يوم الوطن....يوم الانتماء


                                    
             

يشهد بلدنا الحبيب هذه الأيام الاحتفال بالمناسبة المئوية لتأسيس هذا الكيان الكبير على يد الملك الباني رحمه الله عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وهو الذي تعارفنا على أن نطلق عليها اليوم الوطني. وهو يوم يجب أن نتذكره لما يشكله في أذهاننا من الأسس التي بني عليها هذا الكيان الكبير وهو تأكيد البناء على أسس الشريعة الإسلامية . ففي الوقت الذي لم تجرأ دولة عربية إسلامية أن تعلن أن دستورها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لخضوع معظم البلاد الإسلامية والعربية للاحتلال الأجنبي بينما جنّب الله عز وجل من ويلات الاحتلال، فلم تخلو كلمة من كلمات الملك المؤسس رحمه الله من التأكيد على هذه الأسس وكذلك أبناؤه من بعده.
وما أجمل أن يتذكر الناس أوطانهم في يوم الوطن والأجمل أن يتذكروه كل يوم. وديننا العظيم قدّم الواجبات على الحقوق فمن ذلك قول الله تعالى  )ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون.( (آل عمران 104) وقوله تعالى )كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون( (آل عمران 110) وقد جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قوله ( حق المسلم على المسلم .)وذكر أموراً  تؤكد بلا شك على أداء الواجبات قبل التفكير بالمطالبة بالحقوق.

ولماّ أدرك المسلمون ما لأوطانهم من حق عليهم فإنهم سعوا إلى بناء حضارة عالمية إنسانية ونشروا العلم والخير والسلام والأمن في أنحاء الدنيا. فانتشر الخير والازدهار في أنحاء العالم الإسلامي واطمأنت الأمم الأخرى إلى أن المسلمين ليسوا شعباً استعمارياً يسعى إلى نهب الخيرات والاستيلاء على الثروات. ويؤكد هذا أن البلاد التي انتشر فيها الإسلام خارج الجزيرة العربية شهدت من التطور والحضارة أكثر بكثير مما عرفته الجزيرة العربية وانظر إلى الآثار الإسلامية ومراكز العلم والمعرفة التي انتشرت في قرطبة وطليطة وغرناطة وسمرقند إلى الرباط وفاس والقاهرة وبغداد ودمشق وغيرها من العواصم العالمية .

والعمل من أجل الوطن أمر أساسي وهناك عبارة طريفة تروى عن الرئيس الأمريكي جون كينيدي (لا تسأل ما قدمه وطنك لك بل اسأل ماذا قدمت أنت لوطنك) فماذا قدمنا حقيقة لبلادنا؟ لقد قدّم أبناء هذه البلاد الكثير والحمد الله فقد أصبح لدينا متخصصون في كافة المجالات فهاهم المهندسون والأدباء  والأطباء والعلماء والباحثون والمعلّمون. فقد كنّا قبل أقل من ثلاثين سنة لا نجد العدد الكافي من المعلمين لمدارسنا الابتدائية والمتوسطة والثانوية وقد بلغنا والحمد لله الاكتفاء بل نجد أحياناً بعض التخصصات وقد زاد عدد الخريجين عن الحاجة. ولكنها فترات مؤقتة ريثما تفتح مدارس جديدة فتستوعب الخريجين الجدد.

ومع كل التقدم والتطور التي شهدته مملكتنا الحبيبة فإن الدعوة قائمة إلى مزيد من العمل والانتماء إلى هذا الكيان الكبير والإخلاص لمن ولاّه الله أمرنا بالعمل الصادق في خدمة هذه البلاد وأهلها الذين هم أهلنا وأحبابنا. فالمواطنة الحقيقية انتماء وعمل وإخلاص. ولا يكون ذلك إلاّ بأن يسأل كل واحد منّا ما ذا قدّمت وهل رددت يد بلادي علي وهل أحسنت إلى قومي وأهلي ، هل استنفدت الجهد في العمل الصالح النافع. وفق الله الجميع لكل خير.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية