خطتهم الخمسية وخطتنا


                                      بسم الله الرحمن الرحيم
                             
قبل ثلاثة سنوات ونيف(17مارس 1995) نشر إدوارد دجيرجيان السفير الأمريكي السابق في إسرائيل ومساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط أيضاً مقالة في صحيفة الكريستشان ساينس مونيتور(Christian Science Monitor)(*) بعنوان خطة من خمسة نقاط للتعامل مع الإسلام. وهناك عنوان فرعي يقول "على الولايات المتحدة الأمريكية أن تبني استراتيجية واسعة تجاه هلال الأزمات ابتداءً من البوسنة إلى الشرق الأوسط وجنوب آسيا"

قدم دجيرجيان لخطته الخمسية بالقول: "إن نداء (الله أكبر) التي يطلقه المقاتلون المسلمون يمكن سماعه عبر هلال الأزمات منطلقة من البوسنة وخلال الشرق الأوسط حتى أواسط آسيا وجنوب شرق آسيا. إن الإسلام يلعب دوراً حاسماً في المشكلات المختلفة كما في البوسنة وفي الشيشان وفي ناقرنو-كراباح والجزائر وغزة والضفة الغربية وكشمير. والمسلمون في هذه المنطقة كلها يؤكدون هويتهم مقابل النظم غير الإسلامية أو الشرائح أو الأنظمة القائمة على العلمانية"

ويتساءل دجيرجيان هل هذه المشكلات صدام حضارات حتمية بين الغرب والإسلام؟ أو إنها إفرازات معينة لعدد من المشكلات زادت حدتها بنهاية الحرب الباردة؟ ويضيف بأنه يعتقد أن السبب الأخير هو الصواب. ومع ذلك فإن على صانعي السياسة الأمريكيين أن يتناولوا قضية الدين بجدية وبهذا السياق كيف يمكن للولايات المتحدة أن تطور سياسة شاملة نحو الإسلام؟

 ثم يقدم دجيرجيان خمسة خطوات للتعامل مع الإسلام التي يمكن تلخيصها كما يأتي :

1-  يجب على  الولايات المتحدة أن تدرك أن منطقة هلال الأزمات تحتوي على ثلثي احتياطي النفط في العالم وأن الحرب في البوسنة قد تكون الشعلة لحرب أوسع في البلقان، كما أن المشكلة في الشيشان يمكن أن تعطل الإصلاحات في روسيا. وكذلك مشكلة كشمير يمكن أن تشعل فتيل الحرب بين الباكستان والهند.

2-  يجب على صانعي السياسية الأمريكية أن يفرقوا بين إسلام عامة الناس وأولئك الذين ينادون بالإرهاب خارج بلادهم وضد أنظمة بلادهم المضطهِدة. وإن كان على الولايات المتحدة أن تواجه أي خطر فهو خطر التطرف سواءً كان علمانياً أو دينياً. يجب على الولايات المتحدة أن تؤيد الحكومات التي تمثل الإسلام العام والتي تحاول أن تحسن من أوضاع شعوبها المعيشية. وذكر بعض الدول التي يرى أن على أمريكيا تأييدها وهي تركيا العلمانية ومصر ودول أخرى.

3-  في العالم الإسلامي كما هو الحال في دول أخرى تقود المظالم الاجتماعية إلى التطرف، ويجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع هذه الدول لإزالة هذه المظالم

4-  إن حل المشكلة العربية الإسرائيلية سوف يساعد على قطع الطريق على تأثير ويفسد قدرات التطرف الإسلامي. ويتحدث عن بعض الجهود الأمريكية في هذا المجال.

5-  يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن لا تقلل من شأن الدين فعليها أن تدخل هذا العامل ضمن عملية صناعة سياستها في المنطقة.

هذا نموذج لأحد العاملين في مجال صناعة القرار السياسي قد يصيب وقد يخطئ ولكن السؤال ماذا عنّا نحن هل أعددنا خطتنا للتعامل معهم أو حتى للتعامل مع أزماتنا؟ إن لديهم في الغرب عشرات مراكز البحوث الاستراتيجية ومراكز صناعة القرار أو ما يسمى مركز الفكر  Think Tank وهم يستخدمون كل القدرات العلمية والعقلية والفكرية في دراسة ما يواجههم من مشكلات ويفكرون في وضع الحلول المناسبة لهم والتي تخدم أهدافهم ومجتمعاتهم.

إننا في العالم الإسلامي بحاجة إلى مزيد من التركيز على حل مشكلاتنا الداخلية ولعل من أولها البطالة، فقد كتب فهمي هويدي قبل أسابيع عن وجود عشرة ملايين عاطل عن العمل في العالم الإسلامي، ولو أضفنا إلى هذه المشكلة ما نواجهه من مشكلة الأمية والتخلف وعدم تقدير الكفاءات والمواهب فهذه كفيلة بشغلنا تماماً عن كثير من إضاعة الوقت في أمور كثيرة أقل أهمية. وإننا إذا ما استطعنا أن نكون أكثر صراحة في حل مشكلاتنا الداخلية أصبحنا أكثر قرباً من تحقيق قوة الجبهة الداخلية، عندها نلتفت أو علينا في الوقت نفسه أن نكلف من ينظر في دراسة أوضاعنا مع الجبهات الخارجية للوصول إلى المواقف المناسبة والله الموفق.







* زودني بنسخة من المقالة الأستاذ جهاد الخازن عندما سألته عن مقالة له حول هلال الأزمات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية