن نعرف أن ثلث القرآن تناول تاريخ الأمم السابقة، بينما التوراة تؤرخ فقط لليهود. وأذكر سؤالاً وجهته للدكتور حسن صبحي:" هل نستطيع استنباط منهج اسلامي في دراسة التاريخ من القرآن الكريم؟ فأجاب:" يا بني لا تخلط العلم بالدين." فتعجبت من ذلك.

من القراءات المختارة هنا: سيد قطب -رحمه الله- في التاريخ فكرة ومنهاج

           عماد الدين خليل: التفسير الإسلامي للتاريخ.

          محمد قطب. التفسير الإسلامي للتاريخ.

        محمد فتحي عثمان. المدخل إلى التاريخ الاسلامي.

        الإمام السخاوي. الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية