غداً اليوم الوطني


                                                بسم الله الرحمن الرحيم

                                     

           يدرس الطلاب في المرحلة الجامعية مادة بعنوان " الاتجاهات الفكرية المعاصرة". ومن بين فقرات المنهج الحديث عن الوطنية على أنها من الاتجاهات الفكرية الوافدة لأن نشأتها في أوروبا وهي عند القوم أقوى الروابط. وإن كان النقاش مازال  قـائماً هناك فتجدهم يتحدثون عن الرابطة الكاثوليكية والرابطة البروتستانتية وغيرها من الروابط. والإسلام جعل رابطة العقيدة أول الروابط وأقواها ولكنه لم يغفل حب الإنسان للأرض التي ولد فيها واتخذها وطناً فعليه واجبات تجاه هذا الوطن و له فيه حقوق.

          ولكن ما ذا يرى المسلم في الوطنية أو في الاهتمام بالوطن؟ إن من الطباع المتأصلة في النفوس  أن يحب الإنسان الأرض التي ولد فيها ، وترعرع فيها ونشأ فوق أرضها. وفي هذا الوطن يعيش الإنسان مع أهله وأقاربه وعشيرته. فهل للوطن بهذا المعنى خصوصيات معينة؟

          وبالنسبة لحب الإنسان للأرض التي ولد فيها فقد أحب سيد الخلق محمد بن عبد الله صلى الله عليـه وسلم مكة المكرمة ، وقال في ذلك (اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشـد.) وجاء عنه صلى الله عليه وسلم قوله أيضاً: ( ولله إنك لخير أرض الله إلى الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخْرِجْتُ منك ما خرجت.)، ولعائشة رضي الله عنها قولاً عن مكة أورده الأزرقي في كتابه (أخبار مكة) :" لولا الهجرة لسكنت مكة ، إني لم أر السماء بمكان أقرب إلى الأرض منها بمكة ، ولم يطمئن قلبي ببلد ما اطمأن بمكة ، ولم أر القمر بمكان أحسن منه بمكة."

         ولمّا كان الوطن المكان الذي يعيش فيه الأهل والأقارب والجيران فإن له حقوقاً ليست لغيره أو أكثـر من غيره، ففي دعوة الأهل والأقارب قبل غيرهم جاء قول الله عز وجل يأمر رسوله أن يبدأ أهلـه بالدعوة:{ وأنذر عشيرتك الأقربين، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}الآية. فكان أن دعا أهله أعمامه وعماته وسائر بني هاشم. ولمّا قررت قريش مقاطعة المسلمين لا تبيعهم ولا تبتاع منهم  ، ولا تزوجهم ولا تتـزوج منهم ، انضم بنو هاشم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في المقـاطعة . ويذكر الشيخ محمد الصادق عرجون في كتابه (محمد صلى الله عليه وسلم ) أن بني هاشم لم يقفوا مكتوفي الأيدي عندما قررت قريش قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ويحلل الأحداث التي وقعت ليلة خروجه من بيته فيؤكد أن بني هاشم لم يكونوا بعيدين عن الأحداث.   

.

 وقد سألت بعض أصحاب المهن هل قمتم بتدريب بعض أبناء هذه البلاد على المهنة التي تعملون بها؟ فكان جواب أكثر من واحد لم يأتنا أحد للتدريب. ومن هذه المهن الحلاقة أو الخراطة أو السباكة. لا بد للآباء أن يقوموا بدورهم بإرسال أبنائهم في العطلة الصيفية إلى أرباب المهن المختلفة ليكسبوا صنعة لأننا بحاجة إلى كل يد عاملة في هذه البلاد. كما نحتاج من أصحاب الشركات الكبرى أن يراعوا ظروف الشباب الذين يعملون لديهم فيعطوهم الراتب الذي يكفل لهم الحياة الكريمة. وقد ولّى الرسول صلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد رضي الله عنه مكة المكرمة وجعل راتبه درهما كل يوم فقال عتاب: لقد أغناني رسول الله صلى الله عليه وسلم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية