أيام في البحرين ووصية أبي بكر وعمر رضي الله عنهما


 

اشتقت إلى السفر افتقدت ركوب الطائرات والضياع في المطارات حتى إذا مرّ نصف السنة الأول أو الفصل الأول –هناك من يقول ترْم وهو خطأ – دون سفر تطلعت إلى أي دعوة تأتيني من أي مكان فساق الله إلي شخصاً لا أعرفه ولا يعرفني غير أنه كان قد اتصل بأحد زملائي من أساتذة قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود يدعوه للمشاركة في مخيم شبابي تقيمه جمعية أو حزب إسلامي في البحرين فلما اعتذر قال له رشح لي شخصاً يمكن أن يحضر، فاتصل بي وقال أتذهب إلى البحرين لتشارك في مخيم دعوي؟ قلت نعم ولم أكثر من الأسئلة، فأحيانا الرغبة في تقديم شيء وإفادة الآخرين تتغلب على حب الاستطلاع والفضول ولذلك لم أكثر الأسئلة. وأرجو الله أن يكون فرصة لكسب الأجر لو كنا صدقنا النية. فاتصلوا بي ورتبنا أن أسافر في يوم معين ويكون أحدهم في استقبالي في المطار.

وصلت البحرين على متن إحدى طائرات الخطوط السعودية البرازيلية الصنع (امباير) (متى يكون لنا العرب والمسلمون طائرات نحن صانعوها؟) في الموعد أو قبل الموعد بقليل، وخرجت من المطار أنتظر مستقبلي الذي تأخر نصف ساعة أو يزيد.

واكتفيت بالطعام الذي تناولته في الطائرة (على الرغم من أن أكل الطائرات مدته محدودة، أي مدة إشباعه) فما أن جاء وقت العصر حتى انطلقت إلى السوق الشعبي المسمى (بوابة البحرين) وسرت في الشوارع شارعاً شارعاً ومررت بالمتاجر متجراً متجراً كأنما أعمل في بلدية البحرين أو أمانتها.

        وجلست في مقهى شعبي وشربت الشاي قدمه لي رجل عجوز وكان يجلس أمامي شاب يرتدي الملابس الغربية ومعه آخر يرتدي الثوب والشماغ، وكانا يتحدثان بالفارسية حديثاً طويلاً.. كان في المقهى بعض العجائز..وقام رجل عجوز حتى إذا انتصب قائماً شكى من ركبتيه وسار قليلاً ونادى على شخص اسمه جعفر فعرفت أنه من الطائفة الشيعية لأنه تكثر عندهم أسماء جعفر وطالب وعلي وعقيل وحسن والحسين. والشاكي من الركبتين يذكرني برجل شكى من ركبتيه فعاده صديق له، وقال له أعرف بيتاً من الشعر أحفظ عجزه ونسيت صدره فقال المريض وما هو: فقال العائد: "وداء الركبتين ليس له شفاء"، وهنا قال المريض اخرج من عندي أهذه طريقة لعيادة مريض، ليتك لم تحفظ شيئاً.

         وبعد جولتي في السوق ومشاهدتي كثرة محلات الحلوى كأن البحرانيين لا هم لهم إلاّ صناعة الحلوى وأكلها، وكأنهم سويسرا العرب أو بلجيكا العرب في صناعة الشكولاته، ولكن هم يصنعون حلواهم من مواد محلية مع ما يستوردون من الهند. فلماذا يكثرون من صناعة الحلوى هل الحياة مرّة فيكسرون المرارة بالحلوى أو هم كثيرو الحركة نشطاء يحتاجون إلى الحلوى كما تعطى الحلوى لخيل السباق؟ لا بد من بحث حول ميول بعض الشعوب إلى أنواع من الأكل والشراب.

     وفي السوق دخلت أحد المتاجر الذي يضع على الباب صورة ضخمة للأمين العام لحزب ما يسمى (حزب الله)، فتساءلت هل صدّق الناس حقاً أن هذا الزعيم زعيم حقاً؟ ورأيت سوقاً شعبية فيها القديم والحديث فاشتريت بعض المكسرات لإدمان قديم على المكسرات.(ويزعمون أن في المكسرات فوائد كثيرة، وفيها مواد حيث في بعضها نسبة عالية من الكوليسترول والدهون) وبعد ذلك قررت العودة إلى الفندق فوجدت سيارة أجرة وركبت فيها، وبعد أن استقر بي المقام في السيارة تفضل السائق بإدارة مؤشر الإذاعة على إذاعة طهران باللغة العربية، وكانت المذيعة تعلن عن برنامج الرؤية الخمينية للمرأة ويسمونه : آية الله العظيمة وروح الله الإمام الخميني) والبرنامج يذاع في أحد الأيام ويعاد في اليوم نفسه ثم يعاد مرة ثالثة في يوم آخر، وكان البرنامج بعد الإعلان لقاء مع التسخيري ليتحدث عن ذكرياته حول قيام الثورة التي يحتفلون في تلك الأيام بمرور ثلاثين سنة على انطلاقتها أو نجاحها. وكنت في أثناء حديث الإذاعة أن أسأله عن أشياء في البحرين حتى لا نسمع ولا يسمع الإذاعة، ولكن الحديث سرعان ما ينتهي وتعود الإذاعة تزعجنا.

      وتساءلت إذا كنتم تحبون إيران كل هذا الحب فاذهبوا إليها، ولكنهم لو يعرفون نظرة الإيرانيين للعرب الشيعة لما هاموا وعشقوا إيران؟ وليت عندنا دراسات اجتماعية ميدانية لهؤلاء الناس الذين يوالون دولاً خارجية ويعلمون حقاً أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا في تلك البلاد يوماً واحداً؟ لن أفتي بشيء ولكني أتساءل وأتساءل، وأتعجب هل حاولنا مع هؤلاء الذين يعيشون بين ظهرانينا ويوالون جهات خارجية، لماذا يفعلون هذا؟ وهل حقيقي أن الفرس يكرهون العرب من القديم ويرونهم أقل شأنا منهم؟ هذا ما يقوله بعض من عرف التاريخ،  ومن هؤلاء الدكتور عبد الله فهد النفيسي الذي أكدّ على عداوة الفرس للعرب حتى لو كانوا شيعة ، وقد ذكر لي أستاذ إيراني في أثناء مؤتمر في بولندا أنه يكرهون الإسلام لأن الذين جاؤوا به العرب.

ولا بد أن العرب لهم نظرتهم للفرس والأعاجم عموماً. غير أنني متأكد أن الإسلام جاء وهذب هذه الطباع والنظرات المتبادلة، والصور النمطية حيث جمع الإسلام الجميع وساوى بينهم كما جاء في خطبة حجة الوداع وفي غيرها من المناسبات.

       وفي المساء من ذلك اليوم كان لي لقاء مع الأستاذ نادر المتروك أستاذ اللغة العربية والمشرف على صفحة أو ملحق إشراقات في صحيفة (الوقت البحرينية- توقفت ورقياً ولا أدري هل هي مستمرة إلكترونيا أو لا؟)، وكان الأستاذ متروك قد راسلني قبل سنة يطلب لقاءً صحفياً حول الاستشراق، واستجبت له وأجبت عن أسئلته ونشرتها صحيفة (الوقت) وهنا أردت أن أحيي الصلة به فراسلته عن طريق البريد الإلكتروني محدداً له يوم وصولي، وقد أظهر لي كرم الضيافة البحريني الأصل في اصحطابي في جولة حول البحرين ودعوتي لأكثر من وجبة.

       سألني الأستاذ نادر هل تتقاضى رسوماً عن حضورك وعن المحاضرة؟ فقلت له لا وهو سؤال وجهه إلي صاحب الدعوة فقلت له يكفيني الضيافة وتذكرة السفر فهذا العلم ينبغي أن يبذل في سبيل الله. ولكن تلك الجمعية اكتفت باستضافتي في فندق (فيه مرقص) ويملكه المستشار السياسي للحزب. وفي لقاء نادر أمطرته بأسئلة كثيرة عن البحرين ونسبة السنّة والشيعة، وعلاقة الشيعة بالاحتلال البريطاني وحقيقة المطالبات الشيعية بالحقوق وشكواهم من الاضطهاد فأجابني إجابة الخبير العالم ببواطن الأمور فهو ليس مجرد صحفي أو أستاذ لمادة اللغة العربية ولكنه يعرف بلاده معرفة حقيقية.

      وفي اليوم الذي كان مقرراً لتقديم محاضرتي للشباب في المخيم، طلبت القهوة من خدمات الغرف فكانت قهوة سيئة جداً حيث كانت من النوع السريع الذوبان، وهذه القهوة يشربها من لا يعرف طعم القهوة معرفة حقيقية، فهي إساءة إلى القهوة وعظمتها، فالقهوة إما قهوة شمالية (أهل الأردن والشام ولبنان وفلسطين) تلك القهوة التي يتم تحميسها حتى تكون سوداء ولها طقوس في تحضيرها، وما أجمل تحميسها على الفحم، وطحنها بالحجر وليس بالأدوات الكهربائية، وكمية الهيل التي تضاف إليها محدودة. والقهوة الثانية التي تستحق الشرب هي القهوة التركية الغامقة التي لا يضاف إليها الهيل ولا السكر، والثالثة هي الإكسبرسو أو الإسبرسو كما ينطقها البعض.

      وأعددت البطاقات لمحاضرتي وانتظرت وكان الموعد التاسعة صباحاً فلم يصل صاحبي حتى الساعة العاشرة إلاّ ربعاً وكان المشوار بعيداً في منطقة اسمها الصخير حيث بعض آبار البترول والأنابيب التي تسير في الصحراء، ووصلنا المخيم على الساعة الحادية عشرة ثم تجمع الشباب على الحادية عشرة والربع وتحدثت حتى الثانية عشرة ثم تركت لهم المجال ليسألوا.

     وفي طريقنا إلى العودة تناولت طعام الغداء مع مضيفي في مطعم شعبي ولكنه نظيف.

 

لما تكررت تجربتي في التأخير في المواعيد شعرت أن مسألة انضباط المواعيد في البحرين مسألة يجب أن يتنازل عنها الإنسان، ومن لم يعجبه فليشرب من البحر فهو في كل اتجاه فالبحرين جزيرة أو حتى مجموعة جزر وقد يعتذرون بازدحام الطرق أو المشروعات من بناء جسور جديدة أو طرق جديدة، ولكن الذي يحترم المواعيد يخرج من بيته أو يشرع في مشواره قبل الموعد المحدد بوقت كاف حتى لا تكون الطرق هي السبب في إخلافه الموعد أو التأخر غير المقبول (قيل ثمة عرف عالمي أن يقبل التأخر حتى ربع ساعة) وإن كان الطلاب في جامعتنا لا ينتظرون في الغالب ربع ساعة بل ربما بعد عشر دقائق لا تجد أحداً.

     أما الأحاديث التي دارت بيني وبين الأستاذ نادر المتروك فمن أهمها قضية التجنيس وقضية الدعارة أو البغاء، ففي صبيحة اليوم الأول لوجودي في البحرين نزلت لتناول طعام الإفطار في مطعم الفندق على الساعة السابعة صباحاً فوجدت الموسيقى تصدح والأنوار خافتة وروائح التبع والشيشة المعسّل تفوح من المكان حتى إن الإنسان السليم الذوق لينفر من هذا المكان، فقررت أن لا أتناول طعام الإفطار وفيما انا أهم بالخروج دخلت عائلة فلم يعجبها الجو فانتقلت إلى بهو الفندق لتناول الإفطار بعيداً عن ذلك الجو الخانق، ومع الروائح كانت فتيات الليل –كما يطلق عليهن- يتنقلن في المكان متأبطات بعض الشباب يمشين مشية من مهنته كانت تأباها الحرة في الجاهلية حتى قالوا (تجوع الحرّة ولا تأكل بثديها) فأصبحت بعض الحرائر لا يأكل إلاً بأثدائهن. وتساءلت كيف جاء البغاء إلى البحرين وكيف ازدهر ولماذا يزدهر؟ وقد ذكر أحدهم أن البغاء ينتشر عادة في المدن الساحلية أو المدن التي تتخذ منها السفن والأساطيل محطات للراحة والتزود بالوقود وغيره. وما زلت أذكر حديثاً عن مدينة ساحلية في ولاية أوريجن Oregon الأمريكية أنها تنتشر فيها الأمراض الجنسية لأنها محطة للسفن والأساطيل.

     وقد أُخبرت أن دراسة أجريت على البغاء في البحرين ولكني لم أحصل عليها بعد، وهو وعد من أحد الإخوة في البحرين لم يف به، ولم أصر عليه ولن، فيكفيني ما رأيت، ولو أخذنا إحصائيات من يعبر الجسر أو يصل إلى مطار البحرين لاتضح لنا ما في البحرين من موبقات. وهذا يقودني إلى تذكر خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه حينما تولى الخلافة وقد قال فيها: ولا تشيع الفـاحشة في قوم إلا عمهم اللّه بالبلاء.(سيرة ابن هشام 4/661، البداية والنهايةِ 6/305.)

        أعود للحديث عن  مشكلة الجنسية فثمة خلاف قائم من البحريني الأصيل ومن البحريني المجنّس أو غير الأصيل. ويقال إن الدولة منحت عدداً من قبيلة الدواسر الجنسية البحرينية كما أن بعض الشيعة جاؤوا من إيران وتجنسوا وما زال بعضهم يرطن بالأعجمية حتى الآن. وقد منحت الحكومة كذلك عدداً من السوريين الجنسية وهؤلاء يزداد نسلهم بسرعة أو كما يقال في علم الاجتماع أن نسبة التوالد عندهم عالية (وهو أمر يزعج إسرائيل والدول الغربية التي هاجر إليها بعض المسلمين أو العرب) وزيادة أعداد السوريين تكاد تقلب المعادلة بالنسبة للشيعة وهم أيضاً لديهم الحرص نفسه على زيادة النسل بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة: مثل زواج المتعة أو بعض الطقوس التي تحتاج إلى تأكيد من خبير بدراسة الشيعة ومعتقداتهم وحياتهم الاجتماعية.

      وتعود مشكلة الشيعة والسنّة إلى عهد الاحتلال البريطاني الذي من سياسته تقريب الأقليات وهنا الشيعة، وتمكينهم من الوصول إلى مناصب مهمة في الدولة فيتسلطون على عباد الله من السنّة وبالتالي يوهمون هم والبريطانيون الناس بأن أعداد الشيعة كبيرة. وقد سرت في أنحاء البحرين وقال لي الأستاذ نادر يكفي أن تعرف أين يسكنون وكم مساحة الأرض التي يحتلونها لتعرف أنهم في الحقيقة أقلية أقلية وليسوا غالبية كما يزعمون، وهو الأمر نفسه الذي عملوه في العراق حيث أوهموا العالم أن الشيعة أكثر من السنّة وبالتالي من حقهم أن يحكموا العراق.

       ومن طرائف التجنيس في البحرين وهذا خاص بالبحرين أن الذي يتم تجنيسه ليس له الحق في ممارسة الحقوق الديمقراطية من ترشيح وانتخاب إلاّ بعد مرور خمس سنوات، وقد يكون صحيحاً أن كثيراً من المتجنسين لا يهمهم مثل هذه القضايا وبخاصة أنهم يعرفون أن الانتخابات وصناديق الاقتراح في عالمنا العربي تخضع لفلسفة التسعة والتسعين بالمائة فلذلك حصلوا على هذا الحق أو لا لا يهمهم.بل سمعت من بعض المتجنسين أنهم يريدون أن يحصلوا على عوائد مالية كبيرة تنفعهم إن عادوا إلى بلادهم الأصلية التي قدموا منها.

الجهة التي دعتني إلى البحرين:

       هذه الجهة تسمى (جمعية الصف الإسلامي) وهي حزب سياسي تأسس قبل سنة أو أكثر بقليل، وأبرز من فيها المستشار السياسي وهو عادل جاسم فليفل الذي كان يتولى منصباً مهماً في الأمن العام ورفعت العديد من القضايا ضده بتهمة ممارسة التعذيب ضد بعض المتهمين في نشاطات سياسية والمعروف أن غالبية هؤلاء من الشيعة وقد لمست أن هذا الحزب الإسلامي يعادي الشيعة معاداة كبيرة. كما أن "فليفل" اتهم في قضايا فساد مالي كبير حتى إنه هرب إلى أستراليا ومكث هناك سنة تقريباً حتى حصل على عفو أميري ولكنه لم يعد إلى منصبه في الأمن. كما أن عادل فليفل وعائلته يملكون مجموعة من الفنادق بعضها مؤجر على شركات مختلفة لاستثمارها، وربما للتنصل من النشاطات أو الممارسات التي تتم في هذه الفنادق. وقد عرفت أن الفنادق من فئة أربعة نجوم وأكثر هي المسموح لها أن يكون فيها مراقص وفساد.

         أما مسؤول العلاقات العامة فهو الجندي السابق محمد الكعبي، ويعمل حالياً بالإضافة إلى عمله في الحزب عمله في المقاولات وفي التوظيف.

       من طرائف إقامتي في البحرين أنني كنت أركب سيارة أجرة واتصلت بالبيت وسألت عن فاطمة وتكرر اسم فاطمة أكثر من مرة، فكان هذا مبعث سرور للسائق الذي تعامل معي بطريقة لطيفة حتى كاد أن لا يأخذ الأجرة. وقد زرت في البحرين عدة مكتبات في شارع المعارض الذي يتحول إلى شارع حقير ودنيء في نهاية الأسبوع وقيل لي لا تذهب إليه في نهاية الأسبوع فحمدت الله أن مهمتي تنتهي يوم الأربعاء.

       وفي أثناء زيارة إحدى المكتبات وقعت عيناي على كتاب لإدوارد سعيد عن المثقف والسلطة، وكدت أن لا أشتري الكتاب لأنني كنت مقتنعاً أن العلاقة بين المثقف والسلطة في العالم العربي تحتاج إلى إصلاح جذري، وأن المثقف إما أن يصبح معارضاً سياسياً فينتهي به المطاف وراء القضبان أو يعيش حياة بائسة. ولكني أمسكت بالكتاب وبدأت أقرأ بعض الصفحات فقررت شراءه.

        فكان من العبارات التي شجعتني على شراء الكتاب رفض إدوارد سعيد أي منصب في السلطة الفلسطينية وأنه لم يقبل سوى أن يكون في أحد المجالس أما المناصب فكان لا يريدها، وقد حاول تبرير ذلك أن المثقف الذي يقبل أن يكون في السلطة إنما يفعل ذلك لمكاسب مادية أو وجاهة وهو ليس بحاجة لأن يكون خاضعاً لأي مسؤول في السلطة. وتساءلت إذا كان إدوارد سعيد يعمل في جامعة كولمبيا وهي من قمة الجامعات الأمريكية ويتقاضى راتباً فخماً، كما أن إدوارد سعيد لا يقدم محاضرة أو حديثاً لأي وسيلة إعلام إلاّ مقابل مبلغ محترم، فهو ليس بحاجة إلى السلطة وإنما السلطة بحاجة إليه. أما المثقفون الآخرون الذين يعيشون حياة بائسة فإنهم يتطلعون إلى تحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية.

وبعد أسابيع عثرت على كتيب صغير للأستاذ محمود شاكر (أبو فهر) رحمه الله رحمة واسعة يرفض فكرة العمل في الحكومات ويسخر من الذين يبررون الأمر بأن المثقف إن لم يقبل المنصب فإن غيره سيأخذه، وإن حصول المثقف على المنصب أنه سيقوم بأداء العمل خير قيام وهي أمانه وربما برر لنفسه بما قاله يوسف عليه السلام (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) فقال كل هذه مبررات لا معنى له وتمسك برأيه أن لا يقبل المنصب والوظيفة.

وفكرت في أمري وعدد الكتب التي عندي وتحتاج إلى طباعة أو المركز الذي أديره في الفضاء وأنه بحاجة إلى المال. وفي الحقيقة فأنا أقرب إلى رفض المنصب وحتى عندما تدور الأحاديث بيني وبين زوجي خديجة تصر على أن ألغي هذه الفكرة من رأسي تماماً

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية